(CNN) — رفض الإعلامي المصري باسم يوسف، محاولة تصوير ما يجري في مصر على أنه معركة بين “الكفرة والمسلمين”، مؤكدا أن التحقيق معه والبلاغات ضده لن تثنيه عن السير بالسقف المرتفع لبرنامجه، واعتبر في مقابلة مع CNN أن ممارسات النظام الحالي تجاه حرية التعبير تتطابق مع أفعال النظام السابق، واصفا القوانين التي تتيح الملاحقة بتهم إهانة الرئيس بأنها أساس قانوني لـ”الفاشية.”
وقال يوسف، في مقابلة مع الإعلامية كريستيان أمانبور عبر شاشة CNN، إن التحقيق معه بتهم إهانة الرئيس محمد مرسي والإساءة للإسلام عبر برنامجه السياسي الساخر “البرنامج” استمر خمس ساعات بسبب الاضطرار إلى مراجعة المقاطع المصورة والرد على أسئلة تتعلق بكل جملة وبكل تعبير وبكل نكتة.
وإليكم نص المقابلة مع يوسف.
كنت قد قلت لـCNN في ديسمبر/كانون الأول الماضي أن الوقت الحالي مثالي لإطلاق برنامج ساخر وأنك تفترض بأن الرئيس مرسي مسرور به فهل تتراجع عن هذا الافتراض؟
لا، أنا مصر على أن هذا هو الوقت الأنسب، لأن كل ما يجري من حولنا فيه طابع ساخر، وإذا لم نضحك وننتقده فلن يكون أمامنا من خيار سوى الموت، ربما مازال الرئيس مرسي يحب برنامجي، وهذا طبعا كان مجرد افتراض، ولكن المشكلة ليست في الرئيس مرسي فحسب، بل في الناس الذين يقفون خلفه، وتحديدا جماعة الإخوان المسلمين، وقد سبق لي أن قلت في ظهوري مع برنامج جو ستيوارت أنه في حال أدت الديمقراطية إلى وصول الإخوان إلى السلطة فيجب أن يحصلوا على فرصتهم، وأنا متمسك بهذا الرأي، ولكن في حال كانت لديهم فرصة حقيقة في نظام ديمقراطي بعد الثورة فعليهم تحسين أدائهم وعملهم، وهذا غير حاصل حاليا، فما نراه أمامنا يشبه ما كان يجري في السابق ضد حرية التعبير.
هل تعتقد أن الثورة تسير إلى الخلف؟
الثورة تسير إلى الخلف منذ زمن طويل، ولكنني أظن أنها مرحلة تمر بها كل الثورات، والأمر الإيجابي في الثورات هو أن على الجميع إثبات تمسكهم بمواقفهم السابقة، وأظن أن الوقت قد حان أمام القوى الإسلامية من أجل التحرك وإثبات أنها بالفعل ديمقراطية ومعتدلة.
هل أنت قلق حيال جدية الاتهامات؟
لست قلقا على الإطلاق لأنني مسلم وأمارس ديني وفخور بإسلامي ومصريتي، وأرى أن الاتهامات تشبه ما كان يحصل في زمن محاكم التفتيش، نحن في زمن محاكم التفتيش المعاصرة حيث يصار إلى ملاحقة الناس على آرائهم والتذرع بالمقدسات لسجنهم. لست قلقا لأنني لم أفعل ما يهين ديني الذي أفتخر به، والبعض يحاول الإيحاء بأن هناك صراعات بين علمانيين ومسلمين. الناس العاديون مثلي مسلمون معتدلون يمارسون طقوسهم الدينية ولكنهم لا يحبون الناس الذين يقدمون أنفسهم على أنهم ممثلو ما يعرف بالإسلام السياسي، الإسلام دين رائع ومسالم وهناك أشخاص يصفون أنفسهم بالممثلين الحصريين للإسلام وهم في الواقع يعطون انطباعا سلبيا ويهينون صورتهم عن الإسلام.. الأمر ليس حربا بين كفرة مع مسلمين.
ما هي الأمور التي فعلتها واعتبرت مهينة للرئيس أو الإسلام؟
على وجه التحديد، كان هناك بعض التعليقات التي وردت في الحلقات حول خطاباته، وقيل في الدعوى القضائية إنها أضرت نفسيا بالناس الذين تأثروا لمشاهدة الرئيس يتعرض للإهانة وأن ذلك يؤثر على مكانتنا في العالم.
هل أدى الاستجواب الطويل والكفالة الكبيرة إلى ترهيبك؟ هل ستعدل في لغة برنامجك؟
لغة برنامجي ستتصاعد أكثر فأكثر، الأمر لم يرهبني ولكنه أرهقني، سأواصل العمل بالبرنامج بسقفه العالي ولن نتراجع بل سنواصل العمل عليه والاستمتاع بذلك كما كنا نفعل على الدوام.
مكتب الرئيس مرسي قال إن النائب العام مستقل في عمله وأن الرئيس يحترم حرية التعبير هل تؤمن بصحة ذلك؟
إذا قالوا ذلك فإنني سأصدقهم، ولكن هذه اللغة سبق أن استخدمها النظام السابق، فالرئيس السابق حسني مبارك لم يلاحق أي شخص بنفسه بل كان هناك على الدوام شخصيات مؤيدة للنظام تعمد إلى تحريك القضايا.. نحن هنا نتحدث عن أساس الموضوع، ففي الدول الديمقراطية تعتبر القوانين التي تتيح ملاحقة الناس واتهامهم بإهانة الرئيس بسبب تعبيرهم عن آرائهم أمرا سخيفا، وهي في الواقع أسس الأنظمة الفاشية. المواد المتعلقة بإهانة الرئيس في القوانين المصرية موجودة منذ نهاية القرن التاسع عشر، وهي تستند إلى نصوص قانونية فرنسية ألغيت في فرنسا نفسها سنة 1904، نحن إذا نتعاون مع قانون جرى تجاوزه منذ أكثر من قرن.. الأمر سخيف كليا.
هناك مشاكل أخرى في مصر، نرى تزايد التحرش ومشاكل الأمن والاقتصاد، فهل تعتقد أن الحكومة تتحرك ضدك لعجزها عن مواجهة مشاكل أكبر؟
المعضلة الحالية مع الحكومة ووسائل الإعلام التي تدعمها أنها تهاجم وسائل الإعلام الأخرى التي تتحدث عن وجود هذه المشاكل عوض أن تقوم بالعمل على حلها. هذه الحكومة تعلق فشلها على حق الآخرين بالتعبير، لدينا سلطة فشلت في تلبية كل وعودها وهي تنتظر من الناس أن تظل صامتة وهذا لن يحصل، ولذلك لدينا هذه الاضطرابات.
هل تعتقد أن قلق والدتك – الذي سبق أن نقلته لنا – في مكانه لجهة احتمال أن ينتهي بك المطاف في السجن؟
هي مازالت قلقة، والسجن اليوم بات أمرا مطروحا، ولكن مع البرامج الكبيرة هناك مسؤوليات كبيرة ومخاطر أكبر، وعلينا تقبل أن ذلك قد يحصل في أي وقت، وفي غضون ذلك سنواصل الاستمتاع بما نفعل.