كتب محمد الساعد في صحيفة الحياة:
هل تفلح المحاولات اليائسة من بعض «شباب الإخوان» المسلمين لتجميل وتعويم مواقف قادتهم في حق الدولة السعودية، والمستمرة منذ 25 عاماً.
ولنتكلم بصراحة.. هل ظلمت السعودية جماعة الإخوان المسلمون؟ وهل ما اتخذته من خطوات صارمة كان مبنياً على انفعالات سياسية عابرة سرعان ما تزول، أم أن الجماعة ارتكبت وما زالت ترتكب من الخطايا والجرائم السياسية الفادحة، وهو ما اضطر المملكة إلى اتخاذ أقسى القرارات التي لحقت بمشروع الجماعة منذ تأسيسها وحتى اليوم؟ لا شك أن «الإخوان المسلمون» ارتكبت في حق أمن المملكة ووجودها جملة من الحماقات والمواقف السيئة التي يصعب «تبريرها»، وعقدت تحالفات لا يمكن فهمها إلا أنها موجهة ضدها، كما أنها دعمت إنشاء تنظيم محلي، وهي تعي خطورة ذلك سعودياً، بل ودفعت به إلى العمل على الأرض في أكثر الأوقات حساسيةً وخطراً.
ولنعد قليلاً إلى الوراء لنحكم على مجموعة أحداث سياسية خطرة شهدتها المنطقة، اتخذت فيها الجماعة الإخوانية مواقف مشبوهة في علاقتها مع المملكة، تؤكد صحة ما ذهب إليه السياسي السعودي. ولنبدأ بآخرها، وهو الموقف الصادم للجماعة من التحالف الدولي ضد «داعش». فقد أصدرت الجماعة بيانات متعددة تعبر عن موقفها الاستراتيجي من «التحالف»، هذا الموقف خرج عبر مختلف المستويات في الجماعة، فالمرجع الديني للإخوان يوسف القرضاوي هاجم بقسوة التحالف الدولي واعتبره غير مقبول، ورفض أي مساس بداعش، وهو هنا يعبِّر صراحة عن رأي قمة التنظيم الدولي للإخوان.
كما أثار الواعظ السعودي الدكتور سلمان العودة -القريب من الجماعة- من جانبه موقفاً مشابهاً من الحرب على «داعش»، خص به أميركا تحديداً، التي تتحالف معها السعودية، إضافة إلى حوالى 40 دولة أخرى، مثيراً أسئلة في وجه ذلك التحالف خلط فيها السياسي بالديني.
كما أصدر «إخوان سورية» بياناً يشرحون فيه موقفهم من «التحالف» نأوا فيه بأنفسهم عنه، وانتقدوه بشدة. وهم في موقفهم ذلك لا يختلفون عن شيخهم القرضاوي أبداً، بل يسيرون في ركابه، ويلتزمون بتوجيهاته.
علماً، بأن تنظيم سورية لم يقدم شيئاً يذكر للثورة السورية، فهم كعادتهم يطلقون المواقف «الرخوة»، ليحصدوا النتائج، بينما جماعات الثورة الأخرى هي من أخذت على عاتقها مواجهة تكاليف الحرب الشرسة.
الثاني: هو الموقف المخزي لجماعة الإخوان من الحرب السعودية الحوثية عام 2009، التي أفصحت فيه الجماعة من خلال مرشدها العام في مصر -حينها- مهدي عاكف عن وقوفهم مع الحوثيين، متهمةً السعودية بالتحالف مع الرئيس الشرعي علي عبدالله صالح، ومن ثم بدء الحرب على الحوثيين، وقد أكد عاكف ذلك الموقف في لقاء تلفزيوني، إضافة إلى بيان صادر عن مكتب الإرشاد نشر في الصحف. ثالثاً: الموقف الملتبس للتنظيم من الحرب السعودية على الإرهاب، الذي شرحه الأمير نايف بن عبد العزيز -رحمه الله- في تصريح شهير له مع صحيفة «السياسة» الكويتية، قال فيه: «إن الإرهاب الذي واجهته السعودية خرج من عباءة الإخوان مباشرةً». ولعل وقوف جماعة الإخوان في صف صدام حسين في حربه ضد الكويت والسعودية، كان بداية جرح لم يلتئم، بل زادته الجماعة إيلاماً للشقيقة السعودية التي وقفت معهم في محنتهم الكبرى، فبادلوا كرمها صدوداً وخيانة، وما زالوا على العهد بهم حتى اليوم.
خلاصة الموقف الإخواني هو الاصطفاف دائماً ضد السعودية في كل حرب تخوضها ويتهدد وجودها، بل وتشكيل جبهات مضادة تهيئ الرأي العام -سعودياً وعربياً- ضدها، وتزوير المواقف السياسية السعودية، وتصويرها على أنها معركة بين أهل الإسلام وأهل الكفر، يقفون هم فيها موقف الإسلام، وتقف المملكة في الموقف المضاد.