شيّع جزائريون، يوم الأربعاء، جثمان مغني الراي “هواري منار” إلى مثواه الأخير بمقبرة “عين البيضاء” في ولاية وهران غرب البلاد، وسط تعزيزات أمنية مشددة رافقت الموكب الجنائزي.
وصدم رحيل “منار” جمهوره ورفاقه من الفنانين، حين توفي أثناء إخضاعه لعملية تجميل بعيادة “سيدي يحيى” أعالي العاصمة الجزائر، وتأخرت وزارة الثقافة في تأكيد الخبر، ما أثار تساؤلات.
ووسط استنكار عشاق “الراي” ومحبي المغني الراحل، اضطر وزير الثقافة عزالدين ميهوبي إلى تقديم تعازيه لأهالي “الهواري مدني”، المكنّى هواري منار، بعد مرور نحو 24 ساعة على حادثة الوفاة.
ويعود أصل الخلاف بين وزير الثقافة ونجم موسيقى “الراي” إلى احتفالات عيد الاستقلال الجزائري صيف 2017، حين برمجته هيئة الديوان الوطني للثقافة والإعلام التابعة لوصاية وزارة الثقافة لتنشيط حفل فني صاخب بمدينة قسنطينة، كبرى حواضر الشرق.
وأثارت البرمجة حساسية في الأوساط المحلية، دفعت جهات محسوبة على تيار المحافظين إلى الاحتجاج ومطالبة السلطات بمنع التظاهرة الفنية لــ”هواري منار”، ووجد عضو الحكومة لحظتها حرجًا في التعاطي مع الوضع، لكنه رضخ في الأخير لضغط هؤلاء.
وبينما أطلق الوزير تصريحات حادة ضد الفنان الراحل، تعرض لهجوم كاسح من طرف العلمانيين وعشاق أغاني “منار”، واصفين خطوة عزالدين ميهوبي بـ”أنها ضعف من شخصية الوزير، الذي يكيل بمكيالين في التعامل مع القطاع الفني والثقافي في الجزائر”.
وحرص الفنان الراحل على نقل صورة “هادئة” عن “المثليين” في بلاده، مع رفضه المطلق لهذا التوصيف، إدراكًا منه بأنّ “الرجل الناعم ليس شاذًا”، مثلما يردده جزائريون من مناصريه.
وحققت أغاني هواري منار نجاحًا منقطع النظير، في مسقط رأسه وهران (400 كلم غرب الجزائر العاصمة) وباقي مناطق البلاد، وعدة دول مغاربية وأوروبية.
وبعيدًا عن تحفظات المجتمع المحلي المحافظ، أحسن الراحل في “اختراق” مجالس الجزائريين، وكسب إعجاب الملايين منهم، رافضًا سعي كثيرين توظيفه كمادة للسخرية والتندر.
وقسمت الوفاة “غير الطبيعية” لهواري منار الجزائريين الذين تبادلوا الاتهامات بين مدافع عن حرية الفنان وإبداعه، وناقم عليه بمزاعم المثلية الجنسية.
ورغم تركيزه على “ميله للرجال” في أغانيه وظهوره العلني بأزياء نسائية وعبارات جريئة، إلا أن “هواري” ظلّ يرفض اعتباره “شاذًا”، مدافعًا عن “طرح متوازن وسلس” في التعاطي مع المثليين بعيدًا عن الإدانة الجاهزة، وعقلية محاكم التفتيش في القرون الوسطى، بحسب مراقبين.