موجة الجنون التدميرية هذه ألتي بدأت مع إنطلاقة الربيع العربي ، وألتي تزداد فتكا وقتلا بنا وتشريدا لنا ولأبنائنا وبناتنا ، وتدميرا وتخريبا ممنهجا لأوطاننا ، تدفعنا إلى طرح بعض الأسئلة ألمنطقيه منها : لماذا كل هذا الجنون ومن المستفيد منه ؟ ومن الذي يقاتلنا ويدمر أوطاننا ؟ وماذا حدث للعرب والمسلمين ليقبلوا هذا الذل والهوان ؟ ولماذا ماتت إرادتنا ودفنت كرامتنا ونحن نتفرج على ما يجري لنا ؟
لقد تباشرنا خيرا في بداية ما أسميناه ” الربيع العربي ” وقلنا لقد بدأ المارد العربي يستيقظ من سباته ، وزاد أملنا بأن إقامة الدولة الديموقراطية العربية قد أصبح على وشك التحقيق ، وإن ذلك سيغير وطننا ، وحياتنا ، ويعيدنا إلى صوابنا ، ومن الممكن أن يقود إلى إزالة الحواجز السياسية والاقتصادية والجغرافية بين أقطارنا ، ويمكننا من التطلع لمستقبل أفضل لنا ، ولأبنائنا ، وللأجيال القادمة .
لكن هذا الأمل ضاع وأدخلنا حكامنا وأعداؤنا في مرحلة جديدة من تدمير الذات لم نعرف لها مثيلا في تاريخنا . إنظروا إلى وضعنا ألآن !!
العراق في الطريق ليكون ثلاث دول ، والسودان أصبح دولتين ، وسورية تنزف دما وتدمرعلى مدار الساعة وقد تنتهي ممزقة إلى دول هزيلة ، واليمن يحرق أرضا وشعبا بقوات إسلامية مباركة ، وقد ينتهي أكثر من دولتين كما يريد له بعض العرب أن يكون ، وليبيا تحترق بقبائلها ، ومصر تعاني من القتل وعدم الاستقرار ، ولبنان يتأرجح ، وفلسطين فقدت الأمل في حل قريب ، وتونس تعاني من إنقسامات وفوضى سياسية ، ومشيخات النفط تتآمرعلى بعضها بعضا ، وتمول القتل والدمار في أوطاننا المشتعلة . وطننا الآن يتكون من دويلات إحترقت ودمرت ، ودويلات تحترق وتدمر ، ودويلات تنتظر دورها لتحترق وتدمر .
وإسرائيل تستمتع بهذا الغباء العربي القديم الجديد ، وتشكر الحكام العرب سرا وعلانية على هذه الخدمات الجليلة ألتي قدموها لها ، وتسترخي بسرور ، وتستعد للاجهاز على ما سوف يتبقى منا ولنا من أشباه أوطان . ألدول التي تقف وراء هذا التدمير هي الدول التي ستستفيد من نتائجه .
بالتأكيد إن أول الدول المستفيدة هي إسرائيل وأيران الفارسيه . لقد دمرنا لها الجيش العراقي ، والجيش السوري ، والجيش الليبي ، والجيش اليمني ، ونعمل على تدمير مصر والجيش المصري .
ودمرنا إقتصادنا ، وحرقنا مدننا وقرانا ، وقتلنا مئات ألألوف من شبابنا . ماذا تريد إسرائيل أن نفعل لها أكثر من ذلك ؟ إنها في غاية السعادة لأنها لن تجد من يخدمها أكثر منا .
يا أمة ضحكت من غبائها وجهلها وتخلفها الأمم !!!
أنا لا أشك أن إسرائيل وأيران الفارسيه هي المستفيد الأول من هذا القتل والدمار ، وإنها ساعدت كل أولئك الذين يدمرون أوطاننا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بسلاحها ، وأفكارها ، وتخطيطها ، وعملائها من حكام وجواسيس . والمستفيد الثاني هو الولايات المتحدة الأمريكية التي لا يهمها من وطننا سوى : المحافظة على مصادر النفط ، وحماية إسرائيل ، وإبتزاز دول النفط ببيعها أسلحة بعشرات البلايين من الدولارات سنويا لنقتل بها بعضنا بعضا . والدول المستفيدة الأخرى بشكل مباشر أو غير مباشر هي روسيا ، وأوروبا ، وتركيا .
هذه الدول لها أطماع بأوطاننا وثرواتنا ، وتستغل الفراغ السياسي الرهيب الذي يعاني منه الوطن العربي وكل منها يحاول أن يأخذ حصته من الكعكة . كل هذا يجري وشعوبنا مخدرة ، ومستسلمة لجزاريها حكامنا ” أولياء أمورنا ” الذين يتآمرون مع هؤلاء الطامعين والأعداء وكل حاكم عربي منهم يخدم ألعدو الذي يريد وحسب المصالح المشتركة بين الطرفين . لا يحق لنا أن ندعي بأن كل ما يحدث لنا ألآن مؤامرة .
لقد تعودنا على تبرير فشلنا وهزائمنا بأنها كانت موأمرات من الأعداء المتربصين بنا . الحقيقة التي لا يمكننا أن ننكرها هي أن هناك ألكثير من ألدول ألتي تخطط لضربنا وإبتزازنا خدمة لمصالحها .
ولكننا نحن الذين نتآمرعلى بعضنا بعضا مع أعدائنا ، ونشتري السلاح منهم لندمر به أوطاننا ، ونقتل به إخواننا ، وأعداؤنا يشاركوننا في هذا القتل والتدمير الذاتي وبدعوة منا ، ويحتقروننا ، ويضحكون على غبائنا المنقطع النظير .
لنقولها بصراحة نحن الجلاد والضحية ، ونحن القاتل والمقتول ، ونحن المتآمر والمتآمر عليه . لو لم تجد إسرائيل وأيران ، وأمريكا ، وكل الطامعين فينا وفي أوطاننا من يتعاون معهم من أبناء جلدتنا ويتأمر معهم ضدنا ، لما حدث ذلك لنا أبدا.
قال الله تعالى [إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم]