عاش عملاق الكوميديا وأستاذها الفنان الكبير فؤاد المهندس حياة فنية ثرية وترك ميراثًا من الإبداع الذى قدمه طوال مشوره الفنى سيبقى لأجيال قادمة.
حيث قدم خلال حياته روائع المسرح والأفلام والاستعراضات والفوازير والمسلسلات، وتتلمذ على يديه عدد من نجوم الكوميديا ومنهم الزعيم عادل إمام.
وقد أعادت صفحات أخبارية فنية مؤخرا تداول صورة نادرة له فى نهاية حياته، وهو يرتدى بيجامة ويجلس فى غرفته.هي أخر صورة تم التقاطها له، حيث ظهر بشعر أبيض وبدون اسنان، الأمر الذي فاجأ الكثيرون.
آخر أيام فؤاد المهندس
بالرغم من أن السبب المباشر لوفاة فؤاد المهندس هو إصابته بأزمة قلبية حادة. لكن، كان هناك مقدمات كثيرة لوفاته. تراكمت تلك المقدمات منذ طلاقه من حب حياته الفنانة شويكار، وإن ظلت تربطهما صداقة قوية إلى حين وفاته. وكانت ترسل إليه طعام الغداء يومياً. فكان يحب الطعام الذي تحضره.
بعد الطلاق، عانى من اكتئاب زاد منه شعوره بالذنب تجاه طليقته وأم ولديه التي “عانت كتير وبقولوا بسببي.. ما بحبش أتكلم في الموضوع ده” كما قال في إحدى مقابلاته التلفزيونية. ثم كانت وفاة تلميذته الفنانة سناء يونس، الذي أثر فيه كثيراً.
بعد ذلك الحريق الذي نشب في غرفته والتهم جميع مقتنياته الثمينة معنويا ومادياً. بالإضافة إلى أنه عانى كثيراً من سجن إبنه البكر محمد بسبب خلاف مع أحد البنوك، وكان مظلوماً. السبب الأخير هو رحيل صديق عمره الفنان الكبير عبد المنعم مدبولي. إذ رحل المهندس بعد رحيل مدبولي بشهر واحد.
وتحدث ابنه محمد فؤاد المهندس عن تلك الفترة الصعبة في نهاية حياة والده في حوار صحفي، قائلاً: “كان والدى فى أواخر أيامه لا يستطيع الحركة، وكان يقيم دائمًا فى غرفته ويضع بها كل مقتنياته وجوائزه وصوره، كما كان يضع بها سريرا للخديو إسماعيل اشتراه من أحد المزادات، وكان يقول دائما تركت لكم كل ميراثى فى هذه الغرفة”.
وتابع ابن فؤاد المهندس متحدثاً عن المأساة التى عاشها عمو فؤاد في نهاية حياته قائلاً: “حدث ماس كهربائى فى تكييف الغرفة وبدأت النار تلتهم محتويات الغرفة، ووقتها كان جالسًا على السرير وأصابته حالة من الذهول وظل ينظر إلى تاريخه وذكرياته وهى تحترق أمامه دون حركة أو صوت،”.
واستكمل: “لم أكن موجودا بالشقة، ولكن كانت زوجتى وأقاربها موجودين وأسرعوا إليه وحملوه بعيدا عن النار التى التهمت كل شىء ولم يبق شىء من تراثه وذكرياته، وهو ما أثر عليه بشدة وشعر أنه يعيش آخر أيام حياته، وأصابته حالة من الحزن والزهد فى الحياة، خاصة بعد وفاة مدبولى وسناء يونس”.
أولاد فؤاد المهندس
أنجب الفنان فؤاد المهندس من زواجه الأول ولدين، هما محمد وأحمد المهندس. عاشا معه وومع زوجته شويكار حتى وفاتها. نجحت شويكار، التي كان لها إبنة إسمها منّة من زوجها المتوفي، بأن تكون أماً ثانية للأولاد. فتربى الثلاثة كالأشقاء في منزل واحد.
يقول محمد فؤاد المهندس عن شويكار في إحدى مقابلاته، “لم أشعر يوما بأن شويكار زوجة أبي، بل كانت علاقتنا دائما علاقة ود وحب، وكانت حنونة علينا، وتتدخل لحل مشاكلنا حتى مع فؤاد المهندس، وعندما يرفض بابا تلبية طلب ما، كنا نستنجد بـ”تانت شوشو” وتحلّ المشكلة”. وقال إنه سيفتقد الفنانة شويكار كثيرا مثلما افتقد والده.
فؤاد المهندس وشويكار
الثنائي “فؤاد وشويكار” من أشهر الثنائيات الكوميدية في السينما والمسرح العربي، والتقيا فنياً للمرة الأولى في مسرحية “السكرتير الفني” بعد أن قدمها له الفنان عبد المنعم مدبولي. لكنه المهندس كان شاهد لها إحدى المسرحيات ولفتت نظره.
تحدثت شويكار في إحدى مقابلاتها عن قصة حبهما، وقصة زواجهما التي يتناقلها الفنانون. بعد قصة حب طويلة، عرض فؤاد المهندس الزواج على شويكار أثناء تقديم مسرحية “أنا وهو وهي”. ليخرج المهندس عن النص لأول وآخر مرة في حياته، وقال لها همساً “تتجوزيني يا بسكوتة؟” وأجابت بالقبول.
ولكن، لم يتم الزواج إلا بعد الانتهاء من تصوير فيلم “هارب من الزواج”. إذ كانت شويكار ترتدي في المشهد الأخير فستان عرس وطرحة، وفؤاد المهندس كان يرتدي بدلة وربطة عنق.
استغل الاثنان هذا المشهد، وذهبا بعد انتهاء التصوير إلى المأذون، في الثانية صباحاً، لتُتوج قصة حبهما بالزواج. وذهب معهما المخرج حسن الصيفي وزوجته الفنانة زهرة العلا. وكان ذلك في تشرين الثاني/نوفمبر من العام 1963. ليحدث الطلاق في العام 1980، خلال عرض مسرحية “سك على بناتك” التي شاركت فيها شويكار بصوتها.
مشواره الفني
فؤاد المهندس من مواليد 6 سبتمبر عام 1924، كما قدم ما يقرب من 70 فيلمًا سينمائيًا، كما كان معروف عنه حب الأطفال، لذا دومًا ما بحث عن عمل يلتقى به بالأطفال، وكانت بدايته مع الأعمال الموجهة للأطفال فى مسرحية (أنا فين وأنت فين) بأغنية (رايح أجيب الديب من ديله)، وبعدها توالت الأغنيات بالأعمال الفنية، حيث قدم العديد من الأغنيات للأطفال، وقدم للأطفال المسرحية الكوميدية (هالة حبيبتى) التى أوضحت سوء المعاملة التى يلقاها الأطفال فى الملاجئ، وقد حالفه التوفيق بعد مشوار فني طويل مع الأطفال بتقديم (فوازير عمو فؤاد) التى كان يتابعها كل الأطفال فى مصر والعالم العربى.
وتوفي فؤاد المهندس في الـ16 من أيلول/سبتمبر من العام 2006، إثر إصابته بأزمة قلبية حادة عن عمر ناهز الـ 82 عامًا