أتصل مدير المدرسة بولي أمر أحد الطلبة في آخر يوم بموسم الاختبارات ، وطلب لقائه ، وبعد تحديد المكان ، تم الحضور والترحيب والمصافحة ، فسأل المدير : أولاً أعتذر على إزعاجك أخي ، أعتقد أنك دكتور ، هل هذا صحيح ، فأجاب الأب بنعم ، فأكمل المدير ، أني طلبتك لأمر أحببت أن أعرفه حباً لك ولأبنك ، فهل تخبرني لماذا يتهمك بالإرهابي ! ، فلقد فضحك بغرفة المدرسين ، إذ وجدته يهذي مكرراً ” أبي إرهابي ” ، وكأنه يريد منا أن نقاضيك ، فأبتسم الأب ابتسامة صفراء ، وقال : إنها حادثة لا تستحق الذكر ، لكن سأخبرك بها كونك مدير المدرسة وعلمت بالأمر ، ففي الأسبوع الماضي ، وبعد عودتنا من السوق أنا والعائلة ، قررنا شراء عشاء من المطعم كون الأم مشغولة بالمذاكرة مع أبنائها ، فقطعنا مشوار طويل وسط زحمة المدينة إلي منطقة أخرى ، وأثناء دخولنا الحي السكني خلف المطعم ، تفاجأنا بصوت اصطدام أسفل السيارة من الخلف ” طراخ !! ” ، وكأننا دهسنا كرتون أو كيس قمامة ، لكن حدث هذا دون شعور مني ، فتوقفت ونظرت من خلال المرآة ، وإذا خلفنا قطة كبيرة تتـقلب يمنة ويسرى على الأرض ، فعرفنا إننا اصطدمنا بها ، ففتحت زوجتي النافذة وكذلك فعل أبنائي ، ونظروا جميعهم إلي القطة وهي تتدحرج وتصرخ من شدة الألم .
صرخت الأم ، وصرخ الأولاد ، وشحبت وجوههم ، وتباكوا حتى بكوا ، فقلت ” لا تخافوا عليها ، فالقطط ذات سبع أرواح ” ، فقالت ابنتي الكبرى : لكن أبي ، لقد كانت أماً و هي حامل ، والله شاهدت بطنها الكبير ! ، فلم أرد عليها ، ورجعنا البيت ، وطيلة الطريق وأنا أسمع همس بالخلف ” أبي مجرم ، أبي في النار ، أبي قاتل ” وبعد دقائق من دخولنا البيت ، وضعت الأم سفرة العشاء ، لكن لم يمد أحدهم يده ، ولا بلقمة واحدة ، وبدأت أنا بالأكل ، فقلت لهم : هيا ! ماذا حدث لكم ؟ لماذا لا تأكلوا ؟ ، فلم ينبسوا ببنت شفه ، وفجأة صرخت أبنتي ” أنت شرير ! أنت أرهابي ! وهي تبكي ، فرمت بجوالها وهرولت نحو غرفتها ، ثم تبعها أخيها بالصراخ وهكذا فعل الباقي ، وزوجتي تنظر إليّ بغضب .
خرجت بالسيارة بلباسي الداخلي كي أطمئن على القطة الحامل ، وأتصلت بزوجتي أني سأصورها بالجوال كبرهان إنها بخير، حتى وصلت موقع الحادث ، ونزلت من سيارتي ، فوجدت القطة بجانب الطريق وهي تنازع الموت ! وبطنها مفتوح وكرشها يتدلى ، والدماء تسيل منها ، فلم أعرف كيف أتصرف ، فسقطت والله دموعي وأنا أنظر إلي عيونها، وقلت : مالعمل يارب ! ، فرجعت إلي البيت ، وأخبرت زوجتي أن القطة تنازع الموت وبطنها مفتوح ، وليس بيدي حيلة ، فقالت : لماذا لم تأخذها إلي المستشفى ، يقال إن بالمنطقة مستشفى للحيوانات ، فأخبرتها بما رأيت وإنها بحالة مستحيلة ، وإذا بأبنائنا يدخلون علينا ، فلقد كانوا يتنصتون خلف الباب ، فصرخوا : حرام عليك ! حرام ! ، فغضبت وصفعت أبنتي بقوة ! ، وقلت لها : يا غبية ، أنا لست إرهابي ، هذه ليست سوى قطة ، ولم أكن أقصد قتلها ! .
مضت أكثر من ساعة ، ومازلت جالساً بغرفتي لوحدي ، ونفسيّـتي تعبة حتى أني لم أفتح الواتساب كعادتي ، وأنا أحاول النوم ، فلم أستطيع حتى الدخول فيه ، أما بخصوص زوجتي ، فقد بقيت بالصالة لوحدها تشاهد التلفاز ، وكأن حاجزاً قد وقع بيننا ، وفي اليوم التالي ، ذهبوا إلي المدرسة ، وعند عودتهم ، أحسست ان الحزن قد وقع علينا ، وكأن عزاء قد حل بالبيت ! فأبنائي لا يتحدثون معي ، لقد والله أهتز كياننا ، واضطربت نفوسنا ، فذهبت إلي غرفت أبنتي الكبرى ، وقبلت رأسها ، وقلت لها : حبيبتي : سامحيني ، والله لم أكن أقصد ضربك ، لكن اتهامك لي بالإرهاب هو الذي أغضبني ، فأنا دكتور وأعالج الناس ، فكيف تنعتيني بذلك ، فاحتضنتها وبكت ، فتناولنا الغداء بهدوء حذر ، وقبيل المساء ، أتصلت بخالهم كي يصلح الوضع ، فاستوقف المدير كلامي وقال ” كل هذا حدث بسبب القطة ؟ ، فقلت نعم سيدي ، صدقني أني وقبل النوم سألت نفسي ، ” كيف حصل هذا بسرعة ؟ وهل موت القطة يستحق كل هذا الحزن والخصام ؟ ، والله لم أقتلها متعمداً أو متسلياً ، فقد كان خطأ ، فما بال من يقتل إنساناً بدم بارد ! ، فالأخبار مليئة بالقتل والدمار ، وإقصاء الإنسان من الأرض أصبح عادة ، المهم حضر خال اولادي ، وأقنعهم أني لست ملام ، وأني سأدفع مبلغاً للفقراء كدية دم القطة ، وكما ترى يا حضرة المدير ، لقد مر أكثر من أسبوع على الحادثة ، ومازال بعضهم يحمل بعض الشيء في نفسه تجاهي ، وخاصة أبني الصغير ، لذا فضحني أمامكم كما قلت ” أني إرهابي ” ويعلم الله أني إنسان حقيقي ، فأبتسم المدير وغادر .
فوزي صادق / كاتب وروائي سعودي
تويتر : @Fawzisadeq
البريد الإلكتروني : fs.holool@gmail.com
يحصل مرات أن يقتل ليس حيوان بالخطأ بل حتى إنسان قد حضر اجله لو لم يمت بالسيف أو دهسا مات بغيرهما .. لكن صاحبنا في القصة كان عليه السعي لاسعاف القطة المسكينة واكثر حذرا في السياقة ….
المشكلة ليس في قتل الخطأ وان كان محزن انما في تعمده أو عمل عمايل توءدي
لمقتل أبرياء كثورة طغام الشام ومفسديها واكالي السحت تربحا منها !! أو اغوياء طاءفين جهلة يساقون لها كانعام لاتعقل ! لطالما تشفت بمقتل أبرياء تقطيعا بالسيوف. كما حدث مع الشهيد شحاتة في مصر أو اطفال العراق ليس لشيء فقط لأنهم من طائفة إسلامية أخرى شيعة!!!!
ثم ان عندما يحدث ان يقتل طفلا من أهله خطأ يخرج كاشجع ندابة كعادته يدعو بالويل والثبور طالبا من الله ان يقتل أطفال العالم الذين يخالفونه الرأي بما فعله ! متناسيا انه لاتزر وازرة وزر أخرى … طيب الأسد مجرم وأوافق على ذلك فما بالك تدعو على أولاده ؟؟؟ أو أولاد مناصريه يالكع ؟ من يدري ربما الله يخرج منهم صلحاء فهو سبحانه يخرج الحي من الميت
لكن البليد القعيد الناشف الثقيل الغوي المعدد حاسد الرخاء موءكد البلاء عديم الهدى والرجاء ما زال في غيه يعمه .
الموت والحب قد يأتيان فجاءة وعن طريق إلا عمد
وقد لاينفع الحذر في دفع القدر
مهما يكن من سنة الفطرة ان يحذر الناس
وإلا ماذا تقولين انت يا مراقبة نورت الحسناء ؟؟
لأني أرى انه مازلت تتاملين تعليقي السابق ولم تنشريه بعد !!
طرح جميل ..اذكر قبل كم سنه حدثت معنا قصه مشابهه ..باختلاف ان القطه لم ندهسها بل كانت داخل السياره ..دخلت تحتمي من حرارة الشمس وقتلت عند تحريك السياره ..جدا حزنت عليها ..وارينا عليها التراب واخرجنا ديتها ..دية القتل الخطأ لانها في الاخير روح ويجب احترامها…
شكرا لكاتب المقال
القصه جميله جداً وفيها عبره ..
القلوب الرحيمه تحمل الشفقه دائماً حتى لو كان حيوان او نبات …
بزمن فقدت الرحمه والإنسانيه من قلوب البشر..بعض البشر ..
بارك الله بالقلوب الرحيمه .. وبالغاليه اماني ..قرات سلامك بالصفحه السابقه بشكرك حبيبتي ..
شكراً لكاتب الموضوع
وفيك بارك حبيبتي ..الله يسعد قلبك الطيب يالغاليه ..
غلطت الأب انو مظهرش تعاطف كافي للقطة المصابة يشفي غليل الأبناء الصغار النظر من المرءاة و النافذه مش كفاية و لي زاد في طين بله قوله ستكون بخير القطط بسبع ترواح وهم شايفينها تحتضر.
لما الأب قاس كيده لا يضر الامر لو مثلو شوي قدام الأطفال انو متؤتر وتأسف على فعلو و ترجل عن سيارتوليزيحها عن المكان على الرصيف ولم لا يحملها للبيطري لو بالطريق ولو متأكد مافي بيطري يحمل موبايله مفترضا انو يكلم شي واحد يهتم بالأمر المهم من هدشي كلو الأولاد مايفقدوش نظرتهم لبوهم.
شكرًا سعادة الكاتب 🙂
law saret ma3i w ana yalli 2atalet l bsayni kenet dellaytni 3am ebki esbou3 !!!
دخلت لسلم على العزيزة بلو وأماني وكل المحترمين بنورت …إن شالله تكونوا بخير وعافية …ما لقيت غير هالصفحة مناسبة للسلام
الله يسلمك حبيبتي من كل شر ..انا الحمدلله بخير وعافيه ..ان شاءالله تكوني انتي واهلك وعائلتك في احسن حال يارب ..
وتحياتي ايضا للاميره بلو الغاليه ..
كان احسن لك توديها للبيطري حتى وان كانت تحتضر , لكي لا ياتي يوم ويؤنبك فيه ضميرك .
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ..
دخلت لرد السلام على الغاليه والطيبه نور والغاليه اماني ..ام هكار ..عراقيه ..عربيه اصيله ..ميس دنيا..ايتوال ..السنفوره ..اريج ..وآخيراً واولاً الغاليه HANA لانني دائماً اتصبح بها ..
تحياتي لجميع الاخوه والاخوات ..
اتمنى ان تكونوا بخيرجميعاً بإذن الله