(CNN) — مع تمدد مقاتلي “الدولة الإسلامية في العراق والشام” – داعش – و سيطرتها على بلدة القائم الحدودية مع سوريا، السبت، ومواصلة زحفها نحو مدن أخرى، ينظر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، في عدد من الخيارات ، لمساعدة الحكومة العراقية في دحر التنظيم، الذي يتلقى دعما من السنة، على ما نقلت مصادر عراقية، ومن بين الخيارات المطروحة، بعيد استبعاد إرسال قوات أمريكية، عمليات جوية لاستهداف المسلحين.
وحول الخيار العسكري ومدى فعالية التدخل الجوي في وقف “داعش”، أستضاف مقدم برنامج “جي بي اس” الذي يقدمه فريد زكريا، على CNN، كارل ميللر، الزميل في مؤسسة بمؤسسة “راند”. ولا تعكس الأجوبة الواردة أدناه، سوى آرائه الشخصية.
هل يمكن استخدام القوى الجوية للتدخل في العراق بمخاطر متدنية على الطائرات والقوات الأمريكية؟
نعم، فالعديد من الطائرات الأمريكية متواجدة بالفعل في المنطقة، تحديدا في قطر، وحاملة الطائرات “جورج بوش” التي دخلت مياه الخليج ، الأسبوع الماضي، بجانب طائرات يمكن نشرها سريعا، كما أن هناك العديد من القواعد البرية المجاورة، التي يمكن من خلالها لطائرات أمريكية، أو طائرات الشركاء، العمل، حال سمحت الدول المضيفة.
الحملة الجوية في ليبيا عام 2011، لم تجد دفاعات جوية، الخسارة الوحيدة كانت لطائرة فقدت جراء عطل ميكانيكي، ودون سقوط خسائر بين قوات التدخل، أما فيما يتعلق بـ”داعش” يبدو تهديد الدفاعات الجوية معدومة، لكن من السذاجة التدخل دون توقع حدوث خسائر على الإطلاق، وفي حال سقوط أي من القوات الجوية بأيدي المسلحين، فمن المتوقع أن تكون النتيجة مثيرة للقشعريرة.
أما التبعات المالية للتدخل الجوي، تبدو معقولة لأن معظم القوات متواجدة بالأصل في المنطقة.. عمليات ليبيا كلفت أمريكا والحلفاء أقل من 3 مليارات دولار في غضون 8 أشهر، وهو مبلغ ضئيل لدى مقارنته بفاتورة الحرب البرية الراهنة في أفغانستان.
إذا.. هل سيكون تدخلا مشابها كما حدث في ليبيا؟
استراتيجيا، التدخل في العراق له قواسم مشتركة بالدور الأمريكي في جنوب فيتنام مطلع سبعينيات القرن الماضي، أو كما في أفغانستان المعاصرة، أو التدخل الفرنسي الأخير في مالي، أكثر منه بعمليات الإطاحة بنظام القذافي في ليبيا، أو حكومة طالبان في أفغانستان، لأنه في هذه الحال أمريكا ستهاجم مسلحين عوضا عن دعمهم.
أما من الناحية التكتيكية، فأن المهام المحددة التي سُيعمل بها لدى التدخل في العراق، ستكون مشابهة بالفعل للحملة الجوية في ليبيا، فالقوى الجوية الغربية أثبتت فعالياتها في وقف قوات القذافي من التقدم نحو المعاقل القوية لثوار وقمع الانتفاضة.. وسحقت قواته العسكرية لتجعل من انتصار الثوار ممكنا، ومع ذلك، لم يؤدي القصف، ووفق التصورات المتفائلة للبعض، في إحكام الخناق على القذافي لدفعه للاستسلام أو التنحي.
كيف يمكن استخدام الغطاء الجوي الأمريكي في العراق؟
أول اهدافه وقف تقدم “داعش” بقصف القوات الزاحفة نحو بغداد أو أي مدن أخرى، حتى تلك التي لا يسيطرون عليها، بجانب أهداف أخرى تشل قدرات المسلحين القتالية، ومن ثم تستخدم طلعات جوية تجسسية، أو الغارات، لدعم هجمات قوات الأمن العراق المضادة، لدحر المليشيات عن المناطق التي سيطروا عليها مؤخرا..
في مواجهة القوى الجوية الأمريكية ليس أمام “داعش” خيار سوى تفرق مقاتليها أو الاختباء للتمويه وتقليل إمكانية استهدافهم، وهذا بحد ذاته سيقلص من قدرات المسلحين على القتال على الأرض.
كما شهدنا في ليبيا ونزاعات مسلحة أخرى، إيجاد وتحديد الأهداف يعتبر التحدي الأساسي، ففي حالة “داعش” وحلفائها، فأن قواتهم غير النظامية لا يمكن تمييزها بسهولة، الاستعانة، حتى بعدد قليل من المستشارين الغربيين، للعمل كضابط اتصال بين الأهداف والقوى الجوية والقوات الصديقة على الأرض، سيكون ذا جدوى كبرى، وربما ضروري في سيناريو العراق.
هل القوى الجوية وحدها كفيلة بتحقيق الأهداف الأمريكية في العراق؟
أي نجاح عسكري لتدخل جوي في العراق يعتمد في المقام الأول على القوات البرية التي تقاتل “داعش”، القصف قد يساعد بقدر كبير، لإعطاء القوات العراقية اليد العليا وتقديم الدعم النفسي لهم للثبات والقتال، إلى أنه إذا لم تكن لهم القدرة أو الرغبة في الاستفادة من الدعم، وإلا أنه سيعتبر جهدا مهدورا.
القوة الجوية أداة فعالة لتغيير مجرى الحروب، ولكن كما أظهرت التجربة في ليبيا، تشكيل المستقبل في ما بعد النزاعات يعني ترسيخ النفوذ على الأرض وتكريس جهد مستدام لمشاكل غالبا ما تكون صعبة لإرساء الاستقرار بعد الحرب.