لم يمنع تضييق منافذ العرض أمام الأعمال التلفزيونية السوريّة التي يقدّم صناعها مقارباتهم، لتعقيدات الحرب الدائرة بالبلاد، وانعكاساتها على السوريين؛ من أن تبلغ حصيلتها النهائية ثمانية أعمال، ستعرضها عدّة محطّات عربية في شهر رمضان، تتفاوت بثقلها، وسعة انتشارها، وتأثيرها.
أوّل هذه الأعمال التي تم إنجازها لموسم دراما 2015، وعرضها على قناة “mbc+” المشفرّة قبل فترة، وسيعاد عرضها خلال شهر رمضان المقبل؛ “شهر زمان” (تأليف وإخراج زهير قنوع، وإنتاج شركة قبنض، بالشراكة مع المؤسسة العامّة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي)، وتدور أحداثه مؤخراً، خلال شهر واحد، وتعيش شخصياته بدمشق: “وسط جنون العنف، والإرهاب”، بطلته “جوري” (ديمة قندلفت) صحافية تكتشف بالمصادفة حقائق عن الأنشطة المشبوهة لزوجها “فوّاز” (وائل رمضان). ويسلطّ العمل من خلالها الضوء على تجار الحرب، وتعيش الصحافية بموازة ذلك قصّة حب مع طبيب الأطفال “يوسف” (عباس النوري) الذي “ينتمي للزمن الجميل”، ويكون لديه منطقه الخاص بفهم مايجري من حوله، والتعامل معه.
في “عناية مشددة” يمضي الكاتبان علي وجيه، ويامن الحجلي، إلى مسافةٍ أبعد بتشريح الواقع السوري اليوم، عبر قصّةٍ أبطالها شخصيّاتٌ تتسم بمطلق العنف، الدموية، الانتهازية، مع تقديم نقائضها، ممن يشكلون أطراف الصراع الدائر على الأرض السوريّة، كشخصية “أبو معتصم” (عباس النوري) البعثي الفاسد، والمنتفع من السلطة، وابنه “معتصم” (رامز أسود) تاجر حرب، و”زكوان” (مهيار خضور) زعيم عصابة تدير أعمال الخطف والتجارة بالأعضاء البشرية، و(فادي صبيح) بدور الضابط الشريف، و(محمد قنوع) الذي يمثّل نقيضه، ويبدو طرح العمل (إخراج أحمد إبراهيم أحمد، إنتاج شركة قبنض) جريئاً بخطوط متشابكة، ترصد معاناة المواطن السوري من جرّاء الحرب، وعصابتها التي تتاجر بكل شيء، شعوره الوطني، قوته اليومي، دمائه، وأعضائه.
وبينما يقدم الكاتب فادي قوشقجي بمسلسل “في ظروف غامضة” (إخراج المثنى صبح، إنتاج سما الفن) مقاربته لـ”لأزمة السوريّة” من خلال قصّة “دارين” (نسرين طافش) التي تفقد عائلتها الصغيرة، في جريمة قتل يرتكبها أحد أبناء العائلة، ويقودها البحث عن لغز الجريمة لاكتشاف حقيقة عائلة كانت تعتقد أنّها تعيش حياة مثالية، وهي أشبه ما تكون بسوريا ومآلها اليوم.
ويرصد “غدأ نلتقي” (تأليف إياد أبو الشامات، إخراج رامي حنّا، إنتاج شركة كلاكيت)؛ مشاهد مكثفّة ليوميات سوريين فقراء هجرتهم الحرب إلى الأراضي اللبنانية، على اختلاف اتجاهاتهم السياسية، والتي قد تتابين بين أبناء العائلة الواحدة، تنتجح “وردة” (كاريس بشّار) بالوصول إلى أوروبا، بعد رحلةٍ شاقّة على متن أحد قوارب الموت، وتستعيد الفتاة السوريّة التي اضطرت للعمل كمغسلة أموات بلبنان، تفاصيل حياتها ببيروت مع مجموعة من الجيران السوريين عاشوا في بناءٍ متهالك، بينهم شقيقين، تقع بحبّ أحدهما “محمود” (عبد المنعم عمايري) المثقف المعارض الذي تحبّه، بينما يكون أخوه “جابر” (مكسيم خليل) الموالي البائع المتجوّل مغرماً بها.
إطلالةٌ دراميةٌ أخرى خلال موسم دراما رمضان 2015، على عوالم مهجري الحرب السوريين، ولكن في داخل البلاد، يقدمّها مسلسل “بانتظار الياسمين” (تأليف أسامة كوكش، إخراج سمير حسين، إنتاج شركة أي بي سي)، عبر قصّة “لمى” (سلاف فواخرجي) التي تلخص حكايتها كل حرب، ذهب زوجها (جوان خضر) لإحضار ربطة خبز، ولم يعد، لتجد نفسها مضطرةً بسبب سخونة الأوضاع حيث تقيم، إلى النزوح مع ولدها وابنتها لحديقة بدمشق، لتتحول الحديقة إلى عالمٍ زاخر بالقصص، يحاول المهجرون الجدد فيه التأقلم مع واقع الحياة الجديد رغم مرارته، “أبو سليم” (غسان مسعود) مع عائلته، و”أم عزيز” (شكران مرتجى) وزوجها وأولادها، وغيرهم.. يواجهون أذى “أبو الشوق” (أيمن رضا) وعصابته، ويحتضنهم آخرون، ويحاولون مساعدتهم، وتتداخل حكاياتهم بحكايات شخصياتٍ أخرى يتشاركون المدينة ذاتها، ويعانون مما يجري حولهم اجتماعياً، اقتصادياً، وإنسانياً.
كذلك تعاني “السيّدة جهاد” (سوزان نجم الدين) من انعكاسات الحرب، حيث تفقد ابنها في أحد التفجيرات الإرهابية لتتحوّل إلى “إمراة من رماد” (تأليف جورج عربجي، إخراج نجدة أنزور، إنتاج المؤسسة العامّة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي)؛ عملٌ يلاحق تطورات الأزمة النفسية التي واجهتها هذه السيّدة حالها حال أمهّاتٍ سورّيات كثر واجهن ظروفاً مشابهة، كمدخلٍ لتناول ما ألحقته “الأزمة السوريّة” من أضرار بالمجتمع السوري، خاصّةً “الشرخ الطائفي”.
كل ذلك وأكثر، ترصده “دنيا أسعد سعيد” (أمل عرفة)، وصديقتها “طرفة العبد” (شكران مرتجى)، العائدتان إلى الشاشة هذا الموسم، بعد غياب ستّة عشر عاماً، لتسجلان شهادتهما إزاء ما يحدث في سوريا اليوم، ضمن سلسلةٍ من المفارقات الكوميدية الطريفة تلامس المرارة، تعيشها الصديقتان بمسلسل “دنيا2015” (إخراج زهير قنوع، وإنتاج غولدن لاين).
كما يضيء “بقعة ضوء11” (إخراج سيف الشيخ نجيب، إنتاج سما الفن) عبر لوحاته الانتقادية الساخرة، على يوميات السوريين، والأزمات التي يعانيها هؤلاء من جرّاء الحرب.
دراما فاشلة ، أشبعونا بها عنتريات و رجولة و بالنهاية تبيّن أنهم جميعاً يُساندون نظام فاشي قاتل لشعبُه . فاليخجل الممثلون السوريون من أنفسهم و كفانا بباب الحارة مثالاً للرجولة الزائفة .