لم يعهد السعوديون إطلالة بعيدة عن الكوميديا والضحك للنجم ناصر القصبي في شهر رمضان الذي قدم خلاله في آخر 20 عاماً سلسلة “طاش ما طاش” و “عيال قرية” و”سيلفي”، إلا أن الجميع يترقب ظهوراً مختلفاً في رمضان 2018 عبر المسلسل الدرامي “العاصوف” الذي يتناول الحياة في العاصمة السعودية الرياض خلال حقبة الستينات والسبعينات، وما صاحبها من تغيرات اجتماعية واقتصادية وفكرية.
وهذا النوع من الأعمال التي توثق لمراحل مهمة في التاريخ المحلي تفتقر إليه الدراما المحلية التي سقطت في وحل الكوميديا ولم تستطع الخروج منه، وكان أحد أسباب ذلك التأثر بالنجاح الذي صنعه مسلسل “طاش ما طاش” على المتلقي وانعكاسه على توجه الدراما أيضاً، وبات الجميع يدور في حلقة محاولة استنساخ التجربة.
اليوم من خلال “العاصوف” التجربة الجديدة لصانع الدراما المحلية التي يجب أن يكتب لها النجاح لتعيد للدراما المحلية اتزانها ومسؤوليتها، أمام الجيل الحالي من الشبان والفتيات الذين سيكونون أمام وثيقة مرئية ومشروع إنساني وفني مهم يعيدهم إلى الماضي الذي أثر على حاضرهم ووجدوا أنفسهم امتداداً له، وإلى الحياة التي عاشها الآباء والأمهات ببساطتها وسذاجتها وتعقيداتها أيضاً، ويأمل المتابعون أن يكون “العاصوف” الذي يستحوذ على الأضواء تجربة فنية عميقة وعلامة فارقة في تاريخ الدراما بالمنطقة.
كتب “العاصوف” الدكتور الراحل عبدالرحمن الوابلي وآمن به ناصر القصبي الذي أجل تنفيذه أكثر من مرة، والمتابع لأعمال الوابلي في الحلقات التي كان يقدمها لـ”طاش” تحديداً يجد فيها سمة البناء القوي كنص، و كان يجدف بعيداً عن أجواء دراما (المعاملات والمكاتب) أو المباشرة والأساليب الوعظية، وواجه بقلمه التزمت والتشدد ووقف أمام خصومه بشجاعة وفكر متقد، الوابلي المتخصص في التاريخ عاش المرحلة التي كتب عنها بتفاصيلها.
وكان شاهداً على ذلك العصر، وهذا النوع من الأعمال لن نستبق الحكم عليه مبكراً قبل استيعاب الصورة كاملة، و”العاصوف” تحول اليوم من فكرة إلى مشروع قد يصل إلى 5 أجزاء في حال نجاحه، والحكم الوحيد كما قال ناصر القصبي للجمهور، الذي تشكل شريحة الشباب السواد الأعظم منه.