عبّر الكرملين عن غضبه من المغنية الأوكرانية “جمالا”، التي تنتمي للقومية التترية، والمشاركة في مسابقة “يوروفيجن” لأفضل أغنية أوروبية، بسبب اختيارها أغنية بعنوان “1944” والتي تروي قصة مأساة 230 ألفا من مسلمي القرم التتريين الذين شردهم ستالين قسرا من منازلهم في شبه الجزيرة باتجاه آسيا الوسطى.
وفور الإعلان عن مشاركة الأغنية بالمسابقة، تعالت الأصوات المنددة من الكرملين، متهمة كييف باختيار جمالا عمدا من أجل الإساءة إلى روسيا، كما هاجم سياسيو موسكو منظمي المسابقة الذين بحسب تعبيرهم “يجب أن يحترموا شروط المسابقة التي لا تسمح بأغان ذات أهداف سياسية”.
جمالا، التي تبلغ من العمر 32 عاما، مغنية أوبرا وجاز، واسمها الأصلي هو سوزان جمالدينوفا، تعيش في كييف منذ احتلال الروس للقرم عام 2014. وعلقت على هذه الاتهامات بالقول إن أغنيتها “لا تحمل أهدافا سياسية”، وإنها تروي “مأساة جدتها التي هجرت عن ديارها مع أبنائها”.
وتستضيف العاصمة السويدية استوكهولم بين يومي 10 و14 من شهر مايو المقبل المرحلة النهائية من مسابقة “يوروفيجن” لأفضل أغنية لهذا العام، وستكون جمالا بين 43 فنانا يمثلون 43 بلدا مشاركا في المسابقة.
قصة “نازليخان”
ونقلت صحيفة “التايمز” البريطانية عن جمالا قولها: “أنا أغني قصة “نازليخان” جدتي الكبرى التي وضعت في سيارة مع أبنائها الأربعة وابنتها وأبعدوا عن ديارهم ولم تحي هي لترى وطنها الأم مجددا”.
وتحدثت الفنانة عما تعرضت له نساء التتر وأطفالهن في تلك المرحلة قائلة: “بينما كان الرجال بمن فيهم جدي الأكبر يحاربون في الخطوط الأمامية من الجيش السوفياتي ضد النازيين، جاءت قوات ستالين إلى مناطقنا ورحلّت النساء والأطفال والمسنين بهذه الطريقة البشعة. لم يكن هناك أي رجل ليقاومهم. لقد توفيت عمة والدي، أي ابنة نازليخان، وهي بين ذراعي أمها في العربة. وأدخل جدي إلى المستشفى بعد إصابته بمرض الزحار (الديزنتاريا) لكنه سرعان ما فر من المستشفى بعدما بلغوه أن التتار الموجودون في المشفى سيقتلون. كُتِب له أن يعيش وأن ينجب. هو تمكن من العودة إلى القرم بعد انتهاء الحرب لكن والدته نزليخان توفيت وابنتها في رحلة التشرد تلك”.
وأكدت جمالا أنها كتبت الأغنية في صيف العام 2014 بعد أشهر على احتلال الروس شبه جزيرة القرم مجددا، واعترفت بأن هذا أثار في قلبها جراح الماضي.
واتهم نواب روس، بينهم نائبان من حزب فلاديمير بوتين، وكذلك نائب رئيس وزراء القرم المعين من قبل موسكو روسلان بعلبك، الإدارة الأوكرانية ومنظمي مسابقة “يوروفيجن”، باختيار جمالا وأغنيتها بهدف الإساءة إلى روسيا وتوجيه رسالة سياسية يجب ألا تمر في منافسة عالمية كهذه.
لكن جمالا لا تكترث لهذه الاتهامات وتؤكد أنها تريد تحرير روح جدتها، وأن تغني لها هذه الأغنية تخليدا لذكراها.
مأساة التتر المسلمين
وتروي الأغنية مأساة 230 ألفا من تتر القرم الذين شردهم ستالين قسرا من منازلهم في شبه الجزيرة باتجاه آسيا الوسطى، بعدما أوهم نفسه أن هؤلاء القوم قد يتحالفون مع النازيين ضد الاتحاد السوفياتي. وقضى أكثر من 8000 منهم بسبب الجوع والعطش والمرض بعدما كدستهم القوات السوفياتية كالذبائح فوق بعضهم بعضا في صناديق العربات التي أخرجتهم من ديارهم رغما عنهم.
وعلقت جمالا على اختيارها للأغنية قائلة :”1944 تتعلق بكل الناس الذين عانوا في الماضي مثل الهولوكوست. يجب علينا ألا ننسى أبدا هذه المآسي وأن نمنح ذكرها في المستقبل”.
وفي تصريحات لها لوكالة “أخبار القرم” قبل النهائيات أشارت جمالا إلى أنها أضافت للأغنية كلمات تركية خاصة قائلة: “أضفت إلى الأغنية كلمات خاصة من لغة تتار القرم. فأنا أردت أن يشعر الناس بهذه اللغة الرقيقة التي تحيط بك كالهمس. قد لا تفهم الكلمات لكنك ستبدأ في الإيمان بها لأن اللغة لها تأثير شعوري كبير”.