كتب مشاري الذايدي في الشرق الأوسط:
الحملة التي يشنها رموز الإسلام المسيس، مع بعض الكتبة القوميين واليساريين، والجيل الجديد من تلاميذهم، على التحالف الدولي الجديد ضد الإرهاب الديني، تذكرنا بنفس أساليب التهويش والتشكيك أيام حرب تحرير الكويت 1991. تلك الأيام تضافر الإخوان، مع بعثيي صدام، وفلسطينيي عرفات، وبقية القوميين، للهجوم المركز على السعودية ودول الخليج، لأنها قررت بناء تحالف دولي تشكل أميركا فيه مركز الثقل العسكري لتحرير الكويت من احتلال صدام.
سعوديا، كان الأنشط هم خطباء التيار الأصولي المسيس، دبّجوا البيانات، وألقوا المحاضرات، التي وترت الجو الداخلي، وزرعت الشكوك، وقالوا إن ما يجري احتلال صليبي جديد، وكان الأبرز في ذلك د. سفر الحوالي.
كانت السعودية على صفيح ساخن، وكما قال الملك فهد حينها، إما أن ترجع الكويت لأهلها أو «نروح» كلنا معها. وعلى كل حال من عايش تلك الفترة يعرف عن ماذا نتحدث، ومن لم يعايش فوثائق المرحلة موجودة.
حاليا، قام التحالف الدولي الذي طالما دعت له السعودية مرارا لحرب – ليس «داعش» – فقط كما قال وزير الخارجية السعودي في كلمته الأخيرة بمؤتمر باريس، بل كل الجماعات التي تقتل الناس وتمزق المجتمعات وتستجلب الفوضى والكراهية. ولو استغرق ذلك 10 سنوات من الآن. التحالف استبعدت منه إيران باعتبارها جزءا من المشكلة، وها هو مرشدها خامنئي بعيد خروجه من المستشفى يتذمر من عدم دعوة إيران لمؤتمر باريس ويعلن أن إيران سبق لها رفض عرض أميركي بالحرب ضد «داعش»، وهذا زيف، ففي سبتمبر (أيلول) الحالي نفت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية أي طلب للتعاون مع إيران قائلة «ولا نية لنا في القيام بذلك».
نفس غضب إيران هذا يعتمل في صدر شيخ الإخوان يوسف القرضاوي، فقد قال إنه لا يرضى أن تقاتل الولايات المتحدة تنظيم «داعش»، لأنه لا يقبل «أبدا أن تكون من تحاربهم أميركا»، حسب صفحته بتويتر. ومثله قال زميله في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، د. سلمان العودة بتويتر أيضا متسائلا: «هل أميركا مخولة بتحديد معنى الاعتدال؟».
لكن القرضاوي والعودة لم يبديا هذا التحفظ والتشكيك حين غزت طائرات الناتو وصواريخ كروز الأميركية ليبيا، لفائدة حلفاء القرضاوي هناك كالغرياني وبلحاج والبقية. بل إن القرضاوي – والمقطع على يوتيوب – أجاز الاستعانة بالناتو «الكفار» ضد القذافي. وفي سوريا لما كان الشيخ يتوهم أن إخوانه هناك هم من سيخلف الأسد أجاز في تصريحات لـ«فاينانشيال تايمز» البريطانية (ديسمبر/كانون الأول 2011) أن يطلب السوريون تدخل «الناتو».
ومما يدل على مدى الإحراج الذي أوقع فيه القرضاوي جماعته ما أبداه زميله الشنقيطي محمد الحسن ولد الددو – لاحقا – مع فضائية «المرابطين»، من اختلاف مع شيخه في فتوى الناتو وليبيا، لكن سبق السيف العذل.
التحالف متضرر منه «داعش» و«النصرة» وإيران والأسد، والإخوان، مستفيد منه قوى الاستقرار في المنطقة، وفي سوريا المعارضة «الوطنية» المعتدلة.
من هنا تفهم الأمور، ولا يمدح أو يقدح في شيء، إلا من غنم منه أو غرم..