هزة في الوسط السياسي اللبناني : العميد اعترف بتعامله مع إسرائيل والتحقيقات

بقي الوسط السياسي اللبناني تحت تأثير «الصدمة» التي أحدثها توقيف القيادي البارز في «التيار الوطني الحر» (يقوده النائب العماد ميشال عون) العميد المتقاعد فايز كرم بتهمة التعامل مع اسرائيل، ولا سيما ان الأخير هو اول «جاسوس سياسي» يتم «اصطياده» في اطار المعركة ضدّ الشبكات المتعاملة مع «الموساد».
وعلى وقع اعتراف كرم، منسق عام محافظة الشمال في «التيار الحر» ومرشحه للانتخابات النيابية في عامي 2005 عن دائرة طرابلس) و2009 (عن دائرة زغرتا)، بتعامله، والتأكد من ان مهماته مع المخابرات الاسرائيلية بدأت قبل العام 2005، تواصلت التحقيقات معه لمعرفة «الممرّ» الذي فتح أمامه باب التعامل وطبيعة المعلومات التي كان يوصلها الى «الموساد»، علماً ان العميد المتقاعد كان شغل مركز رئيس فرع مكافحة الارهاب والتجسّس في الجيش اللبناني أثناء رئاسة العماد عون للحكومة العسكرية الانتقالية العام 1988، وحتى سقوطه في الثالث عشر من اكتوبر 1990.
وفي حين اكد عون في اول تعليق على توقيف القيادي المقرب منه ان مردّ «الصدمة» الى «الشخص» معلناً ان ما حصل لن يؤثر على «التيار»، لفت تشديد «حزب الله» على ان «العلاقات مع «التيار» أعمق من أن تتأثر نتيجة توقيف كرم»، في حين تجنّب خصوم «الجنرال» المواقف الحادة او الاستفزازية اذ أجمعوا على تأكيد أن «لا خيمة فوق رأس العملاء»، داعين في الوقت نفسه الى «عدم التسرع في اطلاق الأحكام وانتظار نتائج التحقيق مع كرم».
وكانت المعلومات عن عملية توقيف «القطب العوني» التي شغلت بيروت منذ يوم اول من امس، اشارت الى ان العماد عون تبلّغ فجر الثلاثاء توقيف كرم من الاجهزة الامنية التي طلبت منه امهالها ساعات معدودة لافادته عن حصيلة التحقيق الاولي معه، كما تم ابلاغ المسؤولين الكبار في الدولة بهذا التطور.
ونقلت صحيفة «النهار» أن «كرم أوقف لدى محاولته مغادرة البلاد عبر مطار رفيق الحريري الدولي، اثر القبض على مقدّم في الجيش قبل أيام بالتهمة عينها (انطوان ابو جودة)»، وان «القيادي في «التيار» كان يحاول الفرار بعدما استدعي للتحقيق، ما شكل الاشارة الى وجود ارتباط بين الضابطين».
وفيما رجّحت تقارير ان يكون هناك متورطون آخرون في الشبكة عينها وان التحقيقات ستتوسع لتشمل مسؤولين عسكريين لبنانيين آخرين قد يكونون تعاونوا مع كرم أثناء خدمته العسكرية أو بعدها، نُقل أن العماد عون تبلّغ ان خمسة من المقربين منه هم قيد الاشتباه، علماً ان وزير الداخلية زياد بارود زار امس البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير، ورُجّح ان يكون موضوع العملاء «ثالثهما».
وعُلم ان فرع المعلومات كان رصد اجراء كرم اتصالات عدة بأرقام يشتبه في أن الاستخبارات الاسرائيلية تستخدمها، قبل أن تساهم اعترافات بعض الموقوفين بتهمة العمالة لاسرائيل في تأكيد شكوك «المعلومات» الذي كثف منذ نحو أسبوعين تركيزه على «الجنرال الزغرتاوي»، من دون ابلاغ اي جهاز أمني آخر الى ان قرر توقيف كرم.
واذ لفتت معلومات الى انه حين تم دهم منزل كرم في زوق مكايل (شمال بيروت)، عثر عناصر فرع المعلومات على جهاز ذكر فايز انه يدير بواسطته عمله في باريس، كما ضُبط جهاز كمبيوتر وهواتف كان يستخدمها، اشارت تقارير صحافية الى انه نتيجة معرفة فرع المعلومات أن عدم اعتراف الموقوف بالعمالة خلال أقل من 36 ساعة سيضطره الى الافراج عنه نتيجة الضغط السياسي، لجأ المحققون بعيد القبض على كرم الى خطوة غير مسبوقة في التحقيق، فعرضوا معظم المعطيات التي بين أيديهم امامه، فاعترف خلال أقل من ربع ساعة، وسط عدم الجزم اذا كانت العلاقة بين فايز والاستخبارات الاسرائيلية بدأت عام 1992 حين دخل الأراضي الاسرائيلية عبر جزين هرباً من الأجهزة الأمنية اللبنانية، أو عام 1982 حين كان يلتقي ضباطاً اسرائيليين في لبنان، أو عندما كان يشارك في دورة تدريبية في الولايات المتحدة، مع ترجيح ان يكون التعامل بدأ خلال الحرب الاهلية (بدأت العام 1975وتوقفت في 1990). علماً ان تقارير اكدت أن علاقته مع الاسرائيليين استمرت خلال وجوده في باريس، ثم تفعلت بعد عودته الى لبنان مع العماد عون العام 2005.
وفي حين اكد كرم أنه كان يلتقي مشغليه في بعض الدول الاوروبية وتحديدا في باريس، نُقل عن العماد عون ان القيادي في تياره الموقوف استفاد من قربه منه ليوطد علاقته ببعض القياديين في «حزب الله» وبمسؤولين سوريين.
وخرج عون امس، عن صمته حيال توقيف كرم، فقال خلال خلوة لهيئة الانتشار في «التيار الوطني الحر»، ان «السقوط في الخيانة هو حالة انسانية ومَن لا يتوقعها يكون ساذجاً وسخيفًا تماماً كالشخص الذي يكون دائماً في حالة خوف، لكن ما يصدمنا هو الشخص»، مذكّرا في هذا السياق بأن «ثلاثة من رُسل السيد المسيح سقطوا في الخيانة».
ودعا الى «الاستمرار في العمل من دون ان تؤثر هذه الحادثة على التيار»، مؤكداً أن «التيار أقوى ولن تؤثر الحادثة على الثقة داخله وبين أفراده»، وقال: «بعد هذه الحادثة نحن أقوى ولا نشكّ ببعضنا بعض، ونتحمّل هذه المواضيع وكأنها جزء من المعركة السياسية ومن الخسائر التي نتكبدّها في اطار هذه المعركة، وهذا الشيء لا يؤثر بثقتنا في أنفسنا وبالآخرين ولا بنظرتنا لبعضنا بعض، التي تبقي هي نفسها ومسيرتنا سوف تستمرّ وسوف نكون اقوى».
واعتبر عضو المجلس السياسي لـ «حزب الله» غالب أبو زينب أن «العميل لا صفة حزبية له ولا دين ولا طائفة ولا مذهب وهو ينتمي فقط الى حزب (العمالة)، مشيرا الى أن «العلاقات مع «التيار الحر» أعمق من أن تتأثر نتيجة توقيف العميد فايز كرم».
وشدد على أن «الاسرائيلي خارق للنسيج اللبناني منذ فترة طويلة»، متوقعاً «حدوث مفاجآت غير سارة ناتجة عن أننا لا نملك الحصانة الكافية للتعاطي مع اسرائيل».
وفميا اكد النائب نبيل نقولا (من كتلة عون) انه «اذا ثبتت تهمة العمالة على كرم فسيخضع لمحاكمة كأيّ عميل آخر، واذا كان مذنباً فلن نغطّي أحداً»، أكد نائب «القوات اللبنانية» انطوان زهرا، «ضرورة عدم التسرع واطلاق الاحكام على توقيف كرم بانتظار نتائج التحقيقات»، متمنيا «ان يكون هناك خطأ ما وألا يكون كرم عميلا لاسرائيل».
واعتبر نائب «حزب الكتائب» ايلي ماروني «أن المتهم بريء حتى تثبت ادانته»، لافتاً الى أنه لا يثق بالتسريبات، لافتاً الى «أن اعتراف العميد كرم بالعمالة وثبوت التهمة عليه لا يدين التيار الحر، باعتبار أنه اذ كان احد الاعضاء عميلاً فهذا لا يعني ان جميع أعضاء الحزب عملاء»، مؤكداً «أن صحة ذلك تخفف من غلواء التطرف عند العماد عون وبالتالي يأخذ في الاعتبار أن ما يصيب غيره يصيبه هو أيضاً، فيخفف من اتهاماته وغلوائه بالغرور بأنه صاحب التيار الوطني الصافي الوحيد في لبنان».
وقال منسق الامانة العامة لقوى «14 مارس» فارس سعيْد: «ما من خيمة فوق رأس أحد حتى للذين يدعون العفة السياسيّة».

عون: سلامة 4 ملايين لبناني أهمّ من العدالة… إذا وُجدت

اكد زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون، أن «أحداً لا يستطيع أن يتهم حزب الله باغتيال الرئيس رفيق الحريري لأنه ليست هناك أي اثبات»، معلناً «سلامة 4 ملايين لبناني أهم بالنسبة الينا من العدالة، اذا كان هناك من عدالة».
الرأي الكويتية