تعتبر كواليس الأفلام السينمائية عالماً مليئاً بالأسرار والحكايات لا يعلم عنها المشاهد شيئاً، سوى ما يراه من مباراة فنية يتنافس صناعها للحصول على إعجابه وتقديره لمنتجهم الفني، لكن ما لا يعلمه المشاهد أن هناك العديد من الأحداث والمواقف الكوميدية والمحرجة أيضاً لأبطال العمل الفني، قد تصل حدة تلك المواقف إلى مرحلة العداء الفني بينهما طوال مشوارهم السينمائي.
ومن أشهر تلك المواقف ما تعرضت لها الفنانة كاميليا التي هي واحدة من نجمات الزمن الجميل، والتي لم تمهلها الأقدار للعيش طويلا تظل واحدة من جميلات السينما المصرية التي التف حولها المنتجون، وتركت بعد وفاتها لغزًا كبيرًا.
قبلة في نهار رمضان مع كمال الشناوي
كاميليا تعرضت لموقف طريف أثناء تصوير فيلم «شارع البهلوان» 1949م، مع المخرج صلاح أبو سيف، والفنان كمال الشناوي، حيث طلب المخرج من كمال الشناوي أن يصور مشهد تقبيله لكاميليا، ولكنه صدم عندما رفض الشناوي.
وروى مخرج الفيلم صلاح أبو سيف، خلال أحاديث سابقة مسجلة، أن تصوير أحداث الفيلم كان في شهر رمضان المبارك، وطلبت من الشناوي تقبيل كاميليا كما تقتضي تفاصيل دوره في الرواية، ولكن الشناوي رفض بحجة عدم إفساد صيامه، قائلًا: «أنا صايم.. مش ممكن أبوسها».
وتابع :”حاولت جاهدًا إقناعه بالعدول عن موقفه، واستعرضت له كم الخسائر التي أتعرض لها نتيجة توقف التصوير، بالإضافة إلى استحالة تصوير ذلك المشهد بعد الإفطار، وأوضحت له أنه من الظلم إجبار الزملاء الفنيين على العمل طوال اليوم، وبالفعل أقنعت الشناوي بوجهة نظري الفنية ووافق عليها”.
ويستكمل صلاح أبو سيف روايته، على الجانب الآخر عندما تساءلت كاميليا عن سبب تأخير تصوير المشهد، أجابها أحد العاملين برفض كمال الشناوي تقبيلها في المشهد، مما أدى إلى غضبها بشكل كبير، وقالت لأبو سيف إنها ترفض تقبيله هي الأخرى ولديها كبرياء فني، مضيفًا: «حاولت جاهدًا شرح وجهة نظر الشناوي في عدم تنفيذ المشهد نتيجة لصيامه وخوفه على إفساده وليس هناك شيئاً آخر».
ويسترسل صلاح حديثه بعد إقناع الطرفين بتمثيل المشهد، وكانت كواليس التصوير تعج بحالة من الغضب الشديد بسبب التأخر والإجهاد على العاملين نتيجة الحر الشديد والصيام، انتهى تصوير المشهد، قائلاً: «كانت أعظم قبلة أخرجتها في جميع أفلامي بسبب صدق وإحساس الشناوي وكاميليا أثناء التصوير».
ومن الطرائف المبكية، حسب تصريحات أبو سيف، أن تلك القبلة التي كانت محل خلاف النجمين قد حُذفت من أحداث الفيلم بناءً على طلب الرقابة بسبب جرأتها وقوتها على حد وصفهم.
فيلم «شارع البهلوان»
فيلم «شارع البهلوان» طُرح عام 1949، ودارت أحداثه في إطار كوميدي حول رجل شرقي متعلم يشعر بالغيرة الشديدة من ماكياج زوجته، ويمنعها عنه، وعليه فإنه يسبب لها المتاعب في كل مجتمع تذهب إليه، مثل الحفلات والنوادي ورغم أن الزوجة تحبه فإنها لا تبادله الشعور بالغيرة، لكنها تضعه في مواقف محرجة، لأنه أيضاً جميل المحيا، ناعم الشعر، جذاب النساء، وعلى المقابل يوجد رجل من أثرياء الحرب ذوي الأصول المتواضعة، يتفاخر دائماً بأن زوجته تطيعه بلا حدود، وشارك في بطولته إسماعيل ياسين، ولولا صدقي.
من هي كاميليا؟
كاميليا هي فنانة مصرية بلغ رصيدها الفني عشرين فيلمًا، إستطاعت من خلالهم أن تصبح واحدة من أشهر نجمات السينما، وإن كان الحظ لم يسعفها بسبب وفاتها المفاجئة وهي في عمر الـ 31 عامًا، فإنتهت قصة حياتها المليئة بالأحداث التي عاشتها كاميليا، وكانت تحلم بالثراء والشهرة.
زادت شهرة كاميليا في منتصف الأربعينيات لتصير النجمة المصرية الأكثر روعة والأعلى أجراً، عام 1946 عندما كانت في عمر السابعة والعشرين رآها المخرج أحمد سالم، في مناسبة عامة وقد رأى فيها وجهاً جديداً، تعاقد معها ووضعها تحت الإختبار لفترة، ووعدها بأن تصبح فنانة مشهورة، لذلك قام بتدريبها على التمثيل والرقص بتوجيه من مدربين محترفين وبدأت حياتها الفنية.
اعترضت والدتها على العمل كممثلة، وسرعان ما أصيبت الفنانة بخيبة أمل من تجربتها، فقد كانت لهجتها العربية مصحوبة بلكنة أجنبية، وتعلمت اللغة العربية حتى أتقنتها وذهبت إلى السينما مرة أخرى.
بدايتها الفنية
ساعد في ظهورها الكاتب يوسف وهبي في فيلمه “القناع الأحمر”، وقد ارتبط اسمها بالملك فاروق في ذلك الوقت، ذيع على نطاق واسع أن بينهما علاقة عاطفية.
صعدت كاميليا إلى النجومية بسهولة جداً وأصبحت صورها على غلاف المجلات والصحف، وظهرت شائعات بأنها على علاقة بالفنان “رشدي أباظة”، بعد أن رآها الملك فاروق على غلاف المجلة انجذب إليها، وأثارت إعجابه، وحاول أكثر من مرة أن يودها، ويقال أنها أصرت على الرقص والغناء عندما رأته لأول مرة في إحدى الحفلات، وقد قضت عدة سنوات في شهرة واسعة، قبل أن تصبح هذه المشكلة أكثر خطورة وتحدث الحرب العربية الإسرائيلية وظهور دولة إسرائيل، وتبدأ في عملية التجسس.
ديانة الفنانة كاميليا
بالنظر إلى الديانة لـ “كاميليا”، فهي تحمل اسماً يهودياً، وديانة مسيحية، وتدور شائعات قوية بأنها يهودية بالفعل، قامت والدتها بتعميدها كمسيحية، نشأت في مجتمع الأزاريطة الشعبي بالإسكندرية، وكانت هي ووالدتها فقيرتين تعتمدان على فندق تمتلكه والدتها.
وفاة الفنانة كاميليا
توفيت الممثلة كاميليا في حادث طائرة في رحلة رقم 903، فقد كانت متجهة إلى روما، وقد تحطمت الطائرة بعد إقلاعها في حقول في البحيرة شمال غرب القاهرة في يوم 31 من أغسطس عام 1950.
حتى يومنا هذا، لا يزال تفسير سبب الانفجار على طائرتها غامضًا، هناك شائعات بأنها كانت جاسوسة لإسرائيل، وأن حادثها تم التخطيط له بعناية من قبل المخابرات المصرية، أو تم قصف الطائرة من قبل الإسرائيليين، وقد رجح البعض أنه مجرد حادث عادي، وقد تم العثور على جثتها نصف متفحمة تحت الأنقاض، صلت والدتها عليها في كاثوليكيا في كنيسة القديس يوسف في الانتكخانة، لقد مضى 73 عامًا على وفاة الفنانة كاميليا، ولم يتم الكشف عن تفاصيل قصة مقتلها، لذلك لا يزال سر الحادث سرياً، وتم تسجيل القضية “ضد مجهول”.