الممثل الإسباني “خوسيه لويس دي فيلالونجا”، عندما أسعده الحظ بصداقةٍ مع النجمة “أودري هيبورن” وعائلتها تحول من نبيل إسباني مستهتر ونجم محلي إلي أحد نجوم هوليوود، لكنه، في وقت متأخر من حياته أساء لسمعته بنفسه عندما اعترف في: “مذكرات غير موثوق بها”، بأنه كان يعامل زوجته الأولي بقسوة، وبأنه عندما رآها تنام أثناء حفل زفافهما قضي تلك الليلة في بيت دعارة بين أحضان عاهرة فرنسية!
في الجزء الثالث من هذه المذكرات حكي “خوسيه” أن شركة “بارامونت” أقامت علي شرف البروفيسور “آلبرت آينشتاين” عشاء كوكتيل دعت إليه عددًا كبيرًا من نجوم هوليوود، كان في “لوس أنجلوس” لإلقاء محاضرة في الجامعة، وروعي في اختيار هوليوود كمكان للعشاء مع مشاهير هوليوود تلبية رغبة الضيف، والعهدة علي “خوسيه”، وحسب تقدير “خوسيه” أيضًا، ربما كان “آينشتاين” يشعر برغبة قوية في رؤية هذه الكائنات الغريبة عن قرب!
وإني، لضياع مصدر هذه الحكاية، سأعتمد علي ذاكرتي فقط في سردها..
وقف النجوم في انتظار وصول أكبر عباقرة القرن العشرين في خشوع ولهفة، لكن، عندما ظهر الرجل الذي توصل إلي طريقة لتحطيم الكوكب اعتقد بعضهم أنه الكوميديان الأمريكي “جروشو ماركس”، وأثناء مروره، حدث أن بعض النجمات فشلن في السيطرة علي ضحكاتهن، وبقي الرجال المتأنقون مثل “فريد أستير” و “كاري جرانت” للحظةٍ في ذهول، كان يرتدي بنطلونًا رماديًا من الفلانيل عليه بقع كثيرة في كل مكان، وسترة سوداء تآكل لونها عند الأكمام من كثرة الاستعمال حتي صار رماديًا، معلقة بها سلسلة سميكة، يستر قدميه بحذاء علي غرار أحذية عمال المناجم لم ير الورنيش منذ شهور، ومن جيبٍ من جيوب السترة كان يطل نصف قبعة، برغم هذا، استطاعوا القفز سريعًا فوق انطباعاتهم السابقة عنه قبل رؤيته، التفوا حوله مشدوهين، كانوا لا يصدقون أنهم علي مقربة ممن حلم بأن يكونوا ذات يوم قادرين علي التحدث معه، وكان هو يحدق في الوجوه بانفعال طفل صغير وبرائته، وتوقف بنظراته طويلاً فوق وجه النجمة “كاثرين هيبورن”!
بعد زيارة عدة بلاتوهات شهدت إطلاق النار في أفلام ذائعة الصيت أتت لحظة الاستعداد لتناول العشاء، وفجأة، أصيب كل الحاضرين بالذهول، لقد رأوا أغرب منظر يمكن أن يروه في حياتهم!
شب النجم “جيسون روباردس” علي أطرف أصابعه وأشار في ذهول إلي “آينشتاين” وهو يضع علي فخذيه طبقاً من السمك المدخن ويتحدث كصديق مع “فرناندو لاماس”، وساد الصمت للحظة مشوبة بقلق سؤال اندلع في أذهانهم جميعًا!
– هل من الممكن أن يجد “فرناندو لاماس” و “آلبرت آينشتاين” صاحب القدرات الذهنية اللا محدودة، شيئاً يتحدثان فيه؟
كان الممثل الأرجنتيني قد حقق نجاحًا كبيرًا مع بعض النساء لكن الذين عرفوه جيدًا عرفوا أنه كان يملك قدرًا لا بأس به من الغباء!
عندما قال “فرناندو لاماس” في النهاية لـ “آينشتاين” وداعًا، أشار إليه “جيسون روباردس” بكل ذراعه، فاقترب منه بخطوات كسولة، ما جعل الكثيرين يقتربون منهما لعلهم يجدون تفسيرًا لما أدهشهم قبل قليل، وسأله “روباردس” في انفعال:
– ماذا كنت تقول لآينشتاين؟
رفع الممثل الأرجنتيني حاجبين مزججين بدقة، وتسائل:
– “آينشتاين”؟! من هو “آينشتاين”؟!
فقال “جيسون” وهو يحبس غيظه:
– بروفيسور “آينشتاين”، الرجل العجوز الذي كنت تتحدث معه قبل لحظة مضت!
أضاءت وجه “فرناندو” ابتسامة كبيرة، وقال في لا مبالاة:
– آه، ما يسمى “آينشتاين” يشبه طبيب أسنان والدتي! لقد بدا بالنسبة لي يهوديًا!
عندما استشعر “خوسيه” أن “جيسون” علي وشك توجيه لكمة لوجه “لاماس”، تدخل بسرعة:
– “فرناندو”، ألم تقرأ ما كُتِبَ في الدعوة الموجهة إليك؟
– لم أُدع، لقد حضرت مع “دين مارتن”!
– “فرناندو”، من فضلك أخبرنا بما دار بينك وبين “آينشتاين” من حديث!
وبدأت الدائرة تضيق حول الممثل الأرجنتيني الذي سكب كأسًا من الويسكي قبل أن يقول:
– حسنا، أنت تعرف، يا له من كلام رجل مخرف! قال لي إنني محظوظ جدًا لأن أكون ممثلاً لأنني دائمًا محاطٌ بالنساء الجميلات اللاتي يمكنني أن أقبلهن وأمارس معهن الجنس في أي وقت، تخيل! البسطاء يثيرون اشمئزازي دائمًا! ولقد أوضحت له ألا ينخدع بالمظاهر وأن لكل عملةٍ وجهها الآخر، وأن لا شئ في مهنتي يدفع أحدًا للرغبة في احترافها، وأنه في هذا العالم كل شيء نسبي!
في هذه اللحظة، تململ “مارسيل داليو” دون أن يترك موضعه، وصاح “جيسون” بصوت رنان:
– أنت، “فرناندو لاماس”، قلت للبروفيسور “آينشتاين”: في هذا العالم كل شيء نسبي؟!
– حسناً، نعم! ووافقني تمامًا! لأنه قال لي إن لديه أيضًا نظرية حول ذلك، يا له من عجوز مخرف!!
بعد سنوات، والعهدة علي “خوسيه”، عندما كان “بيرون” رئيسًا للأرجنتين، أراد تعيين “فرناندو لاماس” وزيرًا للثقافة، لأن تقارير حكومية شكلت ملفاً ضخمًا حول صداقته الحميمة مع البروفيسور “ألبرت أينشتاين”!
محمد رفعت الدومي