بلحية بيضاء كثة، وهيئة أقرب إلى متصوف منها إلى فنان فاجأ المطرب البحريني خالد الشيخ الوسط الفني بآخر صورة له، بعد فترة غياب متقطعة عن المشهد شابها بعض الغموض.
خالد الشيخ الذي بدا في اللقطة الأخير زاهداً و أقرب إلى وصفه بـ”الشيخ خالد”، أكد قبل فترة ليست بالبعيدة بأنه يمر بحالة إحباط ويفكر في ترك الوسط منذ 5 أعوام، وأجرأ ما قاله في ندوة فنية احتضنتها دبي بأنه بات “لا يطيق سماع الموسيقى، وابتعد عن كل ما يتعلق بالفن”.
ورفض حينها وصف ابتعاده بالاعتزال موضحاً: “ليس اعتزالاً بالتحديد إنه انسحاب تدريجي، ومن المهم الإشارة إلى أني لا أنسحب بسبب وازع أو الشعور بالقيام بشيء محرم، فقط لأني أعيش حالة من الإحباط الشديد”.
حالة الإحباط التي يمر بها المبدع قد تولد في نفسه اليأس مما حوله فيبدأ التصرف بطريقة أشبه بالانتقامية.
خالد الشيخ الذي ينحدر في الأساس من أسرة عارضت توجهه في البدايات، استطاع تغيير تخصصه سراً من السياسة إلى الموسيقى وسافر من الكويت إلى القاهرة للالتحاق بـ”المعهد العالي للموسيقى”، ثم تأبط عوده الذي اشتراه له زملاؤه الطلاب قادماً من فصول الدراسة بالقاهرة إلى أستوديوهات الكويت لتسجيل ألبومه الأول، الذي كان مبهجاً عبر مجموعة أغاني أشهرها “أبكي على البمبرة” و”كلما كنت بقربي”، واحتوت على ثيمات لحنية لم تتعودها الأغنية الخليجية، وله ألحان طرز بها حناجر الفنانين مثل “طائر الأشجان” مع عبدالمجيد عبدالله و”شويخ بأرض مكناس” مع أحمد الجميري، ويعتبر خالد الشيخ أحد المراحل المهمة في مسيرة الفنان عبدالمجيد عبدالله.
الشيخ كان نغمة حداثية للفن في الخليج مطلع الثمانينات، والقصيدة الغنائية بين يديه ظلت تعيش حالة قلق وجودي معه حتى ظهورها للناس، يقول الروائي السعودي يوسف المحيميد عنه ذات مرة وكأنه يصف حالته الآن: “خالد الشيخ آثر العزلة وردم أنين الموسيقى، وشهقاتها في خزانة عتيقة”.
ولنا أن نتساءل ما الذي يدفع الشيخ وأمثاله للاعتزال ببطء أهو حب الرحيل بذاته أم بحثاً عن الحرية في فضاء أرحب؟ والأقرب أنه احتجاج على وسط مختل الذائقة ينطفئ فيه فنان كلما بزغ نجم مؤدي “شيلات”.