مرسلة من صديقة نورت بنت الشام
مقالة جميلة لأحمد خالد توفيق، إقرأها لآخر سطر
مجلة الشباب – 31 أغسطس 2010
سوف أحكي لك اليوم قصة جميلة قرأتها قديما في مجلة المختار من الريدرز دايجست.. مجلة (المختار) كانت تصدر عن دار أخبار اليوم في مصر
كانت هناك كتب ومقالات معينة تشد انتباهي جدا في مجلة المختار هذه.. مثلا كانت هناك رسالة جميلة يكتبها أب لابنه الصغير النائم اسمها (بابا ينسى)، وقد ظللت أبحث عنها طويلا حتي وجدتها في أحد المنتديات الليبية. صحيح أنهم اختصروا منها كثيرا جدا لكنها ظلت قمة في الإبداع. هناك قصة بالصور الفوتوغرافية علي عدة صفحات.. المتكلمة واضح أنها طفلة تقول: أحب القطط الصغيرة.. أحب الثلج.. أحب العصافير.. أحب الشيكولاتة.. أحب لعب الكرة بعد المدرسة.. إلخ.. إلخ.. في نهاية القصة نرى وجه طفلة زنجية جميلة دامعة هي التي كانت تحكي لنا القصة، ومعها عبارتها الأخيرة: أتساءل… لماذا لايحبني بعض الناس؟؟؟
أما القصة التي سأحكيها لك فهي تجربة حقيقية مرت بكاتب المقال الأمريكي في طفولته..
إننا نحمل في خلايانا الدروس التي تلقيناها في طفولتنا، ولا نستطيع منها فكاكا. نحن سجناء بيئتنا وطريقة تربيتنا الأولي.
كان المؤلف في السابعة من عمره وكان يهيم غراما بمتجر المستر جونز الموجود علي قارعة الطريق.. السبب طبعا هو أنه متجر لبيع الحلوى.. هناك عبر النافذة المطلة علي الشارع كان يقف ليرمق العالم السحري بالداخل، قطع الجاتوه المكسوة بالشيكولاته والكريم وقد غرست فيها أعلام صغيرة أو أعواد ثبتت عليها الفواكه المسكرة. التفاح المكسو بالسكر.. تماثيل مختلفة من الشيكولاتة، وقلعة شيدت منها تقف فوق جبل من الكريمة. عشرات الأنواع من حلوى النعناع التي تذوب في الفم تاركة نارا لها نشوة..
لم يكن يملك قط المال اللازم لشراء ما يريد، فهو من أسرة فقيرة، وهو يعرف أن أسعار هذه الأنواع من الحلوى تفوق قدراته..
إلي أن جاء اليوم الذي ادخر فيه مايكفي..
اقتحم المحل فدق الجرس الصغير المعلق بالباب يخبر مستر (جونز) أن هناك زبونا. خرج العجوز الطيب الذي يضع عوينات تنزلق علي قصبة أنفه، وتأمله وهو يجفف يده في منشفة، وسأله:
ـ ماذا تريد أيها الرجل الصغير؟
اتجه المؤلف الصغير إلي قطع الجاتوه وأشار لها بثقة:
ـ أريد خمس قطع من هذه..
ابتسم العجوز ودس يده في قفازين وانتقي للفتي بعض القطع التي طلبها، وهو يتلقي التعليمات: لاأريد التي عليها قشدة كثيرة.. لتكن الشيكولاتة
في النهاية أغلق العجوز علبة صغيرة ونظر للصبي متسائلا، فأشار إلي التماثيل المصنوعة من الشيكولاتة:
ـ أريد هذا القط وهذا الحصان.. أريد هذا القصر الصغير.. هل هذه عربة؟.. ضعها لي
قال مستر (جونز) في شيء من الحذر:
ـ هل معك نقود تكفي هذا كله؟
ـ نعم.. نعم
الآن انتقي بعض حلوى النعناع، وكان هناك الكثير من غزل البنات الذي مازال ساخنا فانتقي منه كيسين، واختار بعض الكعك..
في النهاية صارت هناك علبة كبيرة معها كيس عملاق امتلأ بالأحلام، وسأله مستر جونز:
ـ هل هذا كل شيء؟.. سأحسب..
هنا مد المؤلف الصغير يده في جيبه وأخرج ماله.. أخرج قبضة من البلي الملون الذي يلعب به الأطفال ووضعه بحذر في يد العجوز، وقال في براءة:
ـ هل هذا كاف؟؟
لا يذكر المؤلف التعبير الذي ارتسم علي وجه مستر (جونز).. مايذكره هو أنه صمت قليلا، ثم قال بصوت مبحوح وهو يأخذ البلي:
ـ بل هو زائد قليلا.. لك نقود باقية
ثم دس بعض قطع العملة في قبضة الصبي، ومن دون كلمة حمل الصغير كنزه وغادر المتجر.. لقد نسي هذا الحادث تماما ومن الواضح أن أمه لم تكن فضولية، كما يبدو أنه لم يجرب ذلك مرة ثانية.. فيما بعد غادرت الأسرة المنطقة وانتقلت إلي نيويورك..
الآن صار كاتب المقال شابا في بداية العمر، وقد تزوج بفتاة رقيقة اتفق معها أن يكافحا ليشقا طريقهما.. كان كلاهما يعشق أسماك الزينة لذا اتفقا علي افتتاح متجر لهذه الأسماك..
في اليوم الأول انتثرت الأحواض الجميلة في المكان، وقد ابتاعا بعض الأسماك غالية الثمن.. وكما هو متوقع لم يدخل المتجر أحد..
عند العصر فوجئ بطفل في الخامسة من عمره يقف خارج الواجهة وإلي جواره طفلة في الثامنة.
كانا يرمقان الأسماك في انبهار..
وفجأة انفتح الباب وتقدمت الطفلة وهي تتصرف كسيدة ناضجة تفهم العالم، أو كأنها أم الصبي.. وحيت المؤلف هو وزوجته وقالت:
ـ أخي الصغير معجب بالأسماك لذا أريد أن أختار له بعضها..
قال لها إن هذا بوسعها بالتأكيد، لكنه شعر بأن هناك شيئا مألوفا في هذا الموقف. متي مر به من قبل؟.. لعله واهم؟..
اتجهت الفتاة إلي حوض أسماك المقاتل السيامي وهي باهظة الثمن رائعة الجمال، واختارت اثنتين فأحضر المؤلف دلوا صغيرا والشبكة وبدأ ينقل ماتريد.. ثم اتجهت إلي حوض أسماك استوائية نادرة واختارت ثلاث سمكات… وكانت تصغي لاختيارات أخيها الذي يهتم بالأسماك الكبيرة زاهية اللون طبعا..
في النهاية امتلأ الدلو ووجد نفسه يقول لها:
ـ أرجو أن تعودي للبيت سريعا قبل أن ينفد مافي الماء من هواء، كما أرجو أن يكون مامعك من مال كافيا فهذه ثروة صغيرة
قالت الطفلة في ثقة:
ـ لاتقلق.. فقط ضع لي هذه وهذه
بدأ يجمع ثمن ماوضعه في الدلو، وذكر الرقم المخيف للطفلة، لكنها لم تبد مدركة لمعني الرقم أصلا.. مدت يديها في جيبها وأخرجت قبضتيها مليئتين بحلوي النعناع وبعثرتها علي المنضدة أمامه وسألته في براءة:
ـ هل هذا كاف؟
هنا شعر بالرجفة.. لقد تذكر كل شيء.. تذكر صبيا في السابعة يجمع كل مافي محل المستر (جونز) من حلوى منذ خمسة وعشرين عاما أو أكثر.. تذكر البلي.. ترى بم شعر المستر جونز وقتها؟..
لن تسأل كيف تصرف فقد تصرف فعلا.. رباه!
.. ما أثقل الميراث الذي تركته لي يامستر جونز وما أقساه..!
كان مستر جونز قد وجد نفسه في موقف حساس، ولم يستطع أن يجازف ببراءة الصبي أو أن يشعره بالحرمان.. لم يتردد كثيرا.. وبالمثل لم يتردد المؤلف..
قال بصوت مبحوح للطفلة وهو يجمع حلوى النعناع ويضعها في الدرج:
ـ بل هو زائد قليلا.. لك نقود باقية
ودس في يدها الصغيرة بعض قطع العملة، فقالت في رضا:
ـ شكرا ياسيدي.. سأخبر كل صديقاتي عنك!
وغادرت المحل مع أخيها.. هنا وثبت زوجته من حيث جلست تتابع هذا الموقف وصاحت في توحش:
ـ هل تعرف ثمن السمك الذي أخذته هذه الطفلة؟.. إنه يقترب من خمس رأس مالنا!
قال لها وهو يرمق الصغيرين يهرعان تحت شمس الطريق:
ـ أرجو أن تصمتي.. لقد كان هناك دين يثقل كاهلي علي مدي خمسة وعشرين عاما نحو عجوز يدعي مستر جونز، وقد سددته الآن!!
انتهت القصة..
لو لم تجدها جميلة أو لم تشعر بقشعريرة وأنت تقرؤها، فالعيب يعود إلي تلخيصي لها. هذه المقالات لاتلخص وإنما تعاش.
الآن فكر في هذا جيدا..
سوف تكتشف أن نسيجك الأخلاقي يتكون من عشرات بل مئات المواقف التي اجتزتها مع والديك أو معلميك، وهذه المواقف تركت لك في كل مرة دينا يجب أن تفي به. كثيرا ماننسى هذا الدين.. ولاتحسب الأمر سهلا.. عندما بكيت أمام أبي لأنني لاأذكر شيئا من منهج الجغرافيا والتاريخ ليلة الامتحان، وضع يده علي كتفي وجلس يراجع لي المنهج حتي مابعد منتصف الليل.. عندما تكرر ذات الموقف مع ابني اعتبرته مستهترا
. .المصري الذي استضافني أسبوعين كاملين في بيته في ذلك البلد العربي إلي أن وجدت شقة، وبرغم هذا عندما استأجرت شقة صار من الصعب أن أستضيف معي شخصا لا أعرفه
الأستاذ الذي أشرف علي رسالتي العلمية الأولي، صادف الكثير من الأخطاء في المراجع فأصلحها ولم يعلق، بينما انفجرت أنا غيظا عندما رأيت أخطاء المراجع في أول رسالة أشرف عليها في حياتي. لكني أحاول أن أتصرف مثل الأستاذ الأول.. أحاول..
ميراث لاينقطع.. وما ستفعله بمن هم أصغر منك سوف يكررونه مع من هم أصغر منهم عندما يكبرون.. بل ربما يكررونه معك أنت..
بنت الشام قبل المقاله وين الكنافه
قصة اكثر من رائعة
فعلا الريأكشن غريب ( قشعريرة )
بالتوفيق
بنت الشام, انتي نور الشامية ؟؟؟
و شكرا على المقال
بنت الشام, انتي نور الشامية ؟؟؟
و شكرا على المقال
نورت انشري بدي استفسر…
مسا الخير أنا شامية بس اسمي مو نور..
مشكورة بنت الشام على المقال
وفعلا الواحد بحس بقشعريرة لما يقراه ..
رائعة يا بنت الشام… مشكورة على النشر.
قصه حلوه كتير والها معاني اكتر
بس لو البياع كان من بلدنا العربي كان دقو قتله للصبي خلا اسنانو لبره ههههههههههههههههههه
شكرا بنت الشام
وبنت الشام شكرااا
واهلا سوزي و يا سوزي أهلا
هههههههههه وهههههههه
فعلا احسست بقسعريره في جسدي وخانتني الدموع وسارفت على النزول من عيني لكن تتداركت الامر ووصلت الى نهاية قصتك يا بنت الشام
والله فعلا قصه رايعه وتحمل عبرا كثيره سكرا لك