نعى الفنان السوري جمال سليمان صديقه المخرج الراحل حاتم علي برسالة مؤثرة اليوم الخميس، وذلك في منشور عبر صفحاته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد نقل جثمانه من القاهرة إلى دمشق لدفنه بعد صلاة الجمعة.
وقال جمال سليمان:”أخي و صديقي المخرج المبدع حاتم علي أكتب إليك و أنت في الطائرة التي تقلك إلى وطننا سوريا في عودة أبدية، و أنا هنا في القاهرة. اليوم كان وداعنا الأخير. لا أعرف متى سنلتقي ثانية، و لكن لا شك أننا سنلتقي.”
وأضاف:” كنا قد تحدثنا أنا و أنت مطولا يوم الاثنين حول العمل و أخبرتني أنك ستبدأ التصوير مع بداية العام، و اتفقنا أننا سنكون معا بعد يومين كي نودع العام الحالي و نستقبل العام القادم و تمنينا أن لا يكون بسوء هذا العام، لكن الأقدار غيرت المواعيد و الخطط فلا الكاميرا ستجدك وراءها و لا العام الجديد سيجدك في استقباله. فقد أصبحت في ملكوت آخر حيث لا أسماء و لا أرقام فيه للأيام و الشهور، و لاحدود فيه بين السنين.”
وتابع:”رحيلك المفاجئ هذا أحدث صدمة كبيرة، و خلف حزنا ليس فقط بين أهلك و أصدقائك و كل الذين أسعدهم العمل معك و أضاف لمسيرتهم الكثير، بل في كل أرجاء الوطن العربي. الناس تنعيك بأسى شديد و تقول إنك كنت مخرجا كبيرا و إنسانا مثقفا تركت لهم تراثا فنيا استثنائيا سيعيش دائما في وجدانهم. هم محقون في قولهم هذا.”
وأوضح سليمان:”لطالما عاتبتك عن عدم رضاك عما تقدمه.. بعد كل نجاح كبير كنت تصنعه بتفانيك و دأبك و إخلاصك و اهتمامك بأدق التفاصيل كنت أحزن لأنك لا تعيش فرحة النجاح كما يحق لك أن تعيشها. و كنت تقول لي “كان من الممكن أن نفعلها بشكل أفضل”.. كنت تتحدث عن عيوب لم ينتبه لها أحد، و كنت أستاء و أقول لك يا رجل الكمال لله، دعك من تلك التفاصيل و احتفل بالنجاح فأنت تستحق ذلك، ولكنك كنت ناقدا قاسيا على نفسك. كنت تحب الناس و تؤمن بوعيهم و ذكائهم و كنت تؤمن بأنهم يستحقون أن يعرفوا الحقيقة، و بأنك لم تفعل ما يكفي من أجل ذلك.”
وقال الفنان السوري:” واليوم، هؤلاء الذين سعيت لأن تمتع قلوبهم و عقولهم يقولون فيك كلمتهم التي لاشك أنها ستسعد روحك و تجعلك أخيرا تصدق يا أخي و صديقي أنك نجحت في أن تصل إليهم، و هم يقدرون ذلك… إن ما قيل فيك يثبت أن الناس هم كما كنت دائما تراهم يعرفون الفرق بين الغث و السمين، وبين الحقيقة و التلفيق. ما يقولونه بك هو تعبير عن رفضهم للتفاهة وانحيازهم للقيمة.”
وأكد:” أما نحن زملاءك في هذه المهنة فنحن ندين لك بالكثير. نيابة عنا جميعا قاتلت كي تأخذ العمل الفني إلى مستويات غير مسبوقة، وتفتح أفاقا جديدة، و تضع مقياسا جديدا لما يجب أن تكون العملية الإنتاجية و الفنية عليه. لك ندين بالكثير من نجاحاتنا لأنك وضعتنا أمام تحد كبير بعد أن هيأت لنا كل الظروف. معك كنا نطمئن و نعرف أن كل تفصيل مهما صغر كان ضروريا لا لأنه كان جميلا ومبهرا فقط، بل لأنه كان ذا معنى..”
ولفت:”أما رحلتي الشخصية و المهنية معك فهي حكاية طويلة مليئة بالتفاصيل الفنية و الإنسانية و الفكرية يطول الحديث عنها، و لكن كي لا أطيل عليك سأكتفي هنا بالقول شكرا لك.. لقد تشرفت بالعمل معك، و بالرغم من كل الصعوبات و التحديات كنت سعيدا وفخورا. شكرا يا صديقي أنك وثقت بي و منحتني صداقتك… شكرا على كل مرة طلبت مني أن أعيد اللقطة بطريقة مختلفة.. شكرا على كل مرة قلت لي “يمكن لنا أن نفعلها بشكل أفضل”.
واختتم سليمان رثاءه قائلا:” لا شئ سيعوض فقدانك عند زوجتك و رفيقتك دلع و أبنائكما عمر و غزل و غالية و لكن تأكد أنهم سيبقون دائما في قلوبنا و سنبقى و إياهم أسرة واحدة، فمحبتهم من محبتك”.
وأرفق سلميان رسالته إلى صديقه الراحل بصورة كتب عليها:”عندما التقطت لك هذه الصورة أثناء تصوير التغريبة الفلسطينية لم أتخيل أبدا أن أعود وأبحث عنها كي استخدمها في وداعك.”
وقد تفاعل عدد من النجوم السوريين مع رسالة جمال سليمان كان منهم الفنانة كندة علوش التي كتبت: “أستاذي الغالي شكراً لكلامك الرائع.. العمر الك والله يصبر قلبك ويحميلك عيلتك الرائعة.. وشكراً لكل المواقف العظيمة الي عملتها مع الراحل العزيز ومع أسرته ?????” أما الفنانة اصالة فقد كتبت “لايُعرف الرّجال الكبار إلّا بالمواقف الجلل ، وأنت ياألطف وأطّيب منّ رأيت وأرجلّ ..بمواقفك الكبيرة وعظيم تعاطفك وحديثك الثّري .. أنت قدوة وفخر لكلّ منّ عرفك .. رحم الله صديقك غالينا الأستاذ حاتمّ علي .. وطول العمر لك ولأحبّته وأهله .. ووطناً يبكيه لأنّه أحد وأهمّ الرّاوين عنه .. وأعان الله أسرته على فراقه”.