ربما أن عالم كرة القدم أو الساحرة المستديرة لن يقف عن حدود السحر، في خلق الشغف العالمي، وتخطاه إلى السحر في تكنولوجيا تصميم وبناء وتشغيل ملاعب كرة القدم، كما هو الحال في ألمانيا.
ومن أحدث الأمثلة على الملاعب الأكثر تطوراً بالعالم، ملعب اليانز أرينا وهو الملعب الرئيس لنادي بايرن ميونخ الألماني، وينفرد هذا الملعب الأيقونة بألوانه الزاهية التي يمكن مشاهدتها على بعد 100 كيلو متر، لكن العلامة الفارقة له هي أرضيته التي تذهل مشاهدها وهي تتحرك كأنها صينية خبز تدخل إلى الفرن.
الأرض تتحرك
وكما يدخل اللاعبون والجمهور إلى المباريات لمشاهدة بايرن ميونخ، تدخل معهم أرضية الملعب المتحركة التي باتت واحدة من عجائب التقدم التكنولوجي، فهي تنسحب عندما يستخدم هذا الملعب لحفلات غنائية أو لأنشطة غير كرة القدم، عبر آليات ضخمة تجرها بشكل مذهل، في حين أن المواصفات الأخرى له لا تقل أهمية مثل السقف المصنوع من ألياف زجاجية يمكن غلقها أو فتحها عند الحاجة.
واستقبل الملعب خلال أسبوع واحد نحو 160 ألف متفرج في 3 فعاليات مختلفة منها مباراة كرة قدم أميركية ومباراة لبايرن ميونخ وحفل موسيقي.
ويتمتع الملعب بمرونة بفضل تصميمه الفريد للسقف الذي يتم غلق نصفيه، والمصنوع من نسيج شفاف من الألياف الزجاجية، التي يستغرق إغلاقها 30 دقيقة ويبلغ امتداد هذا السقف العجيب نحو 4 آلاف متر مربع ويصل وزنه إلى ألفي طن.
ويقول أحد القائمين على الملعب، إنه عندما يقام حفل موسيقي في الملعب نبقي السقف مغلقا ويمكننا حماية التجهيزات التقنية من الأمطار وحماية الجمهور من الشمس.
وتقف وراء هذا السحر العجيب تقنيات فريدة، لتحريك أرضية الملعب، عبر تركيب قضبان فولاذية مغطاة بطبقة التفلون في الأرضية الخرسانية وعليها يتم تحريك الحوض الضخم المغطى بالنجيلة الطبيعية بصورة تكاد تجعل من يشاهدها لا يصدق ما يراه.
بضغطة واحدة
وبضغطة زر واحدة، من يد المسؤولين عن تحريك هذه الأرضية، تتحرك الأعمدة الهيدروليكية وتدور على محور محدد، ويتم أيضا تحريك الأرضية المعشوشبة متراً بعد متر حتى تستقر في المكان المقصود، عن طريق 4 محركات هيدروليكية.
وبشكل عجيب، يجري إدخال الأرضية الثقيلة التي يبلغ وزنها 11 ألف طن خلال 3 ساعات ونصف إلى مكانها في الملعب، وبعد انتهاء المباراة يتم إخراجها ثانية عبر تسلسلات حركية مثيرة للدهشة، شبيهة بحركة الدودة.
وتقوم الأسطوانات الهيدروليكية الأربعة الخاصة بجهاز التحريك البالغ وزنه 8 أطنان بدفع الملعب ليخرج من مكانه. وتواصل العربات دفع الأرضية الضخمة على مراحل طول الواحدة منها 75 سنتمتراً وتتكرر هذه العملية لمسافة تزيد على 180 متراً حتى نقطة النهاية، في المعلب الذي استغرق بناؤه ثلاث سنوات بكلفة 340 مليون يورو، هي الأغلى في ألمانيا.
الإضاءة تتألق
وفي أسفل سقف الملعب يختفي نظام الإضاءة الفريد من نوعه، وخلف الوسائد الهوائية تمتد حول جسم الملعب هياكل مركب عليها 25 ألف مصباح يتألق ضوؤها عبر ألواح زجاجية متجاورة بالأبيض والأحمر والأزرق، وبرنامج يتحكم تغيير ألوان الملعب في أجزاء من الثانية.
ويتمتع مدير تقنيات المبنى بامتياز خاص فهو مخول في استخدام البرنامج من خلال ضغطة واحدة، أو لمسة بسيطة على سطح هاتفه الذكي، ليغير لون الإضاءة بشكل مذهل يمكن من خلاله رسم الأشكال والألوان والعبارات تبعاً للحدث الرياضي، أو للحفل المقام في الملعب.
وتختفي أضواء الملعب المذهلة، تحت وسادات هوائية تغطي، السقف وتتجاوز مساحتها مساحة ملعبي كرة قدم ويمكن رؤية استاد ميونخ في الليالي الصافية من على بعد 100 كيلو متر، بأنواره الزاهية.
أكبر الملاعب
أما ملعب دورتموند الذي يعد هو الآخر، أكبر ملاعب ألمانيا، فإن الهيكل المرتفع له دفع القائمين عليه إلى إسقاط ضوء الشمس إليه من السماء، من خلال تكنولوجيا التشميس الصناعي، وبصورة عجيبة أيضاً.
ويقول فيلي دروسته المسؤول عن مساحة 8 آلاف متر مربع من النجيلة، إن التشميس يجري بمساعدة أجهزة خاصة يمكنها تعويض نقص الشمس وحاليا أصبحت النجيلة تنمو على مدار العام بصورة متواصلة، في الملعب الذي بني قبل حوالي 40 عاماً.
وتقوم عملية التشميس، على منصات ضخمة من الإضاءة المعالجة، التي تسلط على العشب لأوقات محددة تعوضها عن نقص الأشعة الشمسية المباشرة، للمحافظة على نمو نجيلة الملعب.