حكاية الأندلس ..( الطوائف ) ..!!

بسم الله الرحمن الرحيم ..

بعد سقوط الخلافة الاموية في الأندلس ..وقعت البلاد في حالة من الارتباك والحيرة ..
وكان من من نتيجة ذلك أن تفتت الأندلس إلى مجموعة من الدويلات وصل عددها إلى 22 دويلة تقريباً .. وكل واحدة منها تحكمها أسرة ..
وكانت كل دولة من تلك الدول تتربص الدوائر بالدويلات الأخرى لتضمها إلى نفوذها .. وتسيطر عليها .. وفي سبيل ذلك استعانت تلك الدويلات بالنصارى ضد بعضهم البعض ..في حين أن السلطات النصرانية كانت تتربص بهم جميعاً .. وتتحين الفرصة لتلتهمهم كلهم .. فكانت تناصر أحدهم على الآخر لتستطيع فيما بعد السيطرة على الجميع ..وما كان حكّام الدويلات يفهمون ذلك ..أو ربما كانوا يفهمونه ولكن شهوة الحكم والكرسي قد أصمتهم وأعمت عيونهم ..

فلا بأس عند أحدهم في الاستعانة بالنصارى ضد أخيه المسلم .. لأن الاسلام لا يعنيه .. وإنما الذي يعنيه هو حكمه في الدرجة الأولى .. وكيف يوسّع نفوذه واملاكه ..
ولو تمعنّا في حالنا اليوم لرأيناه مطابقاً لدرجة كبيرة مع عصر ملوك الطوائف ..ونجد هذا التطابق حتى في عدد الدويلات .. إذ كانت في عصر ملوك الطوائف حوالي 22 دويلة .. وتقريباً الدول العربية بنفس هذا العدد ..

واليوم أيضاً لا نجد عند أي حاكم من حكّامنا هم الأمة … بل نجد أن همهم الاول والأخير هو مناطق نفوذهم .. أو على أقل تقدير دولهم فقط .. فلا تطلع إلى مستوى أبعد من ذلك .. ولا نظرة إلى حال أمة كاملة ..!!

والمؤلم عند النظر في حال ملوك الطوائف وحال ملوكنا اليوم هو التطابق في الاستعانة بالغرب أو النصارى ضد بعضهم البعض .. وهذه ربما كانت اوضح سمّة مشتركة ..
النصارى في عصر ملوك الطوائف كما قلنا كانوا يضعون كل دويلات الأندلس الاسلامية في مخططاتهم .. وويتحينون الفرص للسيطرة عليها كلها .. فينصرون بعض تلك الدويلات على بعضها الآخر وفي النهاية يضعون اليد عليها ..!!

إحدى تلك الدويلات .. كانت دويلة طُليطلة .. وكان يحكمها اسماعيل بن ذي النون الملقب بالمأمون .. إلى طُليطلة هذه فرّ  ألفونش أحد أبناء فردلند ملك قشتالة وليون .. بعد ان صراع مع أخيه … هرب على أثره إلى طليطلة ..

استقبله المأمون في طليطلة أفضل استقبال .. ورحّب به غاية الترحاب .. وبالغ في اكرامه .. وأنزله داراً مجاورة لقصره وجعل له داراً أخرى خارج المدينة ذات حدائق بمثابة متنزه له ولمن معه ..!!

لكن تلك الحفاوة وذلك الكريم قد انقلب شرّاً على طُليلطلة فيما بعد ..

قضى ألفونش هذا تسعة أشهر في طُليطلة ..كان خلالها يدرس أحوال المدينة وقد وضع في ذهنه مخطط الاستيلاء عليها .. كان يخطط للاستيلاء عليها وهو فيها ضيف مكرّم .. فكان هذا جزاء الاحسان إليه وصنيع المعروف معه .. وكان ذلك غفلة من المأمون الذي ما كان يجب أن يفوته طبع هؤلاء ..!!

ودارت الايام … وشاءت الاقدار أن يعود ألفونش هذا إلى بلاده ويصبح الملك لقشتالة وليون .. وما هي إلا بضع سنوات وقد توفي المأمون … حتى كان ألفونش هذا يدك أسوار طليطلة لاحتلالها .. وقد كان منذ سنوات قليلة لاجئاً فيها ..

وسقطت طُليطلة بيد ألفونش وكان حاكمها القادر بالله بن المأمون .. وكان إيواء طُليطلة لألفونش نقمة عليها وسبباً للتعجيل في سقوطها ..!!

والعجيب والمؤلم في آن معاً .. ان بقية ملوك الطوائف بقوا متفرجين على سقوط طليطلة .. ولم يتحرك أحد منهم لنجدتها ..وكأن الأمر لا يعنيهم .. وكأن من بطليلطة ليسوا أهلم وأخوانهم في الدين والعقيدة … فبقوا فاغرين أفواههم جبناً وغفلة وذلاً ..
بل إن بعضهم كان يرتمي على أعتاب ألفونش طالباً منه العون ومظهراً له الخضوع ..متناسين أن ألفونش لا يفرق بين طليطلة وغيرها .. وأنه إذا كان هذا تصرفه حيال طليطلة التي آوته عندما كان طريداً منفياً .. فما هو فاعل بغيرها ؟!!

واليوم ……

هاهي القواعد الغربية تملاً أغلب دولنا .. فتحنا لهم الأبواب وشرعنا لهم النوافذ ..
وفرشنا لهم الطرق ورداً ونفطاً ..خذوا ما شئتم من أراضينا وابنوا ما شئتم من قواعد .. المهم أن ننال رضاكم .. وسقطت طليطلة ( فلسطين ) .. وملوك طوائفنا فاغرين أفواهم .. كما فعل أسلافهم .. وسقطت طليطلة أخرى ( العراق ) .. ولا يزال ملوكنا فاغرين أفواهمم ومبتسمين ببلاهة .. وستسقط طليلطلات اخر .. وسيبقى أصحاب الأفوه الفاغرة .. والعقول الفارغة كما هم .. وسيبقون منبطحين ذلاً وغفلة وجبناً عندأعتاب ألفونش القرن الواحد والعشرين .. ويقدمون له ما يشاء من أرض ودعم ومال ونفط وسيادة ..!!

ولكم مني كل الود الورد وعزّة نبحث عنها وستأتينا يوماً إن شاء الله ..!!

أخوكم … مــأمون ..!!