“جايين الدنيا ما نعرف ليه ولا عايزين إيه.. مشاوير نمشيها بخطاوينا.. نمشيها فى غربة ليالينا.. يوم تفرحنا ويوم تجرحنا.. واحنا ولا احنا عارفين ليه جينا.. وزي ما جينا جينا.. ومش بإيدينا جينا.. زي ما رمشك خد لياليا وحكم وأمر فيها وفيا.. ولقيت بيتى بعد الغربة قلبك ده.. وعيونك ديا.. ولقيت روحي في أحضان قلبك بحلم وأصحى وأعيش على حبك.. حتى فى عز عذابي بحبك عارف ليه من غير ليه يا حبيبي بحبك”.. هذه كلمات مرسي جميل عزيز التي كتبها ليشدو بها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ, لكنه رحل قبل أن تكتمل بعد بروفات, قد أجراها مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب.
وفى 30 آذار من كل عام تحل ذكرى العندليب الأسمر، ويبدو أن آذار هو شهر الأحزان والأوجاع، كما كان يعتقد الإنسان المصري القديم، حيث يتردد أن فيه يقتل الطفل، وتمرض المرأة الحامل.
رحلة العندليب عبد الحليم حافظ الفنية، 25 عاما، قال عنها: “حياة رائعة بكل ما فيها ألم” حيث كان يؤمن بالمثل القائل “لا يصنع الإنسان العظيم، سوى ألم عظيم”، لذلك استطاع أن يهزم يأسه بالصبر ويستنشق أنفاس الأمل بطموح وتحد وإصرار.
روايات الحب فى حياة العندليب كثيرة والشائعات عن زواجه أكثر, وقد أسهب الدكتور هشام عيسى فى تكذيب كل شائعات زواجه, وكذلك المصور الكبير الراحل فاروق إبراهيم الذى سجل حياة عبد الحليم بالصور.
وكان الشاعر الغنائي الراحل محمد حمزة حكى عن آخر قصة حب فى حياة عبد الحليم حافظ, والتى اعترف بها العندليب له, وكانت فتاة فى السابعة عشرة من عمرها, وكان حليم صديقا لجدها الوزير وبلغ الحب مبلغه لدرجة كان يذهب إلى جدها بصفة مستمرة ليشاهدها.
وحاول محمد حمزة وبليغ حمدي عندما كانا مع العندليب بلبنان فى إبعاده عن تلك القصة, لكنه رفض واعتزم أن يتقدم لخطبتها, لكن قبل أن ينطق فاجأته الفتاة بقولها “أنا اتخطبت هتغني فى فرحي يا عمو”, وكانت صدمته عندما تبين حقيقة مشاعرها نحوه, حيث اعتبرته بمكانة الأب وليس الحبيب, بعدها اختار العندليب أغنيته “من غير ليه” التي رحل ولم يكملها.
وكان قد سجل بصوته أغنية “حبيبتي من تكون” كلمات الشاعر خالد آل سعود وقال فيها: “صغيرتى أنا لن أقول شيئا وأبدا أبدا لن أقول.. فحرصي عليكي كحرص نفسي على الحياة لكى تطول.. صغيرتي لا تخافي واهدئي.. ولا تبالي أنني يا حبيبتي أخف هواك عن العيون فكيف مني يعرفون”.
حليم حول الأغنية العاطفية إلى سيناريوهات درامية تحلق بخيال العاشقين كرائعة “فاتت جنبنا” التى كتبها حسين السيد ووضع موسيقاها محمد عبد الوهاب، ورائعة “حاول تفتكرني” التى وصف فيها رحلة الحب والشك والذكريات، وكانت كلماتها تتطاير على جبين الذكريات، وتروض نوتات القلب العاطفية، خاصة مقطع “إن مقدرتش تيجي تاني.. ونسيت زماني ونسيت مكاني.. ابقى افتكرني حاول حاول تفتكرني”.