حكاية الأندلس ،،(1) ..!!

بسم الله الرحمن الرحيم ..!!

الأندلس ..حكاية الفردوس المفقود .. حكاية تبعث على الفرح والفخر .. عندما نعلم أن حضارة اسلامية قد بزغت في وسط اوربا التي كانت تغرق في ظلمات الجهل لتشع عليها نوراً وعلماً …لكنها أيضاً حكاية تبعث على الألم عندما نُطالع كيف خسر المسلمون ذلك الفردوس .. وكيف انهار ذلك المجد .. وكيف سقطت تلك القلاع ..!!
حكاية الأندلس حكاية مليئة بالعبر والدروس ..وتُطبق فيها سنن الله التي لا تعرف التغيير والتبديل ..وهي حكاية لكل زمان ومكان .. لنأخذ منها العبر ونستشرف منها الحاضر .. فتعالوا نبدأ الحكاية من بدايتها ..!!

كانت الأندلس تابعه للامبراطورية الرومانية .. ثم خضعت لاحتلال قبائل الفاندال الاسكندنافية ..وسميت فندالوسيا .. ثم أصبحت أندلوسيا .. وعند المسلمين ” الأندلس”

في زمن الخلافة الأموية فتح المسلمون بلاد المغرب العربي وشمال أفريقيا ..وعندما وصلوا إلى سواحل المحيط الأطلسي قرروا أن يتجهوا شمالاً نحو الأندلس ..حيث توجد مملكة القوط .. وبالفعل وفي زمن الوليد بن عبد الملك الذي كلّف والي أفريقيا ” موسى بن نصير ” لهذه المهمة ..
جهّز موسى بن نصير جيشاً بقيادة القائد ” طارق بن زياد ” وأرسله إلى الأندلس ..وكان جيشاً صغيراً لا يتعدى 7ألاف مقاتل اغلبهم من البربر ..دخل هذا الجيش الأندلس واستطاع الانتصار على القوط في معركة حاسمة في مكان يُسمى وادي الرباط ..واستمر طارق بن زياد في التوغل داخل الأندلس لينضم له بعد ذلك موسى بن نصير على رأس جيش آخر حتى استطاعا فتح ما يُسمى الآن اسبانيا والبرتغال ..!!

مرت الأندلس بعد ذلك بكثير من الفترات والعصور وكل عصر من تلك العصور مر بفترة قوة .. ثم فترة ضعف انتهت بنهايته والدخول في عصر آخر .. وهذه العصور هي :
1- عصر الولاة :

عصر الولاة يعني ان حكّام الأندلس في تلك الفترة كانوا ولاة يتم تعيينهم من قِبل الخليفة الأموي في دمشق .. واول والي للأندلس كان ” عبد العزيز بن موسى بن نصير ” .. ليتوالى بعده 22 والياً على مدى 44 سنة هي فترة ” عصر الولاة “
وفي ذلك العصر نشأ جيل ما يُسمى ” المولدين ” وهم نتاج تزاوج العرب والبربر مع السكان الاصليين وانتشر الاسلام في الأندلس ..!!

2- عصر الإمارة الأموية والخلافة الأموية :

بدأ هذا العصر عندما سقطت الخلافة الأموية في دمشق .. واستطاع رجل أموي أن يفر من بطش العباسيين ويصل إلى الأندلس .. حيث استطاع ان يثبت نفسه فيها ..إنه ” عبد الرحمن الداخل ” او صقر قريش ..وتميز هذا العصر بالازدهار والتقدم وخصوصاً في عهد عبد الرحمن الناصر .. ليبدأ بعدها بالانتكاس حتى انتهى .!!

3- عصر الدولة العامرية :

بدأ هذا العصر عندما وصل إلى حكم الأندلس ابن عبد الرحمن الناصر .. ولكن ابنه هذا كان صغير السن مما دفع عبد الرحمن الناصر قبل موته إلى تعيين مجلس وصاية عليه مكوّن من والدته ” صبح ” والحاجب وقائد الشرطة وكان يُدعى ” محمد بن عامر ” .. واستطاع محمد بن عامر هذا بالمكيدة والحيلة الوصول إلى حكم الأندلس ليبدأ به عهد الدولة العامرية ..وكانت فترة مليئة بالقلاقل ولم تستقر طويلاً ..!!

4 – عصور ملوك الطوائف :

بدأ هذا العهد بعد انهيار الدولة العامرية .. فانقسمت الأندلس إلى 22 دويلة وكل دويلة منها تحكمها أسرة .. وكان هذا العهد من أسوأ ما مر على الأندلس من عصور ..!!

تصارع ملوك الطوائف فيما بينهم .. واستعانوا بالنصارى ضد بعضهم البعض .. ودفعوا لهم الجزية ..حتى ضاعت الكثير من المدن الأندلسية من أيديهم مثل سرقسطة وطليطلة ..!!

5 – عصر المرابطين والموحدين :

نتيجة هذا الضياع والتردي الذي كان سائداً في زمن ملوك الطوائف .. استنجد أحدهم وهم ” المعتمد بن عبّاد ” بالمرابطين في المغرب العربي .. الذين جاؤوا لينقذوا الاندلس مما كان فيه من ضياع .. وقد نجحوا في ذلك لفترة .. ثم جاء بعدهم دولة الموحدين التي ازاحت دولة المرابطين وحكمت مكانها ..وكثُرت الفتن والانشقاقات وتوالى سقوط المدن الأندلسية حتى لم يبق إلا مملكة غرناطة والتي كان يحكمها بنو الأحمر ..

وكان ان تزوج الملك فرديناند من الملكة ايزابيلا فاتحدت بذلك مملكتي قشتالة وأراجون .. واعد الزوجان جيشاً كبيراً حاصر غرناطة ..حتى استسلم حاكمها أبو عبد الله الصغير وسلّم مفاتيحها للزوجين .. بعد ان كتب معهم معاهدة التسليم ..

ويصعد على تلّة لا تزال موجودة حتى اليوم يُطلق عليها ” زفرة الملك الأخيرة ” .. ليرى ملكه الذي ضاع .. وليرى غرناطة قد غربت عنها شمس الاسلام .. ويبكي بحرقة ومرارة ذلك المجد الضائع .. وامه بجانبه تزيده بكاءً عندما تقول له “” أجل ، ابكِ كالنساء مُلكاً لم تحافظ عليه كالرجال ..”” ..!! ..
ويُعاني بعدها المسلمون في الأندلس عذاب محاكم التفتيش .. وعذاب القتل والتهجير وعمليات التنصير الاجباري … !!

وهكذا ضاعت الاندلس .. فما أسباب ضياعها .. وما أسباب الضعف الذي أصاب كل عصر من العصور التي ذكرناها …. وهل نعيش نحن اليوم نفس تلك الاسباب .. ونفس تلك الظروف ؟؟!!
سنعرف ذلك في الموضوع القادم إن شاء الله تعالى ..!!

ولكم مني كل الود والورد ..
أخوكم .. مـــأمون ..