عبدالباري عطوان – القدس العربي

اعتبر السيد الاخضر الابراهيمي المبعوث الدولي والعربي التفجيرات التي هزت العاصمة السورية يوم امس الاول، وادت الى سقوط مئة شهيد ومئات الجرحى ‘جريمة حرب’، وطالب بتحقيق دولي مستقل، ونسي السيد الابراهيمي، الذي ينحت مسميات بين الحين والآخر لإضفاء جاذبية صحافية على تصريحاته، ان مجلس الامن الدولي الذي مدد مهمته الفاشلة لستة اشهر اخرى عجز عن اصدار بيان يدين هذه التفجيرات بسبب موقف امريكي معارض لهذه الإدانة.
التفجيرات جريمة حرب ايا كانت الجهة التي تقف خلفها، لان الضحايا ابرياء لا ذنب لهم، يكدحون من اجل توفير لقمة العيش لاطفالهم، ويتوقعون الموت في اي لحظة، سواء بقذائف النظام، او بالسيارات المفخخة التي تستهدف مقراته السياسية او الامنية.
لنكن صرحاء ونقولها بكل الم: لا توجد بارقة امل للخروج من هذا المأزق الدموي، فبعد استشهاد تسعين الف شخص ادركت الاطراف المتورطة ان الحسم العسكري بات مستحيلا، وبدأت ‘تدعي’ البحث عن حل سياسي من خلال حوار برعاية الاطراف الدولية.
لا نعرف كم الف شهيد سيسقط حتى تسلم الاطراف نفسها بأن الحل السياسي نفسه بات مستحيلا ايضا، وان كل حديث عنه هو للاستهلاك الاعلامي، بينما تستمر آلة القتل والدمار بدوران اسرع في هذا البلد المنكوب. فكلا الطرفين السلطة والمعارضة يخدع نفسه والآخرين، من خلال فرض شروط تعجيزية لا يمكن ان يقبل بها الطرف الآخر.
‘ ‘ ‘
الرئيس بشار الاسد قال لوفد اردني زاره انه باق في السلطة ولن يتنحى، وسيخوض الانتخابات الرئاسية القادمة في العام المقبل، وفي المقابل قال بيان صادر عن الائتلاف السوري المعارض ان اي حوار مع النظام يجب ان يكون مشروطا برحيل الاسد والمجموعة المحيطة به. فعن اي حل سياسي يتحدثون؟
تفجيرات امس الاول هي العنوان الابرز للمرحلة المقبلة، فإذا كانت هذه التفجيرات ومثيلاتها استمرت في العراق عشر سنوات، فكم ستستمر في سورية خاصة ان مكونات الأزمة متشابهة، ان لم تكن متطابقة في البلدين.
مجلة ‘الايكونوميست’ البريطانية العريقة جاءت تنبؤاتها بموت سورية كدولة متأخرة جدا، فعملية التدمير المادي والبشري بدأت قبل اشهر، وهي مستمرة، وعلى ايدي ابناء البلد نفسه (مسؤولية النظام اكبر بكثير)، وبتشجيع من قوى خارجية وعربية تريد تفتيت المنطقة بأسرها.
الادارة الامريكية التي قادت الحملة الدبلوماسية لإسقاط النظام تنحّت جانبا، وتراجعت عن كل وعودها وجهودها، لانها لا تريد التضحية بجندي امريكي واحد، او التورط في حرب لا تعرف كيف تخرج منها، او ضمان الانتصار فيها، لكن ضغوطا مكثفة تمارس عليها حاليا لتغيير هذا الموقف، وتقديم اسلحة حديثة ونوعية لفصائل المعارضة المسلحة.
الرئيس اوباما يقاوم هذه الضغوط لسببين: الاول انه انتخب لولاية ثانية من اجل اصلاح البيت الداخلي الامريكي، ولهذا اختار وزيري خارجية ودفاع معارضين للحرب، والثاني لانه يدرك جيدا ان النظام السوري قد لا ينتصر في هذه الحرب ولكنه لن يسقط قريبا او ايامه معدودة مثلما كان يردد في ولايته الاولى.
العدو الأبرز لامريكا ليس نظام الاسد، وانما الجماعات الاسلامية الجهادية، وجبهة النصرة على وجه الخصوص، وهي جماعات تشكل اربعة اخماس المعارضة المسلحة، حسب تقديرات امريكية، هذه الجماعات تريد اطاحة النظام واقامة دولة اسلامية على انقاضه. اوباما لا يريد تكرار سيناريو ليبيا وافرازاته في مالي في الساحل الافريقي، لانه يخشى على اسرائيل اكثر من خشيته على الشعب السوري. وهذا ما يفسر قلقه الدائم على الاسلحة الكيماوية السورية وخشيته من وقوعها في ايدي الجماعات الاسلامية او حزب الله في لبنان.
السيناريو الأخطر ليس تحوّل سورية الى دولة فاشلة مثل ليبيا، سواء ببقاء النظام او زواله، وانما امتداد لهيب الحرب الحالية الى دول الجوار،لبنان والاردن والعراق على وجه الخصوص، وهناك دلائل تؤكد هذا الامتداد الى لبنان باعتباره الحلقة الأضعف.
الجيش السوري الحر هاجم قواعد لحزب الله في القرى اللبنانية المختلطة المحاذية للحدود، كردّ على مساندة الحزب ومناصريه لقوات الرئيس السوري في حربه ضد المعارضة، وهذا التطور، اذا ما توسع، سيشعل فتيل حرب اهلية في لبنان اولا، ثم المنطقة بأسرها.
الحرب الاهلية الطائفية اذا ما امتدت ستحرق المنطقة بأسرها، بما في ذلك تركيا وايران ودول الخليج نفسها التي وضعت كل بيضها في سلة الثورة السورية، واعتقدت ان انتصارها سيتم في غضون اسابيع او اشهر، وهو ما لم يحدث بعد سنتين من اندلاعها.
الصورة مأساوية من اي زاوية نظر اليها المراقب، فالولايات المتحدة تريد من المعارضة السورية المسلحة ان تشكل قوات صحوات على غرار العراق، لمحاربة الجماعات الجهادية قبل محاربة النظام او الاثنين معا، كشرط لتسليحها، وهذا يعني اشعال اكثر من حرب على الارض السورية اولا، ثم حرب اقليمية طائفية ثانيا.
‘ ‘ ‘
المنطقة العربية، وجوارها الاسلامي، مقبلان على مرحلة من الفوضى والحروب الدموية، بسبب التحريض الطائفي وكراهية الآخر، والدعوات الى الثأر والانتقام، في ظل نسيان كامل ومتعمد للتنمية والازدهار الاقتصادي، والمساواة والعدالة والقضاء المستقل التي انطلقت من اجلها ثورات التغيير الديمقراطي في المنطقة.
اسرائيل.. لا احد يتحدث عن اسرائيل هذه الايام، هذا تخريف وجهل وعودة الى الماضي، وجاهلية الستينات، المعيار الطائفي هو الذي يحدد العدو من الصديق.
نحن لا نتحدث هنا عن المسؤول، ولا نتبادل اللوم، قلناها مئة مرة ان النظام يتحمل المسؤولية، ولكننا نتحدث الآن عن مستقبل بلد، عن مستقبل منطقة، عن مصير امة.
مستقبل الدمار والدم هو الوحيد الماثل امامنا، وكلنا مسؤولون عن استمراره، ونتحدى ان يقدم لنا اي احد سيناريو آخر اقل تشاؤما، ولا نقول اكثر تفاؤلا.
Twitter:@abdelbariatwan

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫9 تعليقات

  1. والله كل كلامك مظبوط بس تعبتللي نفسيتي اكتر ما هيي تعبانة من هالاوضاع..
    الله يسترنا بلبنان شو ما يصير بالعالم نحنا بيلحقنا حصة ماشالله دايما محرزة..
    كللو لأنو اللبنانية ما في شي بصير ولو بالصين بدن يحشرو انفهم في ويتخانقو مع بعض كرمال الغريب…. الله يهديناااااااا

    1. و لأنو اللبنانية ما في شي بصير ولو بالصين بدن يحشرو انفهم في ويتخانقو مع بعض كرمال الغريب…. الله يهديناااااااا
      الله يهدي الجميع عم تحكي عن حشر كل الأحزاب انفها بالغرباي كما سميتينا يا مودي ولا بس على بعض الاحزاب البنانيي
      لعلمك كل البنانيين بيقولو سوريا الشقيقة الا انتي اعتبرتينا غرباء ايه صحيح يمكن وقت الشعب طلب شوية حرية وكرامة صرنا غرباء وبقي بشار الشقيق

      1. الهيئة حضرتك فهمتيني غلط أخت ورود…. انا كان حديثي فقط عن اللبنانية وما جبت سيرة عن السوريين أنهم غرب….

        انا عم بنتقد الوضع اللبناني فقط لا غير ومن يوم ما خلقنا صراعاتنا الداخلية بتكون بسبب تدخلنا بمشاكل الآخرين….
        يعني ما تاخدي الحكي شخصي عم بحكي من وجعنا اللبناني ما عرفنا نعيش يومين بلا مشاكل حتى اني ما جبت سيرة لا معارضة ولا نظام ولا بشار…… وشكرا نهى على تفهمك وانا من يللي بيؤمنو بسوريا الكبرى وبلاد الشام مجتمعة….. لكن ظروف هالزمن بتخللي الواحد يحكي بمناطقية هذا ما فرضه الواقع المزري….

  2. و لا تزعلي وروود الشعب اللبناني و السوري وجعهم واحد بس اللبناني معذور إذا طلعت منه كلمه هيك و لا هيك

  3. مودي يا حلوة أنا ما انزعجت صراحة عقد ما إستغربت الكلمة وبعرف انك مو قاصدتيها
    بس عنجد انا ما بحس فرق وحتا لو تدخلت احزاب لبنانية بالشأن السوري هاد شي منيح بس المهم التدخل يكون بلا تميز ولا تحييز وهالشي مستحيل يصير وللصراحة لبنان حتى لو تدخلت رسميا ما رح تحسن تعمل شي لقضيتنا المشكلة مو بس داخلية صراع دول كبرى وفرض وجود
    شكرا نهى يا أحلالالا لبنانية بيروتية بعرفها والله والنعم من كل واحد طيب وين ما كان
    سلام

  4. مقالك هذا يا سيد عبدالباري عطوان من اسوا المقالات التي قراتها , سوداوي مظلم وعبارة عن صف كلام لا يسمن ولا يغني ولايشرح ولايوضح ولا يحلل وليس فيه شيئ جديد .
    ومن قال هلك الناس فهو اهلكهم – بفتح الكاف او ضمها –
    انت لا تعرف حقيقة الوضع في سوريا ولا تعرف مالذي سينجم عنه . ولعبة المجتمع الدولي مكشوفة منذ البداية ولم تنطلي علينا ولكننا لانملك حيالهم شيئا . ونحن من رفضنا تدخل المجتمع الدولي بعد ان كشفنا لعبته وطبعا المجتمع الدولي امتنع عن التدخل ليس بناء على رغبتنا لكنها – الحقارة – .
    الثورة انطلقت سلمية ثم بدات برصاصة وبندقية والان نصف سوريا او اكثر مع الجيش الحر , والمعارك اصبحت على ابواب القصر الرئاسي , يقتلون منا ونقتل منهم والله غالب على امره .
    واعلم يا سيد عبد الباري ان الله اذا اراد نصرة عبده كانت له اعداؤه انصارا . ومن اجمل الجميل ان امريكا وحلفاؤها لم يتدخلوا ولذلك من يقاتل مع الثوار ليس له مطمع في سلطة او مال , وربما لو تدخلت امريكا لكثر الطامعين والمنافقين . امريكا لم تتدخل والسبب الواضح والغير معلن هو حماية حدود اسرائيل ولنفس السبب هذا ستنتهك حدود اسرائيل ومن قلب هذا البلد فنصر الشام هو نصر للاسلام , وربما لو تدخلت امريكا واقامت حكومة موالية وخانعة لعملت بشكل افضل على حماية اسرائيل . ان من لطائف المولى ومن اسرار قوتنا هو عدم تدخل امريكا .
    امريكا تمنع تزويد الثوار بالسلاح وفرضت حظرا على دول الخليج وتركيا بمنع ادخال رصاصة واحدة الى سوريا لكن الثوار سلاحهم ايمانهم والغنائم التي يربحونها بفضل الله واخرها طائرات وصواريخ سكود ,يمنعوننا من التسليح بحجة جبهة النصرة والقاعدة التي يخوفوننا بها دائما او يضعونها حجة لتصرفاتهم , علما ان القاعدة لم تطلق رصاصة واحدة تجاه اسرائيل ولم تقترف اي عمل ضد الامريكا او الغرب ولم تهدد حتى بالكلام امن اسرائيل يوما , لان القاعدة من خرافاتهم المهولة التي لا وجود لها الا في الدعاية والاعلان , اما جبهة النصرة فهي عماد الثورة ولولا الله ثم النصرة لانتهت الثورة من زمان . لان رجال جبهة النصرة ليس لهم مطمع في جاه او سلطان بل هم رجال الله , لا يخافون في الله لومة لائم لا يعرفون الياس ولا الاستسلام .
    ولهذا ستمضي الثورة لتحقيق اهدافها ليس دولة ديمقراطية فقط بل اسلامية ربانية وشوكة بعين كل جاحد كفور .
    في حديثكم عن الوضع السوري كثير من التهويل والتخويف غير المبرر الا لاشاعة الياس والاحباط , تخوفوننا بالوضع العراقي – وماله الوضع العراقي – وتخوفوننا بالحرب الاهلية وتخوفوننا بامتداد الفتيل الى المنطقة باسرها – يعني شو بدكن – نلقي السلاح ؟؟ ما رح نلقي السلاح , بدكن حوار ؟؟ ما في حوار , بدكن تاكلوا هوى وتسكتوا احسن لكم _ الغضب الساطع آت وانا كلي ايمان بلباس القوة آت بجياد الرهبة آت وسنصنع مجدا يليق بنا .

  5. واحد
    الله يسمع منك و يكون تحليلك صح الأيام وحدها ستوضح اين الحق و أين الباطل

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *