كنيسة “السيدة الإفريقية” في الجزائر

مرسلة من صديقة نورت imene1114

إنَّها إحدى أشهر الكنائس على ساحل البحر الأبيض المتوسط “كنيسة السيدة الإفريقية” التي تربض فوق سفح جبل مطل على البحر في “باب الواد” بمدينة الجزائر العاصمة. بناءٌ مثير يأخذك من الاختلال إلى التوازن, فتحكي وتصمت, تفكِّر ثم تتأمَّل.

بناءٌ, عمران, كنيسة/ نصب. لكنَّه ليس النصب الذي يقمع/ قمعي, فنحن نعرف أنَّ الأنصاب قد شيِّدت لتمجيد الموتى, القادة والملوك, بل بعضها كان قبوراً- الأهرامات, غير أنَّ النصب هنا الكنيسةُ المليء بالرموز؛ فهو للإدراك الاجتماعي وللتعبُّد, فكان عمرانه, كانت عمارتها ترشح بالجمال والفخامة وبالأمان, حيث يتمُّ ترميمها الآن بكلفة تزيد على مليون يورو.

الكنيسةُ هذهِ استغرقَ بناؤها الذي صمَّمه المهندس المعماري” فرومجو” من عام 1858 لغاية 1872 تحت رعاية كل من الموسينور “بافي” والكاردينال “لافيجري”, وتمَّ تدشينها يوم 4 أيار 1872 . يبلغ طول الكنيسة 54 متراً, وارتفاعها 124 متراً. وعلُّو القبَّة 48 متراً. و طرازها المعماري بيزنطي, فيما زخرفتها تعود للطراز العربي الإسباني.

تحتوي الكنيسة على1- قاعة الدخول 2- الفناء مع الكراسي 3- مكان المذبح. وعندما تعبر الباب/المدخل من أعلى درجات الرخام تصادفك على اليسار لائحة منقوشة عليها العبادة المريمية في شمال إفريقيا في القرن الأوَّل, وفي الوسط لائحة تحتوي على طبق الأصل وُجِدَ في قرطاج نحو القرن الرابع الذي تظهر فيه العذراء مع الطفل, ومن فوق نسخة من حجرة منحوتة منقوش عليها مريم, وحولها تذكارة مريمية من القرن الرابع عشر باللاتينية والعربية والأمازيغية صدرت عن تزمالت في القبائل الصغري. مكتوب عليها: ( احمي خادمكِ يا مريم) . وفي فناء الوسط نلاحظ على الجدران كتابات – نذور مستجابة- اعترافاً للسيدة العذراء؛ بالعربية والأمازيغية والفرنسية بعضها قديمة والأخرى حديثة, نرى منها على اليمين النُذر المستجاب لملاَّح الفضاء ” فرنك بورمان” عندما وصل إلى الفضاء سنة 1970. وفي عمق الفناء نجد فوق الرصيف بلاط مأتمي ل “آن سانك” وهي واحدة من الأشخاص الذين ساعدوا في بناء الكنيسة, وفي كل جهة من عمق الكنيسة توجد قبَّة على اليسار مهداة للقلب الأقدس وعلى اليمين مهداة للقديس يوسف.
وفي مكان المذبح نرى مكعَّباً من عشرة أمتار والذي يكوِّن الهندسة الأساسية للكنيسة, في الوسط نرى مكان المذبح وهو مسطَّح من 16×10 متر مع المذبح المرمَّم في عام 1970, وفي الأعلى نرى القبَّة الكبيرة مع البندير, وعشرين من الزجاج الملوَّن, وفي أعلى القبَّة هناك صورة للسيدة العذراء مع الطفل, وعلى اليسار نجد تمثالاً للقديس أغسطينوس مع الصور الجدارية التي تبين مراحل حياته. وفوق الجدار أقوال لهذا القديس باللغة الفرنسية والعربية والأمازيغية, وعلى اليسار مذبح صغير نرى عليه ثمانية نذور مستجابة مهداة من طرف” شارل دي فوكو” , وفوق السطح على البلاط المأتمي نقرأ الأم مريم سالومي مؤسِّسة الراهبات البيضاء, وعلى اليمين نجد تمثالاً للقديسة (موني) أمُّ القديس أغسطينوس مع الرسوم الجدارية لحياة يسوع في أيامه الأخيرة. وفوق الجدار أقوال السيد المسيح بالفرنسية والعربية والأمازيغية, وفوق البلاط المأتمي تبيان لقبر الكاردينال”دوفال”. وفي الوسط توجد قاعدة تمثال مصنوع من الخزف الأزرق أنجز من قبل فنان جزائري تعلوه قبَّة من الحطب, وفي الوسط تمثال نحاسي للسيدة العذراء بلباس المجبود.

وفي الأعلى نرى الرسمة الجدارية المجددة في عام 1993 إذ نشاهد من جهة السماء مريم ويسوع, وعلى اليسار القديس ” سبريان” , وعلى اليمين القديس”اغسطينوس” , وعلى الجنب من اليسار الكاردينال” لافيجري شارل دي فوكو”والكاردينال” دوفال” . وعلى اليمين يظهر النموذج المصغَّر للآنسة “أغاريت” التي هي مصدر بناء الكنيسة, وفي الأسفل نشاهد 38 كرسياً خشبياً وبعض زخارف زجاجية, وحول صدر الكنيسة نقرأ هذه الصلاة : ( يا سيدة إفريقيا صلِّي من أجلنا ومن أجل المسلمين). وفي صدر الكنيسة نشاهد آلة “الأورغ” الموسيقية فوق المنصَّة وخزانتها الخشبية مدهونة على الطريقة الجزائرية. ويحتوي هذا الأورغ على ثلاث صفوف من الملامس, و مدوس له 26 أنبوباً, و 1388 قصبة. وكان صُنِعَ في عام 1911 تحت إرشادات ” كاميل سان سونس” وقد أهدي للكنيسة في سنة 1920 من قبل السيدة” ويدال” بعد موت زوجها. وقد تمَّ ترميم الأورغ كلياً وقدَّمت فيه الحفلات الأولى في عام 2002 ,وبهذه المناسبة تمَّ تلوين صدر الكنيسة .

ومن المظهر الخارجي للكنيسة ومن جهة البحر نشاهد بابين من الخشب الاستوائي, وفوق البابين يوجد تمثال السيدة الإفريقية بطول 13 متراً وهي تستقبل الزائرين. وفي الطرف الشمالي والجنوبي نرى مربَّعات من الخزف ومن أربع جهات نرى الناقوس وهو مجهَّز على أعمدة من الرخام. وفي القبَّة التي يصل ارتفاعها إلى 48 متراً هناك صليب زنته 4 طن. أما القبَّة فهي منقوشة برموز مريمية, والتاج الحجري المثلَّث للقبَّة يرمز للعذراء مريم ومزينة الأم والملكة.

أما الناقوس فهو على الجهة المقابلة للمدخل, وهو برج مربَّع يشبه المئذنة, ويوجد فيه مجموعة مكونة من 11 ناقوساً, و يعود بناء هذه الكنيسة إلى امرأتين من مدينة ليون (مرغوريت برجي) المعروفة بالآنسة” أغاريت” المتوفية عام 1875 و المدفونة في الكنيسة الصغيرة القديس يوسف, و” أنا سانك” المتوفية في عام 1884 والمدفونة في مدخل الكنيسة, التي ما تزال أبوابها مفتوحة للزوار والمصلين منذ عام 1872 وحتى يومنا هذا.
و رغم هذا تبقى الجزائر بلاد لا اله الا الله محمد رسول الله .
و رمضان كريم.