(CNN)– المصريون هم فخر العالم الحديث بعد أن نجحوا في إطاحة دكتاتورهم في يناير 2011.. فقد أثبتوا لنا أن صرخة الحرية كونية، وأن هؤلاء العرب والمسلمين لا يختلفون عن بقية الشعوب.

تزايدت الآمال ولكن الحلم الديمقراطي يمثل أمامنا الآن مع هذه التظاهرات المطالبة بإطاحة الرئيس الحالي محمد مرسي.. فهل فات زمن إنقاذ الديمقراطية المصرية؟

من دون شك فإنّ التظاهرات الشعبية هي مؤشر الديمقراطية الصلبة، ولكن تغيير حكومة منتخبة ينبغي أن يتم عبر صناديق الاقتراع، وليس عبر عنف التظاهرات.

حرق مقرات حركة الإخوان المسلمين، ومهاجمة منازل زعمائها، وقتل أنصارها، ليس بأي وجه من الوجوه أسلوباً لمعارضة رئيس منتخب.

وما من شك أيضاً فإنّ للمعارضة العلمانية في مصر ذرائع صلبة في مطالبها، نظراً لما أخفق مرسي في تنفيذه من وعود أطلقها قبل عام.. لقد وعد مرسي بتعيين نائبة رئيس قبطية، ونائبة له أيضاً.Gal.Mohammad-morsy.jpg_-1_-1

والأكثر من ذلك أنه بعث رسائل خاطئة للأقلية المسيحية، زيادة على تجاهله مبدأ العدالة بين الجنسين.

وحرص أنصار مرسي على رفع صور له وهو يؤمّ المصلين في القصر الرئاسي، أكثر من توقيع قرارات تعاون وتنمية.

بالعكس فقد تردت أحوال المعدمين وهو ما استثمرته المعارضة في حشد الملايين في الشوارع.

زرت مصر عدة مرات منذ الثورة، واستمعت للناس من مختلف مشارب المجتمع، وهم يشرحون لماذا يريدون أن يمنحوا مرسي فرصة إضافية.

لقد قالوا إنهم يتفهمون أنّ الأمر يستغرق بعض الوقت لإزالة إرث مبارك الماثل منذ عقود، ولكنهم ليسوا مستعدين للوقوف في طوابير طويلة خارج محطات البنزين، أو للتعود على انقطاع الكهرباء، والموت في حوادث الطرقات، وانحسار السياحة.

كما أن الحكومة أظهرت عدم كفاءة في الكثير من الميادين، ولاسيما عندما قررت زيادة الضرائب تلبية لما تفرضه الشراكة مع صندوق النقد الدولي، ثم إعلان إلغائها على صفحتها على فيسبوك أثناء ظلام الليل الدامس.

والمصريون شعب فخور بنفسه، فلربما يقبل بالتظاهر عبر فيسبوك، ولكنه لا يقبل أن يحكم بواسطته.

لقد اعتادوا على أن يكونوا محكومين من قبل أشخاص يتميزون بفن الخطابة وشخصيات ذات كاريزما على شاكلة جمال عبد الناصر وأنور السادات وحسني مبارك، غير أنّ مرسي مازال بعيداً عن التحكم في خطابه عندما يتحدث إلى جمهور.

كما أنه لم يظهر أنه مسيطر على برنامج حكومته، إذا كان له أصلاً برنامج.

وفي مصر لا تنتهي المجادلات ولا التراشق بالحجج.. ولكن ماذا بعد؟

فجلب الملايين إلى الشوارع أمر مثير للإعجاب، ولكن ذلك ليس استراتيجية لتحسين الحياة، أو خلق حالة استقرار سياسي مطلوبة من أجل إنعاش الاقتصاد.

فالسياح لن يعودوا، ولن يأتي الاستثمار الدولي، مادامت مصر تسيطر على عناوين الأخبار السيئة.

لقد جاء مرسي عبر صناديق الاقتراع، ولا تنبغي تنحيته إلا عبرها، وليس عبر انقلاب أو تظاهرات شعبية.

وإذا كان يتعين على مرسي الاستقالة، فليس في حكم الواضح من سيخلفه، مع مخاوف من نزوع الناس إلى الاعتقاد بأنّ التظاهرات ستكون كفيلة بتغيير الزعماء، كلما قررت مجموعة التظاهر.

بأخطائه كلها ورغم استقالات عدد من وزرائه، مازال مرسي يستحق فرصة إضافية، وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما محقاً عندما لم يدعه إلى الاستقالة، فمزيد من الوقت داخل مكتبه لن يكون مليئاً بأخطاء أكثر مما ارتكبها حتى الآن.

ويتعين أولاً على مساعدي مرسي أن يتوقفوا على معاملة المعارضة بغطرسة واحتقار، ففي عالم مثالي زعماء المعارضة العلمانية هم أكثر مرونة وبناء.

ولكن يتعين عليك أن تخوض المعركة بالجنود الذين هم تحت إمرتك، وليس بجنود ترغب في أن يكونوا معك.

فمرسي يحتاج إلى وجوه مثل محمد البرادعي، وحمدين صباحي، وعبد المنعم أبو الفتوح، وآخرين يجتمعون معه في حلقات متلفزة.

لكن يتعين على المعارضة أيضاً أن تنأى بنفسها عن سياسة حافة الهاوية، لأنها تضر بمصر والمصريين.

ثانياً، يتعين على مرسي أن يتحدث إلى الرأي العام، وأن يلتزم بنص خطابه المكتوب، وأن يكون واضحاً ببرنامج واضح، فذلك وحده من شأنه أن يهدئ المتظاهرين.

عليه أن يعترف بأخطائه السابقة، وأن يطلق وعوداً واقعية لحل مشاكل نقص الوقود، وانقطاع الكهرباء، والتأخر في دسترة البرلمان، والخلافات مع القضاء.

ثالثاً، على القوات المسلحة المصرية أن تكف فوراً عن مغازلة المتظاهرين، ففي أي ديمقراطية يتعامل الجيش مع قيادة مدنية منتخبة، وهي ثقافة مازال جنرالات الجيش المصري يفتقرون إليها.

ومع تنازلات من الرئيس، يتعين على هؤلاء الجنرالات أن يتوقفوا عن تهديده بمهلة أو غيرها.

رابعاً، إذا لم يكن جميع ما سبق ممكناً، يتعين على مرسي أن يدعو إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وأن يجدد شرعيته باستفتاء.

وإذا كانت المعارضة ترغب برئيس جديد، فليظهروا كيف يمكنهم ذلك، ومن المحتمل أن لا تدعم جماعة الإخوان المسلمين مرسي من جديد.

وفي خضم الأزمة المصرية، فإنّ لوم الولايات المتحدة أمر سهل، ولكن من دون شك بدون معنى، وعلى الجميع أن يعلم أن نظرية المؤامرة لا تساعد البلد، فالإعلام والمعارضة والقضاء والجيش، جميعهم عطّلوا مرسي، وليس الولايات المتحدة.

إن الفوضى في مصر هي صنيعة المصريين، والحل مصري أو لا يكون.

شارك الخبر:

شارك برأيك

تعليق واحد

  1. راجل مظلوم , من يوم انتخابة تسلم بلد مهلهله مسلوبة خيراتها ومسروق كل ما فيها والمسكين حاول يشتغل ولكن المؤامرات عليه وعلى البلد لم تهدأ من النظام السابق والفلول والطامعين فى السلطة ومن هم ضد الأسلام والعلمانية …الخ
    طول السنة كل يوم جمعة مليونية بسبب ومن غير سبب , ومظاهرات واحتجاجات وقطع طرق وتعطيل مصالح وبلطجة وسرقة , مما تسبب فى هروب السياح والمثتسمرين ..
    وجايين تحاسبوة معملش حاجة طول السنة!!!!!!
    شعب مضحوك عليه من قبل جبهة خراب مصر

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *