هل يمكن أن يقود سوريا مناف طلاس؟

 “بشار هو الرئيس أو نحرق البلاد” هذه هي الرسالة التهديدية التي عثر عليها في منازل محترقة ومدمرة من قبل القوات الموالية للأسد وهي تشعل نيران القصف والمدفعية في مختلف أرجاء سوريا، ووفق ما نشره موقع “سلايت” فالكتابة على الجدران غالبا ما تكون من صنع الشبيحة وهي ميليشيا علوية تدعم الاسد، وذكر الموقع انه بعد أيام من حصار حلب، ينشر بشار الأسد الرسالة نفسها في العاصمة الاقتصادية لسوريا وأكبر مدنها، هذا وكانت قد تتدفقت قوافل من قوات النظام لدك حلب المحاصرة، بينما تقصف طائرات سلاح الجو وطائرات الهليكوبتر الأحياء التي يسيطر عليها الثوار، وفي هذا السياق تفاخر صحيفة الوطن وهي صحيفة موالية للنظام بالقول:” حلب ستكون المعركة الاخيرة التي سيشنها الجيش السوري للقضاء على الارهابيين وبعدها ستخرج سوريا من ازمتها”.
وفي سياق متصل، اكد موقع “سلايت” ان المعارضة واثقة بدورها من الانتصار، اذ لديها مخزون كافي من الذخائر واللوازم الطبية، كما انها طلبت تعزيزات من كتائب مسلحة عبر شمال سوريا، وحصلت على دعم من بعض الدول مثل تونس، ليبيا ومصر، وذكر الموقع ان معركة حلب تشكل لحظة حاسمة في الحرب الاهلية السورية في الوقت الذي يستكمل فيه الجيش السوري الهجومه العسكري على المدينة
واشار الموقع الى ان بعض الضربات الأكثر ايلاما لنظام الأسد قد أتت بعيدا عن ساحة المعركة، ففي الأشهر الأخيرة، عانى الأسد من حركة انشقاق تتزايد يوما بعد يوم على مستوى الدوائر السياسية والدبلوماسية والعسكرية للحكم، وقد تكون أكثرها أهمية انشقاق الجنرال مناف طلاس، صديق بشار الأسد سابقا، والذي تريطه علاقات مؤثرة بكبار قادة العسكر ومجموعات من الشخصيات الهامة في الطائفة العلوية.

وصحيح أن العميد طلاس انشق متأخرا (في 6 حزيران/ يونيو 2012) ولكن التوقيت قد يكون مثاليا، تزامنا مع مسارعة الحكومات العربية والغربية لوضع استراتيجية انتقالية في سوريا لمرحلة ما بعد الأسد.
وعلى ما يبدو أن طلاس مدعوم من قبل المملكة العربية السعودية، ووفق صحيفة “وول ستريت جورنال”، فان المسؤولين الأميركيين ناقشوا مع حكومات الشرق الاوسط قضية وضع طلاس في “مركز عملية الانتقال السياسي”، وفي هذا الاطار، يقول “سلمان الشيخ”، مدير مركز بروكينغز في الدوحة “انهم يهرولون ( في اشارة الى الجهات الغربية) وقد اختاروا الرجل الخطأ مع خلفية وتاريخ مشكوك فيهما”، وهذا لن يسهل عليه عملية اقناع الجيش الحر والقادة الميدانيين بضرورة التوحد.
واوضح الموقع ان عائلة طلاس لديها علاقات طويلة ودراية بآل الأسد، فوزير الدفاع السابق مصطفى طلاس وهو والد مناف، كان جزءا من الحرس القديم المخيف الذي خدم الاسد على مدى عقود، وساعد في ترتيب انتقال سلس للسلطة عندما ورث بشار الاسد الرئاسة عن والده في العام 2000، هذا وهناك عدة عوامل تجعل من طلاس الشاب خيارا جذابا، فهو مسلم سني، لديه علاقات وثيقة مع الغرب وتحديدا فرنسا، فشقيقته من الاثرياء في باريس، وهي متزوجة من رجل اعمال سعودي، وبالتالي ليس هناك شك في أن مناف طلاس هو خيار المملكة العربية السعودية للقيام بدور بارز في السلطة السورية القادمة.
ويشير الموقع الى ان أول خطاب لطلاس بعد انشقاقه كان على قناة العربية السعودية، هذا ويبدو أن المملكة العربية السعودية تدعم طلاس من خلال حملة اعلامية رفيعة المستوى تهدف الى تقديمه لجمهور أوسع، بما في ذلك الأنظمة الأخرى في المنطقة والمعارضة السورية في المنفى.
وفي السياق نفسه، زار طلاس مكة المكرمة في رحلة مفاجئة أواخر حزيران/ يونيو الماضي، وبعدها قدم عرضه ليصبح الشخصية الرئيسة في المرحلة الانتقالية بعد انهيار النظام السوري، كما انه اجرى مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط، المدعومة من قبل المملكة العربية السعودية.
ووفق عمرو العظم، وهو أستاذ سوري بجامعة شوني في ولاية أوهايو ان كل بيان أصدره طلاس منذ انشقاقه صاغه أو صيغ له بعناية، وتم تصميم كلماته بوضوح بهدف “حجز مقعد له في أي هيئة انتقالية” تحتفظ ببعض المحسوبين على نظام الأسد سابقا.
وفي هذا السياق صرح طلاس في حديث لصحيفة الشرق الأوسط: “هناك العديد من الاشخاص في النظام لم تلطخ أيديهم بالدماء”، وأضاف في أول مقابلة له نشرت: “لا يجب ان يتم نبذهم، نحن بحاجة الى حماية مؤسساتنا الوطنية، فضلا عن سوريا الدولة”، وبهذا فان تصريحاته تعكس أمل العواصم الغربية في أن مؤسسات الدولة السورية ستبقى على حالها، لتجنب تكرار الفوضى التي أعقبت انهيار النظام العراقي في عام 2003.
الا ان حديث طلاس ورصيده السياسي لا يمكن التعويل عليهما اذا تم رفضه من قادة الثوار الميدانيين، وبالعودة الى عمرو العظم فيقول بهذا الصدد ان “دعم طلاس الخارجي يمكن أن يكون حاسما”، واضاف قائلا:” اذا كنت قادرا على توفير الأسلحة والأموال، سوف تكسب قوة الدفع على الأرض… وسوف تترجمه الى قوة سياسية، اذا لم يحدث هذا مباشرة، فانه سيترجم بعد فترة وجيزة”.
واوضح الموقع ان السعودية هي واحدة من دول الخليج التي نقلت الأسلحة الى بعض مقاتلي الثوار، كما أن امدادات معتبرة من الأسلحة والأموال من الجنرال السابق المنشق يمكن أن تشكل نقطة بيع قوية لطلاس.
واشار الموقع الى ان تصريحات طلاس وظهوره في وسائل الاعلام السعودية، اثارت جدلا واسعا بين السوريين، فالبعض حاول التذكير عبر فايسبوك ان اسرة طلاس هي جزء من نظام الاسد الفاسد، وينقسم الرأي العام داخل سوريا وخارجها، عما اذا كان بوسع الاسد الصمود في الاسابيع والاشهر المقبلة، ويعتبر البعض ان مجرد التفكير في مسألة ان يكون طلاس زعيما للمعارضة في المستقبل يعكس بوضوح الخيارات الضئيلة امام البلاد، وذكر الموقع ان العاواصم الاجنبية تتسابق لبسط سلطة انتقالية لمواكبة وتيرة القتال، والتي تسارعت بشكل كبير في الاسابيع الاخيرة.
ويختم الموقع بالقول ان المجلس الوطني السوري، الذي من المفترض ان يمثل المعارضة السورية، فشل في توحيد او تقديم خارطة طريقة لمستقبل سوريا، وصعود نجم طلاس يعكس الامل في ان تكون هناك شخصيات قادرة على الوقوف على الحياد والدعوة الى المصالحة الوطنية بعد الانتهاء من القتال، ولكن مع تصاعد وتيرة الحرب الاهلية في سوريا، فمن الصعب ان يتمكن اي سوري من سد الفجوة بين الاطراف المتنازعة.