على الرغم من ان الفيلم الإسرائيلي “الظلام” أثار الاهتمام في غضون أشهر، علاوة على فوزه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بجائزة أفضل فيلم في مهرجان حيفا السينمائي الدولي، إلا انه طُرح تجارياً في 28 فبراير/شباط الماضي. وقد حظي الفيلم لمخرجه ميخائيل مائير باهتمام كبير من قِبل وسائل الإعلام في إسرائيل وخارجها، وذلك لتسليط الضوء على قضية في غاية الحساسية وهي العلاقة بين شابين مثليين أحدهما إسرائيلي والآخر فلسطيني.
يتعرف المشاهد على الشاب الفلسطيني نمر، وهو طالب جامعي متفوق من رام الله يدرس علم النفس في جامعة بيرزيت، أدى دوره الممثل نيكولاس يعقوب، يتعرف في أحد الحانات على بطل الممثل ميخائيل ألوني، وهو محامي شاب من تل أبيب. وما ان يلتقي الشابان حتى يشعر كلاهما بالاهتمام بالآخر.
وبحسب سيناريو الفيلم فإن لدى “نمر” تصريح مؤقت لدخول إسرائيل، أو ما يُعرف بالخط الأخضر، حيث يتمرن على يد بروفيسور إسرائيلي في جامعة تل أبيب. ليس لدى عائلة “نمر” وهي عائلة فلسطينية تقليدية أي علم بميول ابنها الجنسية. فالحال في فلسطين تماماً كما هو في أي بلد محافظ لا يتقبل المثليين جنسياً بدون حساسية، فغالباً ما يكون هؤلاء عُرضة للسخرية، بل كثيراً ما يتهددهم خطر القتل على يد من يرى فيهم متعاونين، سواء في الحاضر او في المستقبل، علاوة على ان المثليين من وجهة نظر العامة خالفوا الأعراف السائدة وتخلوا عن شرفهم.
الجدير بالذكر ان بعض المثليين الفلسطينيين ينجحون بالهروب من الحياة الصعبة التي تواجههم في بلدهم لرفضهم اجتماعياً، ويفرون الى تل أبيب، حيث يتعرضون لنوع آخر من المشاكل، إذ انهم يتحولون فورأً الى فريسة لجهاز أمن الـ “شاباك” الإسرائيلي، الذي يستغل وجودهم غير القانوني ويسعى الى تجنيدهم كمخبرين. ويستمر حال هؤلاء كذلك الى ان يحاول أقرباؤهم العثور عليهم. يحظى هؤلاء الفلسطينيون بمساندة جمعيات أهلية في إسرائيل، تسعى لمساعدتهم من خلال توفير لجوء سياسي لهم في أحد البلدان، علمأً ان هذا الأمر يستغرق الكثير من الوقت وترافقه الكثير من العقبات.
الآخرون الأقل حظاً يعيشون في قلق مستمر بسبب ابتزازهم من جانب قوى الأمن الإسرائيلي التي تلعب على وتر خوف المثليين من العودة الى بلادهم من ان ينتهي بهم الأمر كضحايا للتعذيب أو القتل، سواء على يد المقربين أو عناصر في الجماعات الفلسطينية. ويحصل في بعض الأحيان ان يرحل الـ “شاباك” المثليين الفلسطينيين الى الأراضي الفلسطينية ما ان تنتهي حاجته لهم.
ويسعى الشابان نمر وروعي الى فهم ما يدور حولهما، فيما يُبدي جهاز الأمن الداخلي “شين بيت” اهتماماً بالشاب الفلسطيني. حقق “فيلم “الظلام” نجاحأً وقوبل بالاهتمام في المهرجانات الدولية، كما اشترت حقوق عرضه قرابة 30 دولة، فيما حصلت قناة HBO الأمريكية على حقوق عرضه حصرياً في الولايات المتحدة، بالإضافة الى مديح عدد كبيرله من المختصين والمشاهدين الذين عبروا عن آرائهم الإيجابية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. وقد أشاد النقاد بأداء الممثلين في “الظلام”، بمن فيهم ممثلو الأدوار الثانوية.
يُشار الى ان هذا الفيلم يخلو، أو يكاد يخلو، من النمطيات والأبعاد السياسية، كما ليس فيه مسلحون يتعقبون أثر “الشواذ الخونة” لقتلهم. وهذا هو ليس الفيلم الأول للمخرج ميخائيل مائير الذي يتناول فيه ملفاً معقداً مثل المثليين الفلسطينيين، فقد سبق له وان أخرج فيلما يحمل عنوان “غير المرئيين”، وهو حول شابين فلسطينيين هربا الى تل أبيب، حيث يجب عليهما الاختفاء عن الأنظار وان يتحولا الى غير مرئيين.
يُذكر ان “الظلام” هو الفليم الأول للممثل نيكولاس يعقوب البالغ من العمر 23 عاماً. وحول هذا الأمر يقول الممثل الشاب من مدينة حيفا ان “الفيلم يعتبر أول ظهور لي بعمل روائي طويل وكانت تجربة جميلة ومثيرة، ولم أتردد في تجسيد دور المثلي أبداً، لأن المفروض بالممثل ان يجسد كافة الأدوار في السينما. يهمني كثيرا رد فعل الناس عن الدور والفيلم خاصة انه يقدم رسالة مهمة”.
أما الممثلة خولة حاج-دبسي التي أدت دور والدة “نمر” فأعربت عن سعادتها للمشاركة في الفيلم، مشيرة الى انها تعرب في الفيلم عن رفضها تقبل فكرة ان ابنها مثلي جنسياً وتحاول الضغط عليه، وهو ما يتعارض مع وجهة نظرها الواقعية، إذ تعتبر الفنانة انه ينبغي على الأهل تقبل أبناءهم كما هم، بغض النظر عن ميولهم الجنسية أياً كانت.
وتتفق خولة حاج-دبسي مع نيكولاس يعقوب حول أهمية دور السينما في التأثير على آراء الناس، مشيرة الى أهمية طرح شتى القضايا الاجتماعية ومناقشتها “لأنها من واقع حياتنا”، مضيفة ان رفض التطرق لاي موضوع لا يعني انه سيختفي من تلقاء نفسه.
قرف الله يقرفكم بدهم يضربونا هلق برجالنا إحنا رجالنا رجال عن حق و بناتنا أخوات الرجال و يا جبل ما يهزك ريح!!!!!!!