بعد دخول الجيش السوري وحلفائه لقرى وادي بردى وخروج المقاتلين من أبناء الوادي للشمال السوري ، وبعد أن قام هذا الجيش وحلفائه بتطهير منازل قريتي #عين_الفيجة و #بسيمة من ممتلكات أصحابها من أثاث وفرش وملابس وبعد أن فتحت هذه القوات والجهابذة أسواقاً لبيع المسروقات من هاتين القريتين وصلت صورة لأحد أبناء عين الفيجة في المهجر من أحد هذه الأسواق فرأى تنورة والدته معروضة في ذلك السوق فكتب :
دُلَّني على السوق ..
هل من فاعل خيرٍ يدلني على السوق، لا أريد أن أبيع و أشتري ، بل أريد أن أختار سيدة تليق بفستان أمي ، فهو معروض الآن في مزاد بيع الضمائر و التعفيش مع آخر الموضات والأزياء في أحد أسواق ” الوطن”.
سيدتي المشترية ، ثوب أمي له رائحة مميزة ، فقد أسبلت أمي أطرافه فوق تراب عين الفيجة ، و تَعَشَّقَت ذراته بين ثنايا الزركشة ، فلا تستغربي إن فاح العطر في خزانتك في أول ليلة يقضيها فستان أمي في الغربةِ الكئيبة ، فتراب قريتي حنّاءَ عطرته تيجان الياسمين .
عذراً ، ثوب أمي ألوانه باهتة ، فقد أخمدت بريقه الدموع التي سالت أثر فقد الشهيد بعد الشهيد و دموع النزوح و الخوف في ليالي القصف و الإرهاب ، و كل ما ترينه من لمعةٍ على أطرافه ما هي إلا بقايا ماء الوضوء ، فأمي تتوضأ كل يوم خمسَ مرات للصلاة و تتوضأ خمس مرات لقراءة القرآن و الدعاء و تتوضأ خمس مرات لرقية الأطفال والضعفاء .
سيدتي المشترية ، المنثورات العالقة على حضن الثوب ليست صرعة موضة و لا قطعٌ مفضضة ، إنها بقايا العجين الذي تخبزه أمي لتوزعه على أفواج المهرولين من أمام بيتنا أثناء تدريبهم ، حسبتهم أمي أنهم كلهم أولادها ، لم يكن ذلك سذاجة ، بل هي عادة قديمة ورثتها أمي عن جداتها، فلا بأس أن تخبريهم عن هذا الثوب علّه مرّ على ضمائرهم الميتة قبل أن يعفّشوه و يعرضوه للبيع في أسواقهم على الأرصفة .
إشتريه سيدتي و أكرمي مثواه ، فهو ثوب أمٍّ مكافحةٍٍ و صابرة ، هو ثوب أمٍّ لشهيدين و مربيةٍ قلّما مرَّ قلم التاريخ على أمثالها .
………………………………………………………
ملاحظة : الثوب الأخضر في الصورة ثوب والدتي ( والدة الكاتب ) الحجة ” أم ممدوح يوسف ” بعد تعفيشه مع كل محتويات قريتنا المعروضة الآن على الأرصفة للبيع .
وصلت الماء لدمشق و أشياء كثيرة معها .
**************
هذا هو جيش الوطن حامي الحمى … طبعاً الأمر ليس مقتصراً على قرى وادي بردى فقط ..بل هو عام وشامل لكل أرض وطئتها أقدام هؤلاء اللصوص الهمج …وآخرها مناطق شرق حلب ..حيث روى لي أحد الأصدقاء من حلب وهو يقطن في مناطق النظام وليس محسوباً على المعارضة .. حيث وصف لي عناصر جيش النظام وبقية هؤلاء المرتزقة بانهم كالجراد .. نهبوا كل شيء .. وقال : تشعر أن هذه السرقات ليست تصرفات فردية .. بل تراها مدفوعة ومرتبه من أعلى المتسويات .. حيث يتم نهب وفك كل شيء ومن ثم نقله إلى الساحل ..
وهناك ظاهرة أخرى منتشرة بكثرة في مناطق سيطرة النظام .. وهي ما تسمّى ( أسواق السنّة ) ..والسنّة هنا نسبة لأهل السنّة .. وهي ليست كما يظن البعض أنها أسواق خاصّة باهل السنّة ..بل الأصح هي أسواق خاصة بمتاع ومقتنيات وأثاث وملابس أهل السنّة .. حيث يُعرض في هذه الأسواق كل ما تمّت سرقته من أهل السنّة الذين هجروا من مدنهم وقراهم .. وتم تعفيش بيوتهم ونهبها .. ومن ثم بيعها بأسعار رخيصة في أسواق السنّة .. وهي أسواق منتشرة في حمص وحماه وطرطوس ..
لكن من يسرق وطناً كاملاً ليس غريباً عليه أن يسرق ويعفّش بيوت الناس .. من سرق وطنا وسلّمه لكل من هب ودب ليحافظ هو على كرسيّه وليبقى قطيعه يهتف بحياته ويصفق له ليس غريباً عنه أن يفعل أي شيء ..
ظاهرة ( التعفيش ) ليست جديدة .. ولا يمكن حصرها بمثال أو مثالين …وكنت دائماً أتحدث عمّا يفعله عناصر النظام على حواجزهم المنتشرة على الطرقات .. وكيف يأخذون المعلوم من كل سيارة أو حتى من كل راكب يمر بهم .. لكنهم باتوا اليوم أكثر تنظيما وأكثر شمولية ..وأكثر وقاحة أيضاً ..وباتت سرقاتهم اليوم على مستوى اوسع وانضمت إليها ميليشات وحثالات جديدة .. مثل ما يسمّى قوات النمر التابعة لسهيل الحسن .. وما يسمّى صقور الصحراء وغيرهما .. حتّى أن أحد مراسلي الميادين واسمه رضا الباشا .. تناول ما تفعله هذه الميلشيات من سرقات منظّمة ..وقد جرى تهديده وطبعاً حتى اليوم لم يُحاسب أحد ..
ذكر لي أحد الأصدقاء في حلب ما جرى مع صديقه وهو صاحب متجر لبيع الأدوات المنزلية .. كيف أنه استعان باحد الشبيحة ليمنع عناصر النظام من سرقة متجره .. وعندما وصل هو والشبيح وجدهم قد بدأوا فعلا بتفريغه من محتوياته .. وعندما أراد الشبيح أن يكلمهم قالوا له : يا زلمي هاد المحل كان لواحد من جبهة النصرة وهون بنص المحل دبحوا واحد . طبعاً هم يكذبون .. التفت الشبيح إلى صاحب المحل وقال له : جايبني على محل لجبهة النصرة ؟ هنا علم صاحب المتجر ان عليه العوض ومنه العوض .. فحاول محاولة أخيرة .. فشجّع نفسه وقال للصوص : لو كان سيادة الرئيس بشار الأسد يراكم هل سيرضى بفعلتكم ؟ .. فالتفت إليه زعيمهم وقال : مين هاد بشار الأسد ؟! فادار الرجل ظهره وتركهم يسرقون محله .. فناداهم أحدهم : معلم .. عم نجوّلك ( نسرق لك ) محلك .. سامحنا وقهقه الجميع …طبعاً ما عداه .
لكن من يسرق وطناً كاملاً ليس غريباً عليه أن يسرق ويعفّش بيوت الناس
—————–
Copie
نعم يا سلمى اقتباس موفق .. من يسرق وطناً ليس غريباً عليه أن يسرق بعدها أي شيء ..
سرقوا الوطن .. وسرقوا أحلام الناس .. وآمالهم قبل أن ينهبوا بيوتهم او يدمروها فوق رؤوسهم ..
مؤلم عندما ترين كل حثالات الارض ومرتزقة الارض وجيوش الارض تسرح وتمرح على أرضك وأنتِ هائمة بين البلدان .. كل ذلك لان شخصاً وعائلة سرقوا وطناً .. واستعبدوا أهله .
—-