بسم الله الرحمن الرحيم .. من الشُبهات التي تُثار كثيراَ ضد الاسلام .. أن الاسلام يُشجّع على الرق والعبودية ..وأن الاسلام قد سمح باسترقاق من يؤسر في الحروب .. وفي بداية الرد على هذه الشُبهة يجب أن نعلم أن هذا الامر كان أمراً عالمياً .. أي أنه كان معمولاً به في كل الدنيا تقريباً قبل ظهور الاسلام وحتى ندرك مدى انتشاره يكفي أن نعلم أن أفلاطون صاحب ” المدينة الفاضلة ” كان يرى أن العبيد لا يجب أن يُعطوا حقوق المواطنة.. وعندما جاء الاسلام وجده امرا واقعاً وكان لابد أن يتعامل معه على هذا الأساس ..!! وبالرغم من ذلك فإن الاسلام يُعتبر المحرر الأول للعبيد والرقيق .. وقد اعتمد الاسلام في ذلك شكلين أساسيين هما : ( تضييق الروافد وتوسيع المنافذ ) ..أي تضييق الروافد التي تّغذيه وتمده .. وتوسيع المنافذ التي تؤدي إلى اعتاق العبيد وتحررهم . وعلى هذا الأساس نفهم قوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم “”” مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنَ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ””[رواه البخاري]. فجعل الاسلام اعتاق العبيد وتحريرهم سبباً من أسباب دخول الجنة .. ولا يخفى على أحد ان ذلك الجيل ، جيل الصحابة كانوا يضحون بالنفس والمال والأهل والولد في سبيل الجنة .. فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يضرب غلاماً له ..ثم دعاه فوجد بظهره أثراً فقال له : هل أوجعتك ؟ فقال الغلام : لا .. فيقول عبد اللع بن عمر : اذهب فأنت عتيق .. ثمَّ أخذ شيئًا من الأرض، فقال: ما لي فيه من الأجر ما يزن هذا، إنِّي سمعتُ رسول الله يقول: “مَنْ ضَرَبَ غُلاَمًا لَهُ حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ، أَوْ لَطَمَهُ؛ فَإِنَّ كَفَّارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ”[رواه مسلم]. ومن توسيع المنافذ أيضاً أن الاسلام قد جعل تحرير العبيد كفّارة لكثير من الذنوب والآثام .. مثل القتل الخطأ والحنث في اليمين والافطار في رمضان عمداً وغير ذلك .. كما جعل كفّارة ضرب العبد هي اعتاقه فقال عليه الصلاة والسلام ” مَنْ ضَرَبَ غُلاَمًا لَهُ حَدًّا لَمْ يَأْتِهِ، أَوْ لَطَمَهُ؛ فَإِنَّ كَفَّارَتَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ”[رواه مسلم]. وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال : كنت أضرب غلاما لي , فسمعت من خلفي صوتا ( اعلم، أبا مسعود! لله أقدر عليك منك عليه) فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله! هو حر لوجه الله , فقال (أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار ) [ رواه مسلم ] بأبي هو وأمي لم يترك الموقف يمر مرور الكرام .. بل قال للصحابي : إن الله قادر عليك أكثر من قدرتك على هذا العبد .. وعندما اعتق ابن مسعود رضي الله عنه العبد .. قال له رسول الله لو لم تعتقه لمستك النار بسبب ضربك إياه .. وقد اوجد الاسلام نظاماً جديداً لم يكن معروفاً من قبل هو نظام ” المُكاتبة ” .. وهو ان يتحرر العبد نظير مبلغ من المال يدفعه لسيده .. وقد اوجب الاسلام إعانة العبد على دفع ذلك المبلغ . أما في الحرب .. فإن نظام الاسترقاق والاسر كان سائداً قبل الاسلام .. فلم يكن من المنطقي أن يأسر الأعداء المسلمين ويسترقوهم .. ويحرر المسلمون أسرى أعدائهم .. بل كان لابد من المعاملة بالمثل .. ومع ذلك فإن للأسر في الحروب في الاسلام نظاماً مختلفاً أيضاً .. فقد اشترط لاعتبار الأسرى أرقاء أن يضرب الامام الرق عليهم .. وفي معاملة الأسير ثلاث حالات : إما أن تتم مبادلتهم مع أسرى مسلمين ( تبادل الأسرى ) .. او قبول الفداء .. أو المن .. أي تحريرهم دون أي مقابل .. وهذا لم يكن موجوداً عند غير المسلمين . وخير ما أختم به هذا الموضوع .. حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم “” إخوانكم خولكم جعلهم اللّه تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم “” [ رواه البخاري ] فرفع منزلة الخادم إلى منزلة الأخ .. خادمك هو أخوك .. فلتلبسه مما تلبس . ولتطعمه مما تأكل .. ولا ترهقه بالأعمال .. فإن فعلت فعليك أن تساعده وتعينه …!! بأبي أنت وامي ما أرحمك وما أعدلك .. والحمدلله على نعمة الاسلام العظيم وكفى بها نعمة ..!!

 

أخوكم .. مــــأمون

شارك الخبر:

شارك برأيك

‫34 تعليق

  1. شكرا مأمون على طرحك للموضوع بهذه البساطة والوضوح والاختصار …
    واحب ان أضيف مثالا على ما سميته انت ( تضييق الروافد )
    قال الله تعالى عن العبيد صراحة *مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ*(الأنفال:68).. أي لا يجوز لنبي أن يأخذ من قوم أسرى وأسيرات قهرًا إلا بعد أن تجري بينه وبين أعدائه حرب دامية.. بمعنى أن لا يجوز للمسلمين أخذ الأسرى من قوم لا يخوضون حربًا ضدهم، وذلك على خلاف ما كان عليه الحال في الحجاز منذ مئات السنين حيث كان أهلها يأخذون الأحباش عبيدًا لهم، أو كما كان أهل العراق يجلبون الناس كعبيد لهم من إيران وروما واليونان والجزر الإيطالية. إن الإسلام لا يجيز هذا الرق، وإنما يجيز أخذ أسرى العدو في الحرب فقط، وذلك أيضًا خلال المعركة فقط.

  2. شكرا اخ مامون
    ان المسالة بسيطة جدا,فان كل من يتهم الاسلام كدين هم لا يعرفون عن الاسلام شئ ولا عن تاريخ الاسلام ورسالة الرسول المصطفى صلوات الله عليه وعلى ال بيته ,فقصة الرسول ص مع بلال الحبشي خير دليل عن الرق الاسلامي ,فما عليهم الا ان يقرائو

  3. فعلا موضوع الرق من اهم الشبهات التي تثار ضد الاسلام.. للاسف فالكثير من الكلام يقال حول هذا الموضوع من اعداء الاسلام… موضوع مهم, بوركت يا مأمون على الطرح والافادة.

  4. موضوع قيم مثل كافة مشاركاتك اخي مأمون
    بارك الله بك وجزاك كل الخير
    يا اصدقاء لاتنسوا تضغطوا على القلب اللي براس الصفحة خليه يصير لونو احمر

  5. جار القمر وجنتل شكراً لكما
    لم استطع الاحاطة بكل جوانب الموضوع .. فخلال بحثي وجدت الكثير جداً من الأحاديث النبوية التي تدعو الى الترغيب في عتق العبيد ومعاملة الخدم بالحسنى .. ولم اكتبها كلها خوفاً من الاطالة ..
    شكراً لكما مجدداً ..!!

  6. قضية هامة جدا طرحتها يا مأمون في هذا الموضوع فاستعمال هذه الجزئية الشائكة على أنها شبهة على غرابته هو امر واقع فعلى الرغم من ان الاسترقاق والاسر كان قبل الاسلام ولم تتنزه عنه أمة من الامم فإنه يستعمل كما لو كان ذلة تلغى بها نزاهة الاسلام والرحمة التي يتضمنها وهذا امر في غاية التجني فكثيرة هي الظروف والجوانب التي لا تتعارض مع الاسلام قبل مجيئه منها الاسر فهل يمكن للحرب ان تخلو من اوراق رابحة تستعمل لكسبها؟(مع الاخذ بعين الاعتبار ان الاسلام راعى الاسير على غير السائر في التعامل ) ولا يعتبر ادانة فالعاقل والمنصف يستوعبه اما الاسترقاق الذي لا يدخل في اطار الاسر من حرب وما شابهها فالنصوص التي اوردتها تبين أن الاسلام قد حاربها ولم يرضها.شكرا مامون موضوع جيد

  7. في عصرنا هذا مازال هناك رق واستعباد فموريتانيا(ولا زلت لا افهم ) مازالت ليومنا هذا تعيش بفكرة بيع وشراء وامتلاك البشر .وهناك وجه آخر للاسف للاستعباد في عالمنا الاسلامي من غير ان ننظر الى من يرميه شبهة مازالوا يعاملون الخادمة معاملة الامة فتضرب وتغتصب وتكوى بالنار.. لمجرد ان اهلها في عوز اجبرها على ان تتغرب من اجل لقمة العيش اليس هذا استرقاقا واستعبادا؟

  8. صحيح يا لبنى ,,,
    بالنسبة للخدم هناك كما ذكرت في الأعلى أحاديث كثيرة على هدي النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في كيفية معاملتهم ..!!
    ويكفي الحديث الذي ذكرته في آخر الموضوع لتبيان معاملة الاسلام للخدم ..!!
    شكراً لبنى مشاركة قيّمة كعادتك دائماً ..!!

  9. الحمد لله على نعمة الاسلام …شكرا اخ مامون …..موضوع رائع وجميل

  10. شكرا كتير موضوع مهم سلمت يمناك ويا ريت تحطولنا موضوع عن الجواري بالاسلام وحكمهم وكل شيء عنهم لانو موضوع مهم وحوله الكثير من التساولات

  11. سلام عليكم ,

    جزاك الله خيرا أخي مأمون
    خلال بحثي في الموضوع ااهام الذي أثرته بمقالك وجدت هذا الفيديو للشيخ الشعراوي رحمه الله
    الشرح منطقي جدا ويشرح موقف الإسلام من مسألة الرق
    http://youtu.be/c4ch-QY26xc

    http://youtu.be/8usjmd28OV4

  12. مـــــــأمون في ديسمبر 20, 2011 10:31 ص
    فرفع منزلة الخادم إلى منزلة الأخ .. خادمك هو أخوك .. فلتلبسه مما تلبس . ولتطعمه مما تأكل .. ولا ترهقه بالأعمال .. فإن فعلت فعليك أن تساعده وتعينه …!! بأبي أنت وامي ما أرحمك وما أعدلك .. والحمدلله على نعمة الاسلام العظيم وكفى بها نعمة ..!!
    ******************************************
    بارك الله فيك وبارك لك وبارك عليك
    والحمدلله على نعمة الاسلام العظيم وكفى بها نعمة
    ســـــــــــــــــــــلام/.

  13. شكراً لكل من مر وترك بصمته في هذا الموضوع ..!!
    شكراً جزيلاً لكم ..!!

  14. شكراً مأمون موضوع مهم و يستحق المزيد من الدرس لكن تكفي على الأقل إثارة الموضوع و تحديد نقاطه العريضة

  15. مصطفى & نُهى ..
    شكراً لكما على المرور ..
    أختي نُهى لو كان لديكِ أسئلة نتشارك معاً في الاجابة عليها ..!!

    1. roro
      في ديسمبر 20, 2011 3:52 م رد

      شكرا كتير موضوع مهم سلمت يمناك ويا ريت تحطولنا موضوع عن الجواري بالاسلام وحكمهم وكل شيء عنهم لانو موضوع مهم وحوله الكثير من التساولات

      طبعا بعد صباح الخير اخي مأمون
      ياريت تنزل موضوع متل ماطلبت لااخت رورو بتعليقها

  16. بارك الله فيك أخ مأمون وجزاك خير مواضيعك دائما مفيدة خاصة هالموضوع لأنه فيه كتير مفاهيم خاطئة عن الاسلام منها موضوع الرق وتعدد الزوجات وأشياء تانية ياريت نحنا كمسلمين نفسرها لغير المسلم حتى لا يسيء الظن في الاسلام ويتهمه بما ليس فيه

  17. هناك من يمارس العبودية في الوقت الحاضر في الدول الأفريقية كتشاد وموريتانيا والنيجر ومالي والسودان معللين ذلك بسبب عدم تحريم الإسلام للعبودية.
    هكذا قرأت اخ مأمون سؤالي الا يوجد نص صريح في القرآن الكريم يمنع الرق للرد على إدعاآت من هذا النوع ؟؟؟

    1. مساء الخير نهى.
      السودان والله اعلم الغت قانون العبودية منذ سنوات أظن البلد الافريقي الذي مازال يمارس العبودية هو موريتانيا فقط.
      قد يجيب على سؤالك موضوع مامون الجديد (ملك اليمين)

  18. شكراً لكِ أختي نور وليديا على مروركما..!!
    أختي نُهى .. الاسلام جاء والرق منتشر في كل العالم ..!!
    فالاسلام لم يخترعه .. وكان لابدُ من المعاملة بالمثل .. اذ لا يجوز أن يتم أسر ورق المسلمين في حين يطلق المسلمون أسرى اعدائهم .. ولكن الاسلام مع ذلك .. وسّع باب تحرير الارقاء وجعل عتقهم من عبوديتهم سبباً من أسباب دخول الجنة وكفار للذنوب وغير ذلك .. ولا أظن أن ديناً غير الاسلام قد جعل مثل هذه المزايا والترغيبات من أجل عتق العبيد وتحريرهم ..
    أما اذا انتفت هذه المسألة في العالم فإن سبب المعاملة بالمثل ينتفي .. وقد ذكرت في الموضوع الآخر ” مُلك اليمين ” .. أن الخلافة العثمانية قد ألغت نظام العبودية عام 1830 ..وذلك قبل أن يفعل ذلك العالم الغربي وعندما كان يعج بالعبيد ..!!

  19. شكراً مأمون و لبنى لكنك لم تجب عن سؤالي هل هنال نص صريح في القرآن الكريم يمنع الرق ؟

  20. مساء الخير نهى.
    الاسلام لم يمنع الرق منعا تاما وانما حصره في مسوغ واحدهو الحرب المشروعة أي انه لا يمكن للناس في الظروف العادية ان يتخذوا عبيدا ورقيقا ولكن يحصل ذلك في حال وجود الحرب فيترتب عنها اسرى وسبايا للاسباب التي شرحها الاخ مامون في موضوعه ومن خلال التعليقات ايضا وما فعله الاسلام بالاضافة الى قصره الرق بحرب مشروعة فقد جعل منافذ لتحرير الرق الموجود لاسباب مختلفة وقد وردت في القرآن الكريم كلها منها ان يكون عتق رقبة كفارة عن قتل في قوله:”وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمناالا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة الى اهله الا ان يصدقوا فان كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنةوان كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة الى اهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما..” وعتق رقبة في كفارة اليمين يقول تعالى:”لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام..” وغيرها مما يكفر عنه بعتق رقبة هذا ما يحضرني من حالات الان .
    نهى الفيديوهات التي أرسلتها سعاد في تعليقها مهمة وفيها شرح مبسط يشرح لك بشكل افضل .

  21. نهى ايضا الاسلام حفظ للمسلمين حقوقهم في هذه النقطة بسبب مبدأ المعاملة بالمثل الذي كان سائدا لذلك الان بسبب سقوط هذا النظام لا نجد الجواري وملك اليمين اليوم لدى المسلمين .

  22. مواضيعك كلها روعه يا مأمون
    لبنى لبانيتا انتى لسه هنا؟؟
    دا اسم نوع الزبادى المفضل عندى ههههههههههه

  23. شكراً يا شيرين … تسلمي على الكلام الطيب

    أختي نهى … أعتمد رد لبنى لانه كافي ووافي ,,
    مشكوووورات ….!!!

ماذا تقول أنت؟

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *