هـَجـَر، هاجَر، ُيهاجر، وتعني ترحال شخص وانتقاله من أرض الوطن إلي أخرى جديدة ، مستقراً بها ، بحثاً عن الأمان أو طلباً للرزق ، والهجر يفهم بمعنى الانتقال ، والانتقال لا ينحصر بالجسد ، فالروح أيضاً تهاجر الجسد أثناء الموت ، ثم تعود إليه يوم الرجعة قبل الحشر .
توجد هجرتان بحياة الإنسان تحددان مصيره، وهو مخـيّر أمامهما ، وليس مسيراً ، وهذا القرار يحدده العقل والعاطفة ، كلاهما أو أحدهما ، وهما هجرة تحدث خارج الجسد وأخرى بداخله، والأولى هجرة الجسد بأكمله من أرض ما كالوطن ، كما أسلفنا ببداية المقال ، فالإنسان وعلى مر التاريخ ، قام بعدة هجر في مواكب الأرض ، وتاريخ المآثر والملل والنحل مليء بالمحافل والقصص ، ومعظمها هجرات البحث عن الرزق والأمان ، أما الهجرة الثانية التي بداخله فيقصد بها هجرة الفكر والعقيدة ، أي بداخل الإنسان وعالمه الفكري والتوعوي ، وهي الانتقال بإيمان بشيء من حالة إلي أخرى نقيضة ومختلفة ، كهجرة من عالم الظلام إلي عالم النور، أو هجرة طريق الباطل نحو جادة الحق ، أو ربما يحدث العكس .
ولنأخذ مثالاُ على الهجرات الجسدية والفكرية معاً ، وأشهرها هجرة النبي محمد صلى الله عليه وآله وصحبه الكرام وجمع من المؤمنين، فهو هاجر للأمان ، ولتحقيق حكمة وهدف يراها الله ونبيه الكريم ، وهي إيجاد عاصمة انطلاق لنبوته ورسالته ، وهي هجرية جسدية وفكرية ، أي لتتم الهجرة الجسدية تم عرض الهجرة الفكرية أولاً والتصديق بالرسالة الإسلامية ، وبعد أن تمت ، وقعت الهجرة الجسدية تكليفاً، وكانت أساساً لنجاح الانطلاقة السماوية ، وجوهرها الأبتعاد من واقع الظلم والطغيان والسواد إلي أرض النور والفكر والإنسانية ، أو ربما تحدث للإنسان هجرة ندم وألم وتكفير عن المعصية وجلد للذات كما فعل قابيل بعد قتل أخيه هابيل وهاجر مع زوجته من فلسطين إلي أرض بعلبك ومات دون خلف أو ولد ، وكذلك هجرة باقي الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
أرسل الله سبحانه وتعالى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويتبعهم الأوصياء والصديقين على مر التاريخ الإنساني كي يعلموا الناس مكارم الأخلاق ، وقد هاجر معظم الأنبياء إن لم نقل كلهم أرض الوطن التي يجدون بها القهر والظلم نحو أمصار أخرى أكثر أمناً ، أو لإلقاء الحجة والتكليف وإيجاد النصرة ضد من يمثل زمرة الشر والاستكبار بزمانهم .
بداخل كل إنسان نبي عظيم ، ويطلق عليه النبي الداخلي ، وهو العقل الذي أودعه الله في جسم الإنسان ، وهو المكلف والمحاسب ، ومهمته طرح الأمور أمام كفتي الميزان ، ثم يتم الخيار بقانون التفكير بين التزاحم أو التضاد بين المحورين ، فتحاول نزعة الشر بقيادة إبليس وهواه التغلب على نزعة الخير ، وهنا يأتي دور الأنبياء والمصلحين من البشر كي يوقظوا النبي الداخلي بالإنسان ، وهو العقل ، ووضعه أمام المحجة والبرهان كي لا يُهزم أمام نزعة الشر التي يقودها الشيطان وهوى النفس .
نستخلص مما قلنا ، إن للنبي والمصلحين دعوتان للهجرة ، الأولى هجرة بداخل الإنسان كي يغادر بفكره ساحة الباطل نحو ساحة الحق ، ثم بعدها يقرر وحسب الحاجة الهجرة من أرض أجداده نحو أخرى أكثر أماناً، وكلا الهجرتان تمثلان انتقالا ، سواء بالفكر أو بالجسد ، فيحبذا أخي الإنسان ذو العقل أن تحكم عقلك وبصيرتك وقرار نبيّك الداخلي ، وتقرر الهجرة نحو الطريق الصحيح ، نحو صراط الذين أنعم الله عليهم بخير نعمة وأفضل النعم من الأكل والشرب والملذات الدنيوية الزائلة والإكسسوارات الحياتية، وهي نعمة الهداية والصلاح وهم ( المصلحون ) ، والطهر والفلاح ( المفلحون ) ، والابتعاد عن الخطيئة ، كما قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم : (أهدنا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)
فوزي صادق / كاتب وروائي : تويتر : @Fawzisadeq
موضوع جميل جزاك الله خيرا على طرحه ….اللهم اهدنا الى الصراط المستقيم ولا توأخذن إن نسينا أو أخطأنا و إعف عنا و إغفر لنا. ….
فيحبذا أخي الإنسان ذو العقل أن تحكم عقلك وبصيرتك وقرار نبيّك الداخلي ///
جميل
مرحله اسما
كيفك يارب تكوني بألف خير وعافيه
فعلا موضوع جميل يلمس ما بداخل الإنسان بكل صراحه .. ونطلب من الله ومن نبينا الداخلي ان يهدينا للصراط المستقيم ويغفر لنا خطايانا ونلتجء لله عز وجل ليفتح بصيرتنا ان كنا قد غفلنا عن اي شيء
أهلين بالسيدة نادية
أفرح عندما أراكي .. فانتي بطيبتك و احترامك لمعتقدات الغير جعلتي الجميع يحترمك
اتمنى تكوني بخير أنتي و المسيوو
اسما انا بألف خير والمسيوو ممتاز الحمد لله
احترام معتقدات والأديان السماوية هو بالنسبة لي فرض لان كل ماهو من عند الله عظيم وراءع وليس لي الخيار إلا ان احترم ماهو من عند الله عز وجل
لا مفر من الموت
هادم اللذات ومفرق الجماعات….يا له من كلام يلين له الحديد
هل تعلم ايها الانسان انك سوف تموت , ومهما بلغ عمرك فلا بد وان تدخل القبر , وهل تعلم ان عمرك قصير في الدنيا , والموت حق على جميع المخلوقات من إنسٍ وجنٍ وملائكة وسائر المخلوقات الأخرى، وهل تعلم ان كلمة الموت تثير الرعب في قلوب الناس, الموت مرعب ,,,,,, مخيف ,,,,,, موحش ,,,,,, غامض, الموت مصيبة واي مصيبة قال تعالى ( فأصابتكم مصيبة الموت ) , فالموت لايعرف كبير ولا صغير ولا غني ولا فقير لا معافى ولا مريض لا قوي ولا ضعيف, كلنا سائرون الى القبر, الموت لامفر منه لكن هنالك امور تنجيك من القبر, اول يوم يواجهه الانسان في القبر هو وحشة القبر وظلمته, فالانسان الذي يخرج من قصور وبيوت واسعة في الدنيا , واذا به في حفرة ضيقة مظلمة موحشة، وما أشدها من ظلمة، وما أقساها من وحشة، فقد ورد في الحديث الشريف: تصدقوا عن أمواتكم في أول ليلة، فإنها ليلة موحشة مظلمة. فلنحزن على حـالنا , ولنرجع إلى ربنا الذي خلقـنا , والذي برحمته من عقوبته رحمنا هذه الدنيا فقط تختبرنا, فيها لهو…. ولعب ….. ومتاع …… وغرور …… وشهوات…… وهفوات …… وزلات إنها ساعات مرعبة، مخيفة رهيـبة، حيث يجد الإنسان نفسه في قبر موحش، لا أنيس له إلا عمله، انقطع عنه ماله، فلم يقدّم له إلا كفنه، وانقطع عنه أهله وأولاده بعد أن أوصلوه وواروه في تربته، ويـبقى معه عمله، في قبره، في حشره، على الصراط، عند الميزان، إلى أن يوصله إما إلى جنة أو إلى نار. فهيا ايها الانسان فالنتب عن اخطاءنا ولنكفر عن سيئاتنا وذنوبنا فهي كثيرة , فلنسعى ونتوب قبل أن نموت على هذا الحال.