العربية- أكد مراقبون لقناة “العربية” أن الكشف عن وقائع الفساد أسقط النموذج التركي الذي كان يُجرى الترويج له باعتباره نموذجاً شفافاً وديمقراطياً، وقالوا إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ينفرد بالسلطة ولا يتحمل وجود مخالفين له من حوله.
ومن جانبه، قال المحلل السياسي التركي من إسطنبول، مصطفى أوزغان، لبرنامج “بانوراما”، إن “الفساد ظاهرة مستشرية في البلدان الشرقية، وتركيا ليست بعيدة عن هذا”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأميركية لعبت دوراً في الكشف عن وقائع الفساد المتمثلة في علاقات تجارية مع إيران.
وألمح أوزغان إلى أن واشنطن لم تعد تشعر بالارتياح بسبب التباين بين مواقفها ومواقف أنقرة من الربيع العربي، خاصة الملف السوري، خلال السنوات الماضية، وربما أرادت استخدام المعلومات المتوافرة لديها في زعزعة أردوغان.
إلى ذلك، قال الصحافي التركي كمال بياتلي من إسطنبول، إن أردوغان عاقب المسؤولين عن كشف قضايا الفساد بدلاً من محاسبة المتورطين فيها، مشيراً إلى قراراته بإقالة مديري شرطة في مختلف أنحاء البلاد، وحديثه عن وجود دولة داخل الدولة.
وأشار إلى الخلاف بين أردوغان وحليفه الرئيسي المتمثل في جماعة فتح الله كولن، ورغبة رئيس الوزراء التركي في الانفراد بالسلطة، ورفضه لأي خلاف في وجهات النظر، وهو ما حدث من قبل الجماعة في التعامل مع تظاهرات ميدان تقسيم، حيث كانت ترى التعامل معها برفق، وهو ما لم يحتمله طبع أردوغان الحاد.
وذكر بياتلي أن جماعة كولن، وهي جماعة غير مرخصة، ربما تكون لعبت دوراً في تسريب المعلومات عن وقائع الفساد في الحكومة التركية، بعد قرار أردوغان إيقاف دوراتها التعليمية، ومحاولته وقف محاولات تسللها إلى المخابرات والجيش والشرطة والقضاء.
ضربة لقيم الشفافية والديمقراطية
ومن جهة أخرى، أفاد الباحث المصري حسن أبوطالب، من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بأن وقائع الفساد في تركيا ضربت قيم الشفافية والديمقراطية في النموذج التركي.
وأوضح أن شبكة الفساد كانت كبيرة وتشمل مسؤولين كباراً وأولادهم، وتضمنت رشاوى ومحاولة استغلال نفوذ وتدخل في المناقصات العامة للإسكان الحكومي التي تجلب للشركات أرباحاً هائلة.
وقال إن رغبة أردوغان في الانفراد بالسلطة جعلته يغضّ الطرف عن وقائع الفساد من حولته، لرغبته في وجود طبقة تحميه ويتولى حمايتها في الوقت ذاته.
وأوضح أن الصحافة التركية كتبت عن تورّط أردوغان نفسه في التوقيع على وثائق لتسهيل قائع فساد، وربما يكون خوفه وراء محاولة ردع الشرطة التركية عن كشف المزيد عبر موجة من إقالة كبار ضباطها.