كتب فيصل القاسم في القدس العربي:

لاحظنا في الأونة الأخيرة أن محور ‘الممانعة والمقاومة’ نسي شعاره التاريخي تماماً، فلم نعد نسمع تلك العنتريات القديمة، التي تهدد بمحو إسرائيل عن الخارطة، أو بمواجهة ‘الشيطان الأكبر’ وتكسير أنفه.
اختفى هذا الخطاب العنتري تماماً، لا بل إن الخطاب الممانع أصبح يتماهى بطريقة مدهشة مع الخطاب الامبريالي المناهض للإرهاب، فلو قارنت الخطاب الأمريكي، الذي يحتل الساحة منذ سنوات بالخطاب السوري والإيراني والحزب اللاتي والعراقي، لوجدت أن لا فرق أبداً بين الخطابين، فقد غدت نغمة ‘مكافحة الإرهاب’ واحدة في واشنطن وطهران ودمشق وبيروت وبغداد.
وكلنا سمع زعيم حزب الله وهو يتوعد االإرهابيين التكفيريينب في سوريا بالويل والثبور وعظائم الأمور. ولا شك أن مثل ذلك التصريح نزل برداً وسلاماً على سكان البيت الأبيض، فأومأوا له بأن يمر، ويسير على بركة الله. لم نسمع اعتراضاً أمريكياً واحداً على تدخل حزب الله الصارخ في سوريا. وكيف تعترض واشنطن، والحزب يصرح على رؤوس الأشهاد بأنه أصبح رأس حربة في المشروع الأمريكي، الذي يتصدى للإرهاب والإرهابيين في العالم.
وفي طهران اختفت الشعارات العالية ضد االشيطان الأكبر’، لتحل محلها شعارات معادية جداً ‘للتكفيريين والإرهابيينب الملاعين. فجأة أصبحت إيران حاملة الشعار الأمريكي نفسه ذائع الصيت. وحدث ولا حرج عن نوري المالكي في العراق، الذي ما أن حمل سيفه، وهجم على االإرهابيينب في صحارى العراق حتى انهالت عليه كل أنواع الأسلحة الأمريكية الحديثة لمساعدته في ملاحقة االإرهابيينب ونسفهم عن بكرة أبيهم.
أما في سوريا، فقد أصبح ‘الإرهاب’ النغمة الأكثر سماعاً في الخطابين السياسي والإعلامي السوري على مدى الشهور الماضية. وقد غدت محاربة الإرهاب على الطريقة الأمريكية الشغل الشاغل للقيادة السورية.
وقد وصل الأمر بالرئيس السوري إلى التأكيد على أن مؤتمر جنيف الثاني يجب أن يتناسى المسألة السورية برمتها، ويركز على ضرورة مكافحة الإرهاب في سوريا والعالم. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن النظام السوري معروف تاريخياً بعلاقاته الوطيدة مع أمريكا والغرب عموماً في محاربة الإرهاب. وقد كانت واشنطن ترسل له الكثير من المتهمين بالإرهاب للتحقيق معهم وتعذيبهم في السجون السورية، لأن القوانين الأمريكية تمنع التعذيب على الأرض الأمريكية.
أضف إلى ذلك أن وكالات الاستخبارات الغربية ظلت على اتصال بالمخابرات السورية في هذا الشأن حتى في عز العقوبات الغربية المفروضة على سوريا. وتتفاخر وسائل الإعلام السورية، وتتغنى، لا بل ترقص فرحاً في الآونة الأخيرة وهي تهلل، وتطبل، وتزمر للاتصالات الكثيرة التي يتلقاها اللواء علي مملوك مدير الأمن الوطني في سوريا من نظرائه الأوروبيين في ما يخص محاربة ‘الإرهاب’.
هل يا ترى كانت ‘الممانعة والمقاومة’ مجرد مهمة أوعزت بها أمريكا إلى حلف ‘المقاومين والممانعين’ أن يقوموا بها على مدى العقود الماضية للضحك على شعوبهم ولترسيخ أنظمة حكمهم بموجبها، وقد آن الأوان الآن لاستبدالها بمهمة أخرى بعد أن انفضح أمرها، ولم تعد قابلة للتداول في بورصة السياسات والعنتريات والأكاذيب الدولية؟ الله وأعلم!
وفي هذا السياق أريد أن أنقل حرفياً رسالة لكاتب سوري يكتب باسم ‘حسان السوري’ يوجهها لبشار الأسد حول هذا الانتقال التاريخي من مرحلة ‘المقاومة والممانعة’ إلى حقبة محاربة ‘الإرهاب’: ‘تقول يا سيادة الرئيس إنك تحارب الإرهاب، وهذه الحرب تحتاج لوقت طويل.. يعني سيادة الرئيس: كم سيطول هذا الوقت؟ وكم ولاية تريد أن تجدد لنفسك بحجة الوقت الطويل، الذي تحتاجه للقضاء على الإرهاب؟ قبل هذه المرة حكمتمونا ثلاثاً وأربعين سنة بحجة محاربة إسرائيل، واستعادة فلسطين، وتوحيد العرب، والتصدي للمشروع الصهيوني – الامريكي في المنطقة، واستعادة الجولان الحبيب، فكانت النتيجة صمتاً كاملاً استمر ثلاثاً وأربعين سنةً عاشت فيها إسرائيل أزهى عصورها، ومسحت الأرض بكرامة السيادة الوطنية، واخترقت الأجواء السورية لعديد المرات، وقصفت سوريا مراراً، لا بل كانت الطائرات الإسرائيلية تحلق فوق قصركم كالعصافير، وأنتم كالزوج المخدوع: آخر من يعلم. ولم نسمع منكم إلا التنديد، والاحتفاظ بحق الرد، بينما جيشكم الباسل جاهز لتدمير سورية إذا ظن أن فيها معارضاً أعزل، أو تلميذاً مشاغباً! لماذا تتحولون سيادة الرئيس إلى حمل وديع عندما تهاجمنا إسرائيل، بينما تمحون مدناً عن خارطة سوريا بوحشيتكم النازية عندما تطالب فقط بزيادة جرعة أوكسجين الحرية؟
أما فلسطين، التي وعدتم باسترجاعها، سيادة الرئيس، فزادت سيطرة المحتل الإسرائيلي على أراضيها خلال الثلاثة وأربعين عاماً. أليست فلسطين بالنسبة لكم مجرد مكياج تضعونه فوق وجوهكم، عندما تريدون تمثيل دور عروبي، أو ستر فضيحة من فضائحكم، أو تحويل هزيمة لحقت بكم الى نصر مبين، فتضعون مكياج فلسطين للحظات، وتقفون على المسرح للضحك على الشعوب، ثم تسارعون لإزالته فور انتهائكم منه؟ هل شاهدت يا سيادة الرئيس صور الجوعى والمحاصرين في مخيم اليرموك الفلسطيني في ‘قلب العروبة النابض’، دمشق’؟!
ولا ننسى نكتة توحيد العرب، فنشكركم على تفريق الشعب السوري الى تسعمائة ألف وستمائة وخمسين طائفة وملة وفصيل وشرذمة ومذهب، فما بالك بتوحيد العرب.
أين تصديكم للمشروع الصهيو- أمريكي، فحيائي يمنعني من ذكر التسهيلات التي قدمتموها لهم لإتمام مشروعهم بمنتهى الإخلاص. أما الجولان، فلو استعدت سنتمتراً واحداً منه على مدى ثلاثة وأربعين عاماً لكنت أول من يرفع لك القبعة.
ثلاث وأربعون سنة كانت أسوأ حقبة عرفتها سوريا. أين مشروعكم القومي؟ أرجوكم أن تنهوا هذه المهزلة، وصارحونا بأنكم تحكموننا بالقهر، كما صارح سيف الإسلام القذافي شعبه، حين قال:’ لو أردنا ان نجري انتخابات لفزنا بنسبة مائة وعشرين بالمائة. لا داعي للانتخابات المزورة، فنحن نحكمكم بقوة السلاح’.
إنها صراحة قذرة.. صحيح، ولكنها أشرف مليون مرة من المتاجرة بالشعارات، التي تخرج منكم طيلة ثلاثة وأربعين عاماً.
هل مطلوب منا الآن، سيادة الرئيس، بعد أن نزعتم قناع االمقاومة والممانعةب أن نعاني عقوداً أخرى من القهر والقمع والطغيان بحجة محاربة الإرهاب؟ وأخيراً: كيف للإرهابي أن يدعي محاربة الإرهاب؟ هل شاهدتم آلاف صور التعذيب المسربة من سجونكم لآلاف السجناء الوطنيين؟ ألم تصفها وسائل الإعلام العالمية بـبالهولوكوست السوريب؟

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫11 تعليق

  1. من صور المقاومة والممانعه اقتحام الجيش السوري البطل حامي الحمى منزل فيصل القاسم في السويداء .. ورفع العلم السوري فوقه .. نعم لقد فعلوها الرجال واحتلوا البيت الفارغ .. كلنا فخر بكم أيها الابطال .. لقد رفعتم رؤوسنا عالياً حتى ناطحنا السحاب ..!!

  2. رحــم الله سيدنا عــمــر بـن الــخــطــاب رضي الله عنه و ارضاه…..
    ……
    كـان يـقـول لـبـطـنـه إذا قـرقـر مـن الـجـوع وهـو عـلـى الـمـنـبـر
    ……
    ( قـرقـري أو لا تـقـرقـري والله لا تـشـبـعـي حـتـى يـشـبـع أطـفـال الـمـسـلـمـيـن )
    ……
    أيــن نــحــن مــنــك يــا آميــــــــر الـــؤمنيــــن عمـــر الــفــاروق

  3. سورية موجوعة
    ….
    وَالكَافِرونَ عَلى بابِ العُهرِ يَعْتَكِفوا ..
    أمّاهُ لا تَحْزَني ..
    جفّفي دَمْعكِ المَسْكوبْ
    واغْسِلي الدّم المصلوبْ
    إنّ السّاقطينَ على أحْزانِنا زَحَفوا ..
    مَرّوا عَبْرَ ذَاكِرتنا الوَحيدة واخْتَلَفوا ..
    سَرَقوا مِنّا لَحْن الطّفولة
    وَعنْدما كَبرنا عَلى أوْجاعنا عَزفوا
    خُذوا أفْراحنا .. خُذوا أرْواحنا
    وَاتْركوا لَنا الأرض وانْصَرِفوا ..
    وانْصَرفوا ..وانْصَرِفوا

  4. …..
    …..
    المفاعل النووي الإعلامي أخطر بكثير من النووي الحقيقي، لأن الأول ممكن وسهل الاستخدام والتأثير، بينما الثاني للردع فقط……و هذا ما يحاول النظام فعله مع الدكتور فيصل القاسم لان قلمه و صوته … اصبح كالشوكة بحلقهم… و الدليل استلائهم على منزله و سرق كل محتوياته ….
    لكن مهما طال الظلم فلا و لن يخمد الحق و سوف يزهق الباطل ولو كره البشاريون….لان ناصر للحق و لو بعد حين.

  5. تصحيح= لان الله ناصر للحق و لو بعد حين
    …..
    اللهم ارحم السوريين و كل المستضعفين من عبادك و سلط غضبك و سخطك على القوم الظالمين …. و اجعل كيد الفجار القتلة في نحورهم …و ارنا فيهم عجائب قدرتك …انك على كل شيء قدير
    امين
    امين
    امين

  6. صدقت يافيصل القاسم….في زمن الدجاليين… الموووووووومانعين
    اللا…ممانعين!!! ؟

  7. تقول يا سيادة الرئيس إنك تحارب الإرهاب، وهذه الحرب تحتاج لوقت طويل.. يعني سيادة الرئيس: كم سيطول هذا الوقت؟ وكم ولاية تريد أن تجدد لنفسك بحجة الوقت الطويل، الذي تحتاجه للقضاء على الإرهاب؟ قبل هذه المرة حكمتمونا ثلاثاً وأربعين سنة بحجة محاربة إسرائيل، واستعادة فلسطين، وتوحيد العرب، والتصدي للمشروع الصهيوني – الامريكي في المنطقة، واستعادة الجولان الحبيب، فكانت النتيجة صمتاً كاملاً استمر ثلاثاً وأربعين سنةً عاشت فيها إسرائيل أزهى عصورها، ومسحت الأرض بكرامة السيادة الوطنية، واخترقت الأجواء السورية لعديد المرات، وقصفت سوريا مراراً، لا بل كانت الطائرات الإسرائيلية تحلق فوق قصركم كالعصافير، وأنتم كالزوج المخدوع(: آخر من يعلم. ولم نسمع منكم إلا التنديد، والاحتفاظ بحق الرد، بينما جيشكم الباسل جاهز لتدمير سورية إذا ظن أن فيها( معارضاً أعزل،) أو (تلميذاً مشاغباً)
    ! لماذا تتحولون سيادة الرئيس إلى (((حمل وديع )))عندما تهاجمنا إسرائيل، بينما (((تمحون مدناً )))عن خارطة سوريا بوحشيتكم النازية عندما (((تطالب فقط بزيادة جرعة أوكسجين الحرية)))؟??

  8. أما فلسطين، التي وعدتم باسترجاعها، سيادة الرئيس، فزادت سيطرة المحتل الإسرائيلي على أراضيها خلال الثلاثة وأربعين عاماً. أليست فلسطين بالنسبة لكم مجرد مكياج تضعونه فوق وجوهكم، عندما تريدون تمثيل دور عروبي، أو ستر فضيحة من فضائحكم، أو تحويل هزيمة لحقت بكم الى نصر مبين، فتضعون مكياج فلسطين للحظات، وتقفون على المسرح للضحك على الشعوب، ثم تسارعون لإزالته فور انتهائكم منه؟ هل شاهدت يا سيادة الرئيس صور الجوعى والمحاصرين في مخيم اليرموك الفلسطيني في ‘قلب العروبة النابض’، دمشق’؟!
    ولا ننسى نكتة توحيد العرب،♡ فنشكركم على تفريق الشعب السوري الى تسعمائة ألف وستمائة وخمسين طائفة وملة وفصيل وشرذمة ومذهب، فما بالك بتوحيد العرب.

  9. أين تصديكم للمشروع الصهيو- أمريكي، فحيائي يمنعني من ذكر التسهيلات التي قدمتموها لهم لإتمام مشروعهم بمنتهى الإخلاص. أما الجولان، فلو استعدت سنتمتراً واحداً منه على مدى ثلاثة وأربعين عاماً لكنت أول من يرفع لك القبعة.

  10. ثلاث وأربعون سنة كانت أسوأ حقبة عرفتها سوريا. أين مشروعكم القومي؟ أرجوكم أن تنهوا هذه المهزلة، وصارحونا بأنكم تحكموننا بالقهر، كما صارح سيف الإسلام القذافي شعبه، حين قال:’ لو أردنا ان نجري انتخابات لفزنا بنسبة مائة وعشرين بالمائة. لا داعي للانتخابات المزورة، فنحن نحكمكم بقوة السلاح’.
    إنها صراحة قذرة.. صحيح، ولكنها أشرف مليون مرة من المتاجرة بالشعارات، التي تخرج منكم طيلة ثلاثة وأربعين عاماً.

  11. ثلاث واربعون سنه بحجة الممانعه وحقبة اخرى من الزمن غير معروفة الأجل بحجة القضاء على الأرهاب@ وأخيراً: كيف للإرهابي أن يدعي محاربة الإرهاب؟ هل شاهدتم آلاف صور التعذيب المسربة من سجونكم لآلاف السجناء الوطنيين؟ ألم تصفها وسائل الإعلام العالمية بـبالهولوكوست السوريب؟

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *