عن عمرٍ ناهز 90 عاماً، رحل المفكّر السوري مطاع صفدي، أحد أهم الوجوه الفلسفية العربية المعاصرة. بدأ حياته قومياً بنزعة وجودية، ومن ثمّ أخذته مسارات المعرفة إلى الترجمة والكتابة جنباً إلى جنب، تأثر بالموجات الحداثية الفرنسية، وشرح وترجم أهم الأفكار المتداولة لفلاسفة الاختلاف و”ما بعد الحداثة”.
أشرف صفدي على مركز الإنماء القومي ومن خلاله أسس مشروع “مطاع صفدي لترجمة الينابيع”، وامتلك ناصية اللغة العربية متفوّقاً بها على كثيرٍ من معاصريه، وساعدت عدته اللغوية زملاءه المترجمين في العثور على مترادفات صعبة كما يتحدث عنه صديقه محمد أركون.
صفدي ترجم أهم كتب الفيلسوف الفرنسي جيل دلوز، “ما هي الفلسفة”، وهو الفيلسوف الذي جمعته به صداقة متينة، وأشرف على ترجمة أعمال ميشيل فوكو، وأسس مجلة “الفكر العربي المعاصر” و”العرب والفكر العالمي”، وقدّم أعمالاً ثمينة كتبها بأسلوبه الخاص الجامع بين الشعر والفلسفة على طريقة أساتذته الفرنسيين، ومن أهم كتبه: “نقد العقل الغربي” وهو كتاب موسوعي عن التحولات النظرية للفكر الغربي عبر القرون الحديثة، وكتاب “نظرية القطيعة الكارثية”، وكتاب “نقد الشر المحض” من جزأين وفيه يتناول العولمة، والامبراطورية الأميركية، والتحوّلات السياسية، ومعاني الحرب، ويناقش هيغل وفاتيمو وفوكوياما حول نهاية التاريخ”.
واعتبر علي حرب المفكّر اللبناني أن صفدي هو أهم مفكّر عربي تميز باطلاع محدّث باستمرار للموضوعات والأبحاث الفلسفية المتجددة والمتدفقة بأوروبا، واعترف بالاستفادة من بحوثه وهوامشه الثمينة.
وقدّم صفدي للعربية متون فلاسفة “ما بعد الحداثة”، ويعتبر من أهم المفكرين العرب، وأكثرهم انشغالاً بالموضوع الفلسفي البحت في العصر الحديث.