أصبحت الخطوط الجوية الإيرانية وشركات الطيران الإيرانية الأخرى في مرمى العقوبات الدولية المشددة، حيث تقترب من التوقف عن العمل في ظل أوضاعها المالية الصعبة التي تأثرت بالعقوبات المالية والنفطية على البلاد.
وتأتي الأوضاع الصعبة لشركة الخطوط الجوية الإيرانية والتي تهدد وجودها واستمرارها في العمل، على الرغم من أنها صمدت لأكثر من عشرين عاماً وهي خاضعة لعقوبات أمريكية تحظر عليها شراء الطائرات الجديدة أو شراء قطع غيار الطائرات التي لديها، إلا أن أزمة الوقود وأزمة السيولة التي تعاني منها الشركة حالياً هي التي تمثل التهديد الأكبر لوجودها.
وقالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إن وزارة النفط الإيرانية رفعت مؤخراً أسعار وقود الطائرات بثلاثة أضعاف ونصف عما كان عليه سابقاً، وهو ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار تذاكر الطيران بالنسبة للرحلات الداخلية والرحلات الدولية على حد سواء.
وبحسب الصحيفة فقد رفضت وزارة النفط الشهر الماضي تزويد الخطوط الجوية الإيرانية بالوقود اللازم لها لحين تسديد المبالغ المستحقة عليها والتي تتجاوز 7 تريليونات ريال إيراني (285 مليون دولار).
وتشير “فايننشال تايمز” إلى أن الخلاف المالي بين وزارة النفط والخطوط الجوية الإيرانية تسبب في توقف الرحلات الداخلية ليوم واحد وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد.
شح العملة الصعبة
ويشكو المسؤولون في شركة الخطوط الإيرانية من أن البنك المركزي لم يعد يزود الشركة بشكل مستمر بالدولار الأمريكي مقابل أسعار شبه مدعومة (24.5 للدولار)، وهي أسعار تزيد عن السعر الرسمي، لكنها أقل من سعر صرف الدولار في السوق المفتوحة، وهو ما أدى بالشركة إلى مواجهة أزمة في العملة الصعبة التي تستخدمها في سداد المبالغ المستحقة عليها للمطارات والشركات الأجنبية.
ويعاني البنك المركزي الإيراني من شح في توافر العملة الصعبة، وخاصة الدولار الأمريكي، وذلك نتيجة العقوبات المالية التي تم تشديدها مؤخراً على إيران، وهي العقوبات التي أدت أيضاً بالشركات إلى مواجهة مصاعب تتعلق بالتحويلات المالية وتتعلق في إجراء المعاملات التجارية في الخارج.
ونقلت “فايننشال تايمز” عن كامبيز باباي نيماتي، وهو المدير العام لشركة “أسيماتي” الإيرانية للطيران والتي تشغل 31 طائرة، وتمثل ثاني أكبر خطوط جوية إيرانية أن شركته تكافح من أجل حل مشكلة توافر السيولة، وكذلك تواجه مشكلة بوجود هوة كبيرة بين التكاليف التي تدفعها والدخل الذي تتلقاه.
وأضاف باباي نيماتي متحدثاً للصحيفة البريطانية: “واحد من الأسباب الرئيسية التي تقف وراء ارتفاع الديون لشركات الطيران الإيرانية هو عدم التجانس بين أسعار التذاكر والتكاليف الفعلية للرحلات، وهو ما أدى إلى زيادة في الحاجة للسيولة مع عدم القدرة على الدفع”.
لكن باباي نيماتي، يبدي تفاؤله بأن كلاً من وزارة النفط الإيرانية وشركات الطيران المحلية يمكنهم العمل سوياً من أجل حل هذه المشاكل قبل أن تؤدي إلى توقف في الرحلات أو في حركة النقل الجوي.
زيادة أسعار التذاكر
وفي محاولة لمساعدة شركات الطيران الإيرانية البالغ عددها 17 شركة، فقد سمحت الحكومة الإيرانية في شهر نوفمبر الماضي لهذه الشركات بزيادة أسعار تذاكر السفر للوجهات الداخلية بنسبة تصل إلى 65%، فيما أتاحت مضاعفة أسعار التذاكر للوجهات الخارجية، أي رفعها بنسب تصل إلى 100%، إلا أن رفع الأسعار لا زال غير كافٍ لتجاوز المشاكل العميقة التي يعاني منها قطاع الطيران الإيراني، سواء مشاكل نقص السيولة أو نقص الإمدادات من العملة الصعبة، أو تدهور سعر صرف العملة المحلية وارتفاع نسب التضخم التي رفعت تكاليف التشغيل بشكل كبير، كما يؤكد المسؤولون في شركات الطيران.
وتواجه إيران أوضاعاً اقتصادية بالغة الصعوبة منذ شددت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من العقوبات النفطية والمالية عليها، حيث انخفضت صادرات البلاد من النفط إلى أدنى مستوى منذ أكثر من عشرين عاماً، كما هوى سعر صرف العملة المحلية بأكثر من 60% وارتفعت نسب التضخم وسجلت أسعار المواد الأساسية أرقاماً قياسية، ما أدى إلى تراجع كبير في الأوضاع المعيشية للسكان.
يقول المثل , من حفر حفرة لاخيه وقع فيها ^_^