مرسلة من صديقة نورت noha
مشى الموسر في حديقة صرحه و مشى الهم متبعاً خطواته, و حام القلق فوق رأسه مثلما تحوم النسور على جثة صفعها الموت, حتى بلغ بحيرة تسابقت في صنعها أيدي الإنسان و جمعت جوانبها منطقة من الرخام المنحوت
فجلس هناك ينظر آناً إلى المياه المتدفقة من أفواه التماثيل تدفق الأفكار من مخيلة العاشق, و آونة إلى قصره الجميل الجالس على تلك الرابية جلوس الخال على وجنة الفتاة
جلس فجالسته الذكرى و نشرت أمام عينيه صفحات كتبها الماضي في رواية حياته فأخذ يتلوها و الدموع تحجب عنه محيطاً صنعه الإنسان و اللهفة تعيد إلى قلبه رسوم أيام نسجتها الآلهة حتى أبت لوعته إلا الكلام فقال
كنت بالأمس أرعى الغنم بين تلك الروابي المخضرة و أفرح بالحياة و أنفخ في شبّابتي معلناً غبطتي, و ها أنا اليوم أسير المطامع يقودني المال إلى المال, و المال إلى الانهماك, والانهماك إلى الشقاء
كنت كالعصفور مغرداً, وكالفراش متنقلاً, ولم يكن النسيم أخف وطأة على رؤوس الأعشاب من خطوات أقدامي على تلك الحقول, و ها أنا سجين عادات الاجتماع: أتصنع بملابسي وعلى مائدتي وبكل أعمالي من أجل إرضاء البشر و شرائعهم
كنت أود لو أني خلقت لأتمتع بمسرات الوجود, ولكني أراني اليوم متبعاً بحكم المال سبل الغم, فصرت كالناقة المثقلة بحمل من الذهب, و الذهب يميتها
أين السهول الواسعة؟ أين السواقي المترنمة؟ أين الهواء النقي؟ أين مجد الطبيعة؟ قد ضيعت كل ذلك و لم يبق لي غير ذهب أحبه فيستهزئ بي, وعبيد أكثرتهم فقل سروري, وصرح رفعته ليهدم غبطتي
كنت و ابنة البدو نسير و العفاف ثالثنا, و الحب نديمنا, و القمر رقيبنا, و اليوم أصبحت بين اللواتي يمشين ممدودات الاعناق, غامزات العيون, الشاريات الحسن بالسلاسل و المناطق, و البائعات الوصل بالأساور و الخواتم
كنت و الفتيان نخطر بين الأشجار كسرب الغزلان, نشترك بإنشاد الأغاني, نقتسم ملذات الحقول, و اليوم صرت بين القوم كالتعجة بين الكواسر, أمشي في الشوارع فتنفتح علي عيون البغض و يشار إلي بأصابع الحسد, و إن ذهبت إلى المتنزهات لا أرى غير وجوه كالخة و رؤوس شامخة
بالأمس أعطيت الحياة و جمال الطبيعة, واليوم سلبتهما. بالأمس كنت غنياً بسعادتي و اليوم أصبحت فقيراً بمالي. بالأمس كنت و نعاجي مثل ملك رؤوف و رعيته, و اليوم صرت لدى الذهب كالعبد المتصاغر أمام السيد المظلوم… ما كنت أحسب أن المال يطمس عين نفسي ويقودها إلى مغاور الجهل, وكم أدر أن ما يحسبه الناس مجداً كان واحر قلباه جحيماً
وقام الموسر من مكانه و مشى ببطئ نحو قصرة متأوهاً مردداً: أهذا هو المال؟ أهذا الإله الذي صرت كاهنه؟ أهذا ما نبتاع بالحياة و لا يمكننا أن نستبدل به ذرة من الحياة؟ من يبيعني فكراً جميلاً بقنطار من الذهب؟ من يأخذ قبضة من الجواهر بدقيقة محبة؟ من يعطيني عيناً ترى الجمال و يأخذ خزائني؟؟؟؟
جبران خليل جبران
دمعة و ابتسامة
حياة الحب , الأمس و اليوم
جميل حقا،كلمة وأسلوبا ومعنى
لكن ليس المال دوما سبب الشقاء، ولا الفقر سبب السعادة، على حسب طبيعة النفس التي نحمل بين جنبينا
مشكورة، نها أو نهى؟
nor & salam ها أنا سجين عادات الاجتماع: أتصنع بملابسي وعلى مائدتي وبكل أعمالي من أجل إرضاء البشر و شرائعهم
_________________________________________________
عزيزتي هناك عدة افكارهنا هذه احداها شكراً لمرورك الكريم اسمي نهى
المال يأتي بالقلق دائما ،،، مثلما قالت الاخت نها في هذا المقال …( مشى الموسر ( الغني ) في حديقة صرحه ( ما لديه ) !!! ومشى الهم متبعا خطواته ( لا يفارقه طالما هذا المال عنده ) … والله صدقت … الانسان يكون لديه حساب في البنك يوفره للزمن كل شهر مثلا ، فلا ينام قبل ان يُفكر في كميته التي لديه في حسابه البنكي ،،، فكيف لو كان هذا ( الموسر ) لديه الملايين ؟؟؟ اعتقد انه لا يستطيع النوم ابدا !!!!!! شكرا اخت نها …. Noha >>>>>
Top Quality في حزيران 25, 2011
شكراً على مرورك الهم مش بس من المال لأنو مع المال فقد حريتو لا تنسى ان جبران إبن ضيعة
معك حق ، ومعي حق ايضا ، فانا عندما قلت ان الغني لا ينام ، فمعنى هذا انه لا يتمتع بابسط الحريات وهو النوم ، اما عن جبران فهو البرج الشامخ في مجال الادب والفكر ويحترمه الاجنبي قبل العربي لهذا ،،، تحياتي …
إذا رضيت فعبّر عن رضاك، لا تصطنع نصف رضا، وإذا رفضت.. فعبّر عن رفضك، لأن نصف الرفض قبول.. النصف هو حياة لم تعشها، وهو كلمة لم تقلها، وهو ابتسامة أجّلتها، وهو حب لم تصل إليه، وهو صداقة لم تعرفها.. النصف هو ما يجعلك غريباً عن أقرب الناس إليك، وهو ما يجعل أقرب الناس إليك غرباء عنك،
————————————————-
جبران
كان فيلسوفا واعترف له الغرب بهذا قبل الشرق الذي خرج من رحمه …شكرا اختنا الكريمة نها ….
سر إبداع جبران هو الدمع وفلسفة الألم الذي عاشه.
شكرا نهى على الانتقاء الراقي.
Top Quality لبنى في حزيران 25, 2011
انا سعيدة بمن يستمتع معي بجزء من إنتاج جبران القريب الى نفسي
لبنى في حزيران 25, 2011 |
سر إبداع جبران هو الدمع وفلسفة الألم الذي عاشه.
شكرا نهى على الانتقاء الراقي.
ما كنت أحسب أن المال يطمس عين نفسي ويقودها إلى مغاور الجهل, وكم أدر أن ما يحسبه الناس مجداً كان واحر قلباه جحيماً
_____________________
موضوع حلو جدا وإختيار موفق لجبران خليل جبران
شكرا نها
شكراً ل نوزا المصرية و ورود هذا زوق منكما