مرسلة من مأمون
قد يقول قائل: إذا كانت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم واسعة، فلماذا كان يرجم الزاني المحصن ويقطع يد السارق ويقتل القاتل؟! أليس من الرحمة أن يعفو عنهم؟!
الحدود .. رحمة بالمجتمع
الحدود في الإسلامنقول: إن هناك نقطة مهمة تغيب عن أذهان أصحاب الشبهات، وهي أنهم ينظرون بعين الرحمة إلى المُذنِبِ، ولا ينظرون بعين الرحمة على المجتمع الذي عانى من ذنبه، فإذا نظرت بعين المحلِّل المتجرِّد من الهوى وجدت أن كل الحدود التي فرضها رب العزة قد فُرِضَت على جرائم تؤثر سلبًا على المجتمع، وقد يعانِي منها صاحبُ الشبهة شخصيًّا، ولو عانى منها لكان رأيه مختلفًا، فلا شك أنه لو سرق أحدٌ رأس ماله، وثمرة جهده لتمنى عقابه بأقسى عقاب، ولو اعتدى أحدهم على ابنته أو زوجته أو أُمِّه لسعى إلى قتله بنفسه قبل المحاكم، وهكذا..
فالحدود شُرِعَتْ رحمةً بالمجتمع، وترهيبًا لعموم الناس أن ينخرطوا في طريق الجريمة، وهذه رحمة بهم أيضًا من وجه آخر، ثم هي كَفَّارة عن الذنب الذي فعله العبد، ومن ثم يُهَوِّن عليه من حساب الآخرة وهو أَشَقُّ وأَشَدُّ..
روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه ليلة العقبة: “تَعَالَوْا بَايِعُونِي عَلَى أَنْ لا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلا تَسْرِقُوا وَلا تَزْنُوا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ وَلا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ وَلا تَعْصُونِي فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ؛ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعُوقِبَ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ لَهُ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَسَتَرَهُ اللَّهُ فَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، قَالَ: فَبَايَعْتُهُ عَلَى ذَلِكَ”[البخاري].
فتطبيق الحدود -والتي تبدو قاسية- رحمة للمجتمع، ورحمة لأنها تمنع الناس من ارتكاب الجرائم، ورحمة كذلك لأنها تكفِّر الذنب عن فاعله..
ثم فوق كل ما سبق، وقبل كل ما سبق، هي أوامر من رب العالمين ، واجبة التطبيق، والله أعلم بما يُصلِحُ عبادَه وكونه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مُطبِّق لقوانين الشريعة دون إفراط ولا تفريط، ولم يكن يطبِّق هذه الحدود على طائفة من الناس دون طائفة، ولا على قبيلة دون أخرى، إنما كان يُنفذ قانونًا عامًّا يهدف لراحة وأمن الجميع، ولقد غضب غضبًا شديدًا عندما حاول بعض الصحابة أن يتوسَّط لامرأة ذات نسب من قبيلة بني مخزوم كي لا تُقطَعَ يَدُها في جريمة سرقة، وأصرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على تطبيق الحد، وخطب خطبة بليغة وضَّح فيها منهجه في معالجة الجريمة، وكان مما قاله في هذه الخطبة: “إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا”[البخاري].
إن القانون عام، وفي باطنه رحمة واضحة جليلة لمن كان له قلب، أو ألقى السمع وهو شهيد..
ثم إن الجانب الأروع والأجمل في المسألة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن متشوفًا إلى إقامة الحدود، ولا متمنيًا لرجم أو قتل أو قطع.. إنه كان يحاول قدر جهده أن يجد مخرجًا للمُذنِبِ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ”[الترمذي والبيهقي والحاكم].
ألا ما أروع هذا الكلام، وما أرحمه!!
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتصيَّد الأخطاء للمذنبين، بل إنه يتغاضى عن الأمر تمامًا إن لم تكن البينة واضحة، والدليل كافيًا..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تَعَافُّوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ”[أبو داوود والنسائي والبيهقي].
يقول السيوطيتعليقًا على هذا الحديث: “أي تجاوزوا عنها ولا ترفعوها إليَّ فإني متى علمتها أقمتها”
موقف صفوان بن أمية
وهذا المعنى وضح في موقف صفوان بن أمية رضي الله عنه عندما رفع أمر رجل سرقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع يد السارق وذلك تطبيقًا للحد، فَقَالَ صَفْوَانُ: يَا رسول الله صلى الله عليه وسلم لَمْ أُرِدْ هَذَا رِدَائِي عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فَهَلاَّ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ”[النسائي وابن ماجه ومالك وغيرهم].
إنها دعوة رحيمة صريحة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صفوان بن أمية رضي الله عنه، وإلى عموم المسلمين أن يجتهدوا في تعافي الحدود فيما بينهم، وألا يرفعوا الجرائم إليه إلا في آخر المطاف..
وقد حدث في قصة ماعز[ماعز بن مالك الاسلمي] رضي الله عنه ما يؤيد ذلك؛ لأن رجلاً من الصحابة اسمه هزَّال هو الذي دفع ماعز إلى الاعتراف بجريمة الزنا، فلما أصرَّ ماعز على الاعتراف بالجريمة رجمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ماعزًا كان محصنًا، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يدع الأمر يمر دون أن ينصح لهزّال -والأمة من بعده- قائلاً: “وَاللَّهِ يَا هَزَّالُ لَوْ كُنْتَ سَتَرْتَهُ بِثَوْبِكَ كَانَ خَيْرًا مِمَّا صَنَعْتَ بِهِ”[مالك في الموطا وهو صحيح الاسناد].
قصة ماعز
وما دمنا قد ذكرنا أمر ماعز فما أجدرنا أن نعرَّج على قصته لنرى رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رُفع له أمر رجل زنى وهو متزوج..
يروي بريدة بن الحصيب رضي الله عنه فيقول: جَاءَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رسول الله طَهِّرْنِي، فَقَالَ: “وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ”. قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ جَاءَ؛ فَقَالَ: يَا رسول الله طَهِّرْنِي، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ”وَيْحَكَ ارْجِعْ فَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَتُبْ إِلَيْهِ”. قَالَ: فَرَجَعَ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ جَاءَ؛ فَقَالَ: يَا رسول الله صلى الله عليه وسلم طَهِّرْنِي؛ فَقَالَ النَّبِيُّ مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ الرَّابِعَةُ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: “فِيمَ أُطَهِّرُكَ؟” فَقَالَ: مِنْ الزِّنَا؛ فَسَأَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ”أَبِهِ جُنُونٌ؟ “فَأُخْبِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَجْنُونٍ فَقَالَ: “أَشَرِبَ خَمْرًا؟” فَقَامَ رَجُلٌ فَاسْتَنْكَهَهُ فَلَمْ يَجِدْ مِنْهُ رِيحَ خَمْرٍ. قَالَ: فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أَزَنَيْتَ؟” فَقَالَ: نَعَمْ”[مسلم].
إننا نرى هنا موقفًا من أعظم مواقف الرحمة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه موقف رجم لإنسان، وهو أمر شديد ولا شك..
إن ماعزًا جاء ليعترف بالزنا ليقام عليه الحد، جاء معترفًا دون أن يُكرهه أحد، لقد جاء تائبًا مقرًّا بذنبه يريد أن يتخلص منه في الدنيا قبل حساب الآخرة، والحدود كفارة كما ذكرنا قبل ذلك..
الرحمة – رحمة النبيوقد جاء على رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً له: طهرني، وقد شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوهلة الأولى أن الرجل قد ارتكب ذنبًا عظيمًا، فلا شك أن هذا كان باديًا على قسمات وجهه، وعلى نبرات صوته، لكنَّه مع ذلك لم يسأله عن ذنبه، ولو من باب الفضول، فإنه أراد أن يتكتم عليه لئلاَّ يقيم عليه حدًّا، وهذا من رحمته العظيمة ، ولكن ماعزًا كان مُصِرًّا على الاعتراف، وصرَّح في المرة الرابعة بذنبه، ومع ذلك لم يتلقف رسول الله صلى الله عليه وسلم منه الاعتراف كما يحدث في كثير من بلاد العالم ويسجله عليه، بل راجعه أكثر من مرة ليتراجع، وذلك رحمة به، فسأل عن عقله: هل به جنون؟ فقالوا: لا، فسأل عن شربه للخمر فلعله قد أذهب عقله فاعترف بما لم يفعل، وحد الخمر أهون من حد الزنا للمحصن، ولكن ماعز لم يكن شاربًا للخمر..
إنها محاولات حقيقية من رسول الله صلى الله عليه وسلم لدرء الحد، والتجاوز عن ماعز، بل إنه -في روايات أخرى- التفت إلى قوم ماعز وسألهم: “أَتَعْلَمُونَ بِعَقْلِهِ بَأْسًا تُنْكِرُونَ مِنْهُ شَيْئًا”؛ فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ إِلا وَفِيَّ الْعَقْلِ مِنْ صَالِحِينَا فِيمَا نُرَى[مسلم].
وفي رواية أخرى حاول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجد له مخرجًا حتى بعد اعترافه بالزنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: “لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ؟ قَالَ: لا”[البخاري].
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في نفسه لعل ماعزًا لم يَزْنِ حقيقةً، ولكنَّه تأول بعض أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يشير فيها أن العين إذا نظرت نظرًا مُحرَّمًا فهو نوع من الزنا، وكذلك اليد وباقي الأعضاء، وذلك مثـل قوله: “إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنْ الزِّنَا أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ؛ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ الْمَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ”[البخاري].
ومن هنا سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأسئلة محاولاً إخراجه من أزمة إقامة الحد عليه..
وأُقِيمَ الحد على ماعز كما قضت الشريعة، فرُجِمَ بالحجارة..
أو لعله مناسبًا وحقيقيًّا أن نقول: أقيم الحد على ماعز كما تمنَّى هو وأراد..
إن الشريعة الإسلامية رحمة كلها، وليست الشريعة حدود صارمة لا قلب لها ولا عاطفة، ولكنها منظومة كاملة، وكما كان في هذه المنظومة إقامة الحدود للردع، كان فيها تربية الشعب على التقوى ومراقبة الله ، حتى يصل الأمر على أن يأتي الزاني المحصن ليعترف بجريمته ويُرجَمَ مع أنه ليس عليه شهود!!
تعليق على قصة ماعز بن مالك
وهل وقفت قصة ماعز عند هذا الحد؟!
في الحقيقة لقد بقيت نقطتان مهمتان أود الإشارة إليهما، ولهما علاقة وثيقة بموضوعنا..
جريمة الزنا
أما النقطة الأولى فهي خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة ليلاً في اليوم الذي رُجِمَ فيه ماعز..
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنه يقرأ الشبهات التي من الممكن أن تثار حول الحدث، ولا شك أنه أدرك أن هناك في المدينة، أو في الدنيا بعد ذلك من سيشفق على ماعز، ويقترح عدم إقامة الحد ما دام قد أعلن توبته وجاء نادمًا، ولكن أنَّى لنا أن ندرك صدق التوبة من كذبها!! إن التوبة عمل قلبي بين العبد وربه، ولو لم يُقَمِ الحدُّ عند ثبوت الجريمة بدعوى توبة الفاعل لكان هذا داعيًا لكل المجرمين أن يأتوا ما شاءوا من الجريمة ثم يعلنوا -صدقًا أو كذبًا- أنهم قد تابوا..
لقد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة نبَّه الناس فيها إلى أن الموقف المأساوي الذي تعرَّض له ماعز عندما رُجِمَ لا يجب أن يصرف الناس أو يلهيهم عن الجريمة التي تمت.. لقد اعتدى ماعز على حرمة امرأة، واعتدى على حرمة البيت الذي خرجت منه، واعتدى على حُرمَة زوجها أو أبيها أو أخيها، واعتدى على حرمة المجتمع..
إن هذا فاحشة مبينة لو تخيلتها تحدث مع بعض ذويك ومحارمك لطالبت فورًا برجم الفاعل، ثم إن هذه الجريمة قد تنتج طفلاً بريئًا -وهذا قد حدث فعلاً في قصة ماعز- سيظل معذَّبًا طيلة عمره، مع أنه لم يرتكب شيئًا..
إن آثار جريمة الزنا وخيمة على المجتمع بكامله.. وآهٍ لو سرت الفاحشة في مجتمع من المجتمعات، وراجِعوا إحصائيات أولاد الزنا في المجتمعات الغربية الآن، بل راجعوها في المجتمعات الإسلامية التي لا تطبق شريعة رب العالمين.. إن الأمر جد خطير، والقضية لا تحتمل تهاونًا أو تفريطًا..
لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية هذا الحدث الكبير ليعلق أمام الجميع أن الحد قد أقيم رحمة بالمجتمع، ورحمة بالإنسانية، ولم يكن الفرض منه قسوة بإنسان، أو تشهير بمذنب..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته: “أَوَ كُلَّمَا انْطَلَقْنَا غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَخَلَّفَ رَجُلٌ فِي عِيَالِنَا لَهُ نَبِيبٌ[صوت التيس عند الجماع] كَنَبِيبِ التَّيْسِ!! عَلَيَّ أَنْ لا أُوتَى بِرَجُلٍ فَعَلَ ذَلِكَ إِلا نَكَّلْتُ بِهِ”[مُسلم].
لقد كانت كلمات في منتهى التوفيق والروعة والحكمة!!
إنه يطلب من الناس أن يَحْكُموا عواطفهم بعقولهم..
إنه يصور موقفًا لا تطيقه نفس بشرية..
يعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صورة قاسية قد يتعرض لها أي فرد في المجتمع إذا سرت فيه الفاحشة..
الناس يخرجون في عمل نبيل شريف، وهو الجهاد في سبيل الله، دفاعًا عن حقوق الشعب بكامله، وحرصًا على كرامة الأمة بكاملها، فإذا بأناس قد غدروا بهم، ولم يقدروا حرمتهم، فانتهزوا فرصة غيابهم، وسطوا على أعز ما يملكون وسطوا على شرفهم، واعتدوا على نسائهم..
يا للجريمة البشعة!
ثم هو يشير بالتصريح إلى أن هذه الجريمة قد تحدث مع أي إنسان في المجتمع حتى مع هذا الذي أخذته الشفقة على المجرم.. إنه يقول : “تَخَلَّفَ رَجُلٌ فِي عِيَالِنَا” إنهم عيالنا.. إنهم نساؤنا.. إن المصيبة تخصنا..
نحن الذين سندفع ثمن انتشار الرذيلة لا غيرنا..
ويشير رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضًا في كلمته أن الذي يفعل هذا الجرم الشنيع يفعله متشبهًا بالحيوانات، “لَهُ نَبِيبٌ كَنَبِيبِ التَّيْسِ”، فقد تجرد في لحظة الفعل من كل مشاعر الإنسانية، فلا تأخذكم به رأفة..
وأخيرًا فإنه يُعلن في منتهى الصرامة أن الذي سيأتي هذا الفعل الشنيع سيكون عقابه نفس العقاب دون تهاون..
إنه ليس حق رسول الله صلى الله عليه وسلم الشخصي حتى يفرط فيه أو يتنازل عنه، إنه حق الله أولاً، وحق المجتمع والشعب ثانيًا، وسوف ينفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم كائنًا في ذلك ما هو كائن..
كانت هذه هي النقطة الأولى التي أحببت أن أشير إليها بخصوص قصة ماعز..
توبة ماعز
أما النقطة الثانية فرائعة أيضًا!!
كيف كان الوضع في المدينة المنورة بعد هذا الحدث المهم؟! وماذا كان رد فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم للجدال الذي دار بين الناس بعد ذلك؟!
يقول بُريدة : فَكَانَ النَّاسُ فِيهِ فِرْقَتَيْنِ (أي في ماعز) قَائِلٌ يَقُولُ: لَقَدْ هَلَكَ لَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ، وَقَائِلٌ يَقُولُ: مَا تَوْبَةٌ أَفْضَلَ مِنْ تَوْبَةِ مَاعِزٍ إنَّهُ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: اقْتُلْنِي بِالْحِجَارَةِ. قَالَ: فَلَبِثُوا بِذَلِكَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلاثَةً، ثُمَّ جَاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَهُمْ جُلُوسٌ فَسَلَّمَ، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ: “اسْتَغْفِرُوا لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ”. قَالَ: فَقَالُوا: غَفَرَ اللَّهُ لِمَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ. قَالَ: فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : “لَقَدْ تَابَ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ أُمَّةٍ لَوَسِعَتْهُمْ”[صحيح مُسلم].
الله أكبر!!
إننا لا نستطيع بحال من الأحوال أن نحيط برحمته …
إنه مع كراهيته الشديدة للفعل، ومع نهيه المستمر للناس أن يفعلوا مثلما فعل ماعز، ومع تحذيره من تكرار الأمر، مع كل ذلك لا يتردد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُعلن أمام الناس جميعًا أن الله قد غفر لماعز خطيئته!
لا يتردد أن يطلب من الناس أن يستغفروا له!!
إنه لا يحق للناس أن يخوضوا في عرضه مادام الحد قد أقيم عليه، ومادام قد أعلن توبته أمام الجميع.. بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في موقف آخر يدافع عن ماعز دفاعًا كبيرًا رحمةً له ورأفةً به..
يقول أبو هريرة: “سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: انْظُرْ إِلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَدَعْهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ؛ فَسَكَتَ عَنْهُمَا، ثُمَّ سَارَ سَاعَةً حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِل بِرِجْلِهِ؛ فَقَالَ: “أَيْنَ فُلانٌ وَفُلانٌ؟” فَقَالا: نَحْنُ ذَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: “انْزِلا فَكُلا مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ”؛ فَقَالا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ يَأْكُلُ مِنْ هَذَا؟!! قَالَ: “فَمَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا آنِفًا أَشَدُّ مِنْ أَكْلٍ مِنْهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ الآنَ لَفِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَنْقَمِسُ[ينغمس] فِيهَا!”[أبو داوود والبيهقي].
ولا أفضل من ختام لهذا المقال من قول ربنا في حق الرسول : {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
د. راغب السرجاني ..
اللهم صلي على سيدنا محمد وعلى اله وبارك بمن تبعه ليوم الدين
ما وصل اليه العالم وما وصلنا اليه الا من تغاضي الكثيرون عن اقامة حدود الله على الارض وتطبيق شرعه. وتهاون بعضهم وتحليلهم للجرام كان يقول لك كيف من يسرق ان تقطع يده وله ان ين يتوب ويعمل ؟
وجرائم الشرف التي يعطي الشارع حق لنفسه بتطبيق ما يحلو له بقتل احداهن دون الرجوع الى الشروط المرجو الانتباه اليها بداعي الحمية وليس لانتهاك حدود الله ……..
كماان الخوف الدائم عند الاخرين باقامة الدولة الاسلامية والسعي لنشر العلمانية جزء من تناسي العالم لضرورة تطبيق حدود الله فانتشر الفساد بالارض وعم الاذى…..
فالرجوع حق اعانننا الله وسائر الصالحين لخير العباد
———————————-
——————————–
——————-
مامون لن اعجز عن الشكر والامتنان لك كالعادة يا نورة نورت
اذا لم يتم ردع الجريمة او التصرف الفردي المشين فإنه سيتفاقم وينتشر ليتحول من سلوك فردي الى ظاهرة اجتماعية وعندها سيصعب محاصرتها لذلك فإن اساس بناء اي مجتمع هو وضع ركائز أخلاقية مصنفة بحسب طبيعة السلوك فكما لا نحتج على طبيعة الجزاء والعطاء الجزيل كتثمين لما هو حسن ينبغي كذلك تقدير الاحكام الرادعة للتصرفات المشينة وهذا تفرضه مقتضيات التوازن.
الحدود في الاسلام -لا شك-منصفة بكل المقاييس فإن كنا لا نستهجن أن ينص دستور أي قانون وضعي بشري على بنود تتضمن عقابا (بدليل وجود محاكم وقوانين و…) فلماذا سنرى في التشريع الالهي ظلما.وعلى كل فالانبياء لم يضعوا التشريعات وانما سخروا للممارستها عمليا من اجل ابلاغها اولا وترسيخها ثانيا والحث على الرجوع اليها وتطبيقها ثالثا.والاكيد أن الرحمة من بين اهم الدوافع المحفزة على ضرورة تطبيق الحدود وهذا أمر جلي فليس من العقل ولا الاحساس الرأفة بحال فرد مرتكب لجريمة والرفض أو القسوة على فرد آخر أو جماعة وقع عليها ظلم..والامر محكوم بضوابط وفيه عبر .
شكرا مامون على الانتقاء المميز.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطط لأسس الإصلاح في المجتمع الإسلامي في حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدودا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تسألوا عنها ) رواه الدارقطني وغيره
بارك الله بك اخي مأمون وجزاك كل الخير ان شاء الله
تماما يااخ مامون لو امعنا التفكير في الحدود لوجدناها تنظيف للمجتمع من الامراض البشرية والنفس الدنيئة وردع كل من يفكر بتفكير حيواني غير انساني لايذا الناس والمجتمع
شكرا كثير اخ مامون على الموضوع الجميل
عندما قرات العنوان حسبته عن حدود سايكس بيكو التي شرذمت الامة ومزقتها وانهكتها وجعلت منها امة في ذيل الامم ….واعتقد جازما انه لن تقوم للامة قائمة ، ولن تحظى الامة بتطبيق الحدود الشرعية -في ظل الدولة الاسلامية -التي ستعيدها الامة الاولى في العالم الا بعد ازالة الحدود المصطنعة الجائرة..
فلنهتف جميعا معا
“الامة تريد ازالة الحدود المصطعنة”
……………………………………………………….
وكل الشكر لمامون على الموضوع القيّم !!
ثم فوق كل ما سبق، وقبل كل ما سبق، هي أوامر من رب العالمين ، واجبة التطبيق، والله أعلم بما يُصلِحُ عبادَه وكونه
……………………
اذا كان من يصنع الآلة نقر له جميعا انه الاعلم والادرى بما يصلحها، افليس من العدل والمنطق ان نقر لله خالق الانسان والكون والحياة -من عدم – انه الادرى بما يَصلح ويُصلح مخلوقاته جميعا!!
” ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون” صدق الله العظيم
جُزيت خيراً يا مأمون…
سلام جنتل كيفك ان شاء الله انك بخير
وعليك السلام يا مهيب, الحمد لله بخير.. وأنت؟
سلام للأخ أبو المنذر.
الشريعه الاسلاميه وحدودها هي الخيار الافضل لو طبقت بحذافيرها و على كل مستويات البشر …الشريعه الاسلاميه وحدودالشريعه الاسلاميه وحدودها هي الخيار الافضل لو طبقت بحذافيرها و على كل مستويات البشر …هي الخيار الافضل لو طبقت بحذافيرها و على كل مستويات البشر …الشريعه الاسلاميه وحدودها هي الخيار الافضل لو طبقت بحذافيرها و على كل مستويات البشر …الشريعه الاسلاميه وحدودها هي الخيار الافضل لو طبقت بحذافيرها و على كل مستويات البشر …الشريعه الاسلاميه وحدودها هي الخيار الافضل لو طبقت بحذافيرها و على كل مستويات البشر …الشريعه الاسلاميه وحدودها هي الخيار الافضل لو طبقت بحذافيرها و على كل مستويات البشر …الشريعه الاسلاميه وحدودها هي الخيار الافضل لو طبقت بحذافيرها و على كل مستويات البشر …الشريعه الاسلاميه وحدودها هي الخيار الافضل لو طبقت بحذافيرها و على كل مستويات البشر …
سبحان الله والحمد لله وحاشى لله أن يخلق شيئاً أو أن يأمرنا بشيئ عن عبث ..
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ..
جزاك الله كل خير مأمون ..
جزاك الله كل خير مأمون.
الموضوع هذا المفروض ان يكون ومهم جدا لغير المسلمين قرآته حتى يعرفوا من هو ذاك الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وسلم .
بارك الله بك وزاد حسناتك اخي الكريم مامون .
((و ما أرسلنا ك إلا رحمة للعالمين)) الأنبياء 107
يجب أن يُعْلَمَ أنَّ الإسلام لم يجعل لكل جريمةٍ عقوبةً بدنيةً دنيويةً، بل إنَّ أكثرها لا يُعاقب عليه إلا في الآخرة ـ عند الله عز وجل ـ، بعد التعريف بسوء عاقبتها هنالك. ولا يتسع مُقامُ المَقَالِ لتعديدها، فهي لا تُعدُّ كثرةً، ولكن يكفي أن تعلمَ أن عَدَدَ الجرائمِ المُحَدَّدِ لها عقوبة مقدرة سبعُ جرائمَ فقط، وهي: الزنا، والقذف، والسرقة، وشُربُ المسكرِ، وقطعُ الطريقِ (الحِرَابَةُ)، والرِّدَّةُ، والبغيُ، بالإضافة إلى القَصاص وهو لا يُسَمَّى حدًّا ـ عند فقهاء الحنفية ـ؛ لأنَّ حَقَّ العبد فيه غالب، بمعنى: أن المجنيَّ عليه يملك العفوَ عن الجاني، وإسقاطَ العقوبة عنه، فكم تساوي هذه من أُلُوفِ الجرائم ـ التي لم يُحَدَّدْ لها عقوبة في الدنيا ـ حتى يتجرأ بعض الملحدين والزنادقة، ويتكلموا بكبيرٍ، ويَتفوَّهُوا بعظيمٍ، ويتلفظوا بإفكٍ مبينٍ، فيتهموا الإسلام بالوحشية، والعنف، والقسوة، والشدة، وعدم صلاحيته لمسايرة المدنية والتقدم، والانسجام مع طباع الناس الراقية، وأحاسيسهم المُرْهَفَةِ، إلى آخر هذه التُّرَّهَاتِ.
انظروا إلى كم يد قطعت في حد من حدود الله في زمن الرسول و كم أرواح زهقت بغير وجه حق يأتيك الجواب شافيا…..
هل تعلم أن حد الزنا في زمن الرسول عله الصلاة أقيم مرتين مرة في المرأة الغامدية و الثانية في ماعز…..
عن عمران بن الحصين رضي الله عنهما ( ان امرأه من جهينه أتت النبي وهي حبلى من الزنا فقالت : يانبي الله أصبت حدا فأقمه علي فدعا رسول الله وليها فقال : أحسن اليها فاذا وضعت فأتني بها ففعل فأمر بها فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال عمر بن الخطاب : أتصلي عليها يانبي الله وقد زنت فقال النبي : لقد تابت توبه لو قسمت بين سبعين من أهل المدينه لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن أجادت بنفسها لله ) رواه مسلم
شكرا مأمون جازاك الله كل خير………
موضوع طويل لم يترك لي أي إضاف، لكنه يستحق القراءةة..مشكور أخي مأمون
صلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم رسول الرحمة والحق وجزاك الله الف خير يا أخ مأمون على الموضوع المهم وجاء في وقته ليبين عظمة ديننا ورحمته والقصد من هذه الحدود التي يعتبرها دعاة التحضر أنها همجية ومتوحشة ونسوا انهم ليس بأرحم من الله سبحانه وأعدل وأن حدوده التي وضعها وهو أعلم بتأثيرها على المجتمع وعلى العباد
**قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَخْرَجٌ فَخَلُّوا سَبِيلَهُ فَإِنَّ الإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ
**تَعَافُّوا الْحُدُودَ فِيمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ
////////////////
لن اعلق,, سأكتفي بهذين الحديثين لنبيّ الرحمه عليه الصلاة والسلام وأوجههم لأصحاب الأجتهاد ,,ولمن وجلت قلوبهم من القصاص,,فهنيئا لمن يحاسب عن ذنوبه بالدنيا ويأتي الله دون ذنب ,,فمن لا يستطيع ان يكون كماعز على الأقل لا يتدخل بشرع الله ,,نرأف بالقاتل وننسى الضحيه .
شكرا مأمون ,,متمكن كالعادة
شكراً لكم جميعاً على مروركم واضافاتكم ..
وآسف لطول الموضوع ..!!
كذا جريمة حدثت بالأيام السابعة,, وكل المجرمين كان ألهم سوابق لكن الأحكام الخفيفة هي سبب وجودهم بالشارع مرة ثانية..
وبمناسبة الحدود فأين أنتم من هذي اللي طلعت زلط ملط؟ أين حدود الله؟