عندما ترى صورة رجل دين أو داعية بصحبة فنان والابتسامات تعلو محياهما قد يسترعي اهتمامك هذا المنظر ويستفزك.. تحملق عينيك وتقطب حاجبيك بعد أن يحرك بداخلك كم من التناقضات تنطلق منه عند الانطباع الأول الذي كان سبباً في شد انتباهك، ولعل صورة الفنان محمد عبده مع القارئ والمنشد مشاري العفاسي الذي يؤم الناس في المسجد الكبير بالكويت… عندما التقيا على هامش حفل دار الأوبرا في الكويت كان مثيراً للانتباه والاهتمام ومخالفاً لفرضية التنافر بين الفنان والمتدينين التي تم تكريسها في الأذهان عبر سنوات، وإن كان بريقها بدأ يتلاشى شيئاً فشيئاً في الأعوام الأخيرة بداية من التعاون بين الشيخ عايض القرني والفنان محمد عبده في نشيد “لا إله إلا الله” ومن ثم فتوى الشيخ عادل الكلباني بإباحة الغناء والتي أخذت حيزاً واسعاً من التداول والهجوم.
محمد عبده وعائض القرني
يقول الفنان محمد عبده في لقاء إعلامي: “كثيراً ما أصادف مشايخ دين في سفراتي وتنقلاتي وبعضهم من يسدي إلي النصيحة فأتقبلها منه بأريحية، كون الإنسان من فترة إلى أخرى يحتاج إلى التذكير والنصح”، الفنان محمد عبده يرى بأن حرمة الغناء كانت نابعة من تقريب السلاطين في العصر العباسي للمغنين ويحظون بما لا يحظى به الفقيه والعالم، الأمر الذي أثار ضغينة رجال الدين ودفعهم لإصدار فتاوى تحرم الغناء، واللافت والمثير للاهتمام في شخصية محمد عبده بأنه يتمتع بصداقات واسعة مع كل الأمزجة والأطياف الاجتماعية، فهو غير قابل للاستمالة من أي تيار، رغم محاولة إشاعة خبر توبته في بداية التسعينات، اللافت أيضاً أن محمد عبده يصنف نفسه بأنه ملتزم، كونه محافظا على خط معين ولديه رقابة داخلية وفنه لا يسيء للقيم أو المجتمع على حد قوله واصفاً بعض الأغنيات التي تعرض على الفضائيات بـ”المصيبة الكبيرة”! مقسماً الغناء في الوقت نفسه إلى مباح وغير مباح.
وفي رمضان الماضي أكد الفنان محمد عبده عبر برنامج “الشريان” بأنه سبق أن حضر مجالس علمية للعلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله.
علاقة محمد عبده بالتيار الديني أثمرت في 2009 عن عمل إنشادي جمعه بالشيخ عائض القرني حمل اسم “لا إله إلا الله”، الشيخ عائض في إحدى تغريداته وأثناء رحلة داخلية إلى الدمام كتب تغريدة لا تنسى حين قال:” في سلّم الطائرة بكيت غصباً بكيت على محبين قلبي لمّا ودعوني”، وفي خضم الجدل حول هذه التغريدة أكد القرني لمتابعيه أنه لم ينسهم من الدعاء عندما كان في الجو.
محمد العوضي والفنانون
يعد الشيخ محمد العوضي من أكثر الدعاة ذكراً للفن وأهله في محاضراته وسبق أن تحدث عن لقائه الشهير بالفنان عبدالمجيد عبدالله في الطائرة، وحالة عدم التوازن التي يعيشها مع الفن، مؤخراً أظهرت صورة للقاء العوضي بالفنان عبدالله الرويشد، البعض علق على أن ذلك يعد من صور التسامح الديني، العوضي يحب فتح حوارات ثقافية وفكرية مع الفنانين، ويعرف مدى تأثيرهم في الأوساط المتابعة لهم، ودائماً ما يجد هذه الحوارات مادة ثرية لمحاضراته، ويحتفظ بقصاصات للقاءات الفنانين وسبق أن استشهد في برامجه بمقولات للزعيم عادل إمام وتامر حسني وعبدالمجيد عبدالله، وله رأي سماه بـ”التطبيع مع الفيديو الكليب”، وله مقالات كثيرة تحمل عناوين فنية مثل :”شفايف أليسا” و”لحية عمرو دياب”.