الإكتئاب ومدى ارتباطه بالإنتحار

إن الأطباء النفسيين في ألمانيا  يؤكدون على أن مرض الإكتئاب هو أحد أهم الأسباب التي تدفع المسنين الي الإنتحار، وينصح الأطباء في هذا الصدد الأشخاص اللذين يعانون من الإكتئاب واللذين يشعرون بان الخلاص من الحياة ربما يريحهم من شعورهم بالألم ، بأن عليهم الإسراع الي عيادة الأطباء النفسيين لدراسة حالتهم الصحية والنفسية.

الطبيب النفسي” رولف هيرش” من جامعة بون يرى ان النسبة الكبيرة والمتزايدة في اقدام كبار السن في ألمانيا علي الانتحار، انما هي بمثابة فضيحة اجتماعية بكل المقاييس تؤرق المجتمع الألماني ، ويري ان المجتمع مسئول مسئولية مباشرة علي اقدام الكثيرين علي الإنتحار، فكبار السن هم في حاجة ماسة الي المساعدة والرعاية من قبل المجتمع والأهل والأصدقاء، لكن أنانية المجتمع المتفشية قد تسبب لهم شعورا قويا بالوحدة يزداد ويتعمق ببعد الأفراد والعائلة عن كبار السن.

من جهة أخرى هناك أسباب عديدة ومتنوعة أخري تقف وراء إنتحار كبار السن ، لكن القاسم المشترك بينهم يبدأ مع شعورهم بتقدم السن ، ومن ثم الإبتداء في الفقد التدريجي لمباهج الحياة ، خاصة مع شعورهم النفسي بأنهم يقتربون من نهاية العمر ، وهو الامر الذي يجعلهم يعيشون تحت ضغط نفسي كبير، وشعور دائم بأن حياتهم أصبحت لا قيمة لها .

في سياق متصل يؤكد الخبراء علي ان كبار السن من الذين يقعون فريسة لأمراض مزمنة ، فإن التخلص من الحياة يبدو لهم نوعاً آخر من النجاة تحت وطئة الإحساس بألام المرض التي لا تنتهي والذي لايرجو منه شفاءً، هناك نوع أخر من كبار السن يلجؤن الي الإنتحار لعدم توافر الرعاية الكافية ، أو الشعور بالوحدة القاتلة ، أو بعدم فائدتهم للمجتمع وأنهم أصبحوا عالة علي المجتمع ، قد يساعد علي ذلك الشعور مناخ الدول الصناعية المادي الذي يهتم بالمادة أكثر من اهتمامه بالقيم وحاجة الإنسان الي المشاعر والعواطف الدافئة.

يشير الأطباء النفسيين الي إمكانية خفض معدل الإنتحار بين كبار السن ، وذلك بتدريب الأطباء والممرضين والعاملين في قطاع رعاية كبار السن علي مزيد من توفير الإهتمام والرعاية الصحية لهم ،كذلك الاخذ بعين الإعتبار الحالات المريضة بالإكتئاب ومحاولة انقاذها قبل تفاقم الحالة وقبل أن يصبح الوقت متأخر وينتحر المريض.

ينتقد الأطباء واقع الحال في ألمانيا ويقولون ان مشاكل كبار السن في ذلك البلد لاتؤخذ في الإعتبار ، فالعلاج النفسي والإجتماعي والأدوية تساعد ولاشك المريض وتمنع حالات كثيرة من الإنتحار.

الخبير النفسي “هانز فيدلر ” يرى أن إرتفاع معدل الإنتحار بين كبار السن في ألمانيا يكمن في رؤية المرضى الأحادية الجانب من جانبهم ، لتقرير مصيرهم في الحياة التي يعيشونها و الناتجة عن ضغوط المجتمع والخالية من تحصين النفس بالعوامل الروحية والعزيمة القوية اللازمة للتغلب علي الأمراض الإجتماعية التي قد تدفع الإنسان الى التخلص من الحياة.
الإنسان بشكل عام يحافظ على الحياة في المناخ الذي يحفظ له العدالة ويظهر قدرا كبيرا من التسامح والرحمة مع المسنين ، غير أنه على المسنين أيضا وفي كل الأحوال ان يتمسكوا بالحياة ، ولا يظهروا أي تبرم منها وهذا هام جدا للإنسان في استمرار الحياة .