بعد ثلاث سنوات من الإمتاع الذي قدمه من خلال تجسيد شخصية نسائية بطلة اسمها “زنبقة” اضطر الفنان اليمني نبيل الآنسي إلى عدم إكمال المشوار في النسخة الخامسة من مسلسل “همي همك”، وذلك استجابة لضغوط من قبيلته التي عبرت خلال الفترة الماضية عن ردود أفعال سلبية لكونه تقمص دورا نسائيا، وهو ما يعتبر في الأعراف القبلية “عيب” وإساءة بالغة بحق القبيلة، كونها تتعرض جراء ذلك إلى السخرية من القبائل الأخرى خصوصاً المعادية.
حالة الفنان الآنسي تشكل نموذجاً لواقع مرعب تواجهه الدراما اليمنية حين تنتقد ظواهر متخلفة على علاقة بالتركيبة القبلية التي تمسك بقبضة حديدية على مناطق كثيرة في اليمن، ويشكل نفوذها دولة داخل الدولة، حتى إن استمرار القنوات التلفزيونية المحلية في تقديم مسلسلات وبرامج ناقدة للتخلف وللسلاح والفوضى أشبه بالرقص فوق رؤوس الثعابين .
وفي هذا السياق وجه مشايخ قبيلة يمنية بارزة تهديداً شديد اللهجة لإحدى القنوات الفضائية اليمنية، بسبب مسلسل رمضاني قالوا إنه يتضمن إساءات بالغة بحقهم وبحق قبيلتهم.
وقال بيان صادر عن شيوخ وأعيان قبيلة آل الهيال الممتدة بين محافظتي صنعاء ومأرب إن مسلسل “همي همك 5” المعروض على قناة السعيدة لم يتعرض فقط بالإساءة لمشايخ وعقلاء صنعاء وخولان، وإنما تعدى ذلك إلى تناول كرم وقيم قبائل ومشايخ مأرب بطريقة مذلة وبذيئة وفيها تحقير لهم ولكافة آل الهيال.
وحذر البيان من أنه في حالة عدم التوقف عن عرض المسلسل فإن على مسؤولي القناة أن يتحملوا مسؤولية ذلك، “ولا يلومون إلا أنفسهم”، على حد وصف البيان .
وكان نفس المسلسل قد تعرض العام الماضي أيضا لهجوم زعماء قبائل في المنطقة الغربية المعروفة إداريا بمحافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر، وذلك بسبب تناوله بشكل كبير لممارسات وانتهاكات بحق مواطنين من قبل زعماء عشائر يمتلكون سجونا خاصة، على حد وصف تقارير استند إليها المسلسل .
وفي قراءة لذلك المشهد تحدث لـ”العربية.نت” الصحافي المهتم بالقضايا الفنية ياسر عبدالله قائلاً: في السابق كانت هناك انتقادات تأتي من زعماء قبائل في مناطق معروفة بطابعها المسالم، كما هي حال مشايخ منطقة تهامة أو المنطقة الغربية, أما مثل هذه التهديدات الأخيرة فاعتقد أن القناة المعنية وطاقم المسلسل قد أخذوها على محمل الجد كونها صدرت عن قبائل مسلحة لا تكترث بقوانين أو بسلطة دولة، وهي تمتلك من أنواع الأسلحة ما جعلها تدخل في نزاعات مع الحكومة فضلاً عن وقوف بعضها وراء عمليات تخريب لخطوط الكهرباء وتفجير لأنابيب النفط والغاز وأعمال اختطافات لأجانب وغير ذلك.
ومن جانبه يرى الناقد عصام علي أن على الجهات المعنية في الحكومة والدولة أن تقدم الدعم والحماية للقنوات وللممثلين الذين يساهمون في تقديم مسلسلات تنتقد ظواهر اجتماعية سلبية ومتخلفة لا أن تتركهم يتراجعون عن النقد البناء والهادف, تحت تهديدات القبائل المسلحة .
وأضاف: كان لدينا قناتان حكوميتان فقط إحداهما تبث من صنعاء والأخرى من عدن, أما اليوم فهناك نحو 16 قناة فضائية بعضها خاصة وتجارية والبعض تتبع أحزاب وحركات سياسية، إضافة إلى القنوات الرسمية, طبعاً كثير من هذه القنوات لديها مسلسلات وتمثيليات تنتقد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، بل تهاجمهما بشراسة وليس هناك خطر على من يهاجم أو حتى يتعرض بالشتم للرؤساء الحاليين أو السابقين، أما حين يتعلق الأمر بزعيم عشيرة أو شيخ قبيلة مدجج بالمرافقين المسلحين فإن شبح التفجير يطارد القناة المسئولة وكابوس الموت يجثم على الفنان أو المخرج أو المسؤول المباشر عن المسلسل.