لم يكن أحد ليتصور أن يبلغ جموح شركات الأسلحة وأقسام التسويق التابعة لها ركن الأطفال، ليصبح هؤلاء الصغار زبائن المستقبل والحاضر، ففي الآونة الأخيرة عاش المجتمع الأميركي ما يشبه الصدمة، عندما أقدم طفل في الخامسة من عمره على قتل شقيقته البالغة سنتين، عرضاً بواسطة بندقية صغيرة، هي نفسها تلك البندقية التي يروج لها أحد المواقع التابع لشركة أسلحة.
فموقع “كريكت.كوم” التابع لمصنع الأسلحة “كيستون سبورتينغ آرمز” يتضمن قسما معنوناً “ماي فيرست رايفل” أي بندقيتي الأولى، ويقدم نماذج مخصصة لصغار السن، من بينها بندقية من طراز “22 لونغ رايفل” هي نفسها التي تلقاها ذلك الصبي الصغير من منطقة كمبرلاند في ولاية كنتاكي.
وفي التفاصيل، أن الصبي كان يلعب يوم الثلاثاء الماضي بالبندقية المحشوة، فقتل شقيقته البالغة من العمر سنتين، في حادثة هزت الولايات المتحدة التي لا تزال تحت صدمة المجزرة التي وقعت في مدرسة “ساندي هوك” في بلدة نيوتاون، بولاية كونتيكت، وأودت بحياة 26 شخصاً.
تشجيع الأطفال على الامتثال لمبادئ الصيد
لكن الموقع الإلكتروني المذكور، الذي بات من المتعذر النفاذ إليه منذ بعد ظهر الخميس كان ينشر عشرات الصور لأطفال وهم يحملون البنادق، في حين أكدت الشركة التي تتخذ من ولاية بنسلفانيا مقراً لها، أنها باعت 4 آلاف بندقية صغيرة عند إطلاقها في العام2006 و60 ألفا في العام 2008. وتسعى إلى “ضمان استخدام آمن للأسلحة في أوساط الشباب وتشجيعهم على الامتثال لمبادئ الصيد والرماية”.
يذكر أن تلك البندقية الصغيرة التي يبلغ وزنها 1,1 كيلوغرام وطولها 80 سنتمترا لا تطلق إلا رصاصة واحدة، ويمكن إقفال زنادها، وسعرها يتراوح بين 110 و 140 دولارا. ويزخر موقع “ذي فايرينغ لاين” بالتعليقات التي يؤكد فيها الأهالي “تعلق” أولادهم الذين تتراوح أعمارهم بين الثالثة والخامسة ببنادقهم.
وفي هذا السياق، أكد جوش شوغرمان، مؤسس مركز مكافحة العنف، الذي يطالب بتشريع أكثر صرامة في ما يخص حيازة الأسلحة أن “الكثير من الأسلحة باتت مخصصة للأطفال”، معتبراً أن حاملي الأسلحة باتوا يتقدمون في العمر “والقطاع بحاجة إلى زبائن جدد”، وبغية استقطاب الزبائن، تنظم الجمعيات الناشطة في هذا المجال دورات تدريبية ومسابقات.
في المقابل، أطلقت الجمعية الأميركية لحماية الأطفال، عريضة تطالب فيها الكونغرس “بمنع ترويج أسلحة الأطفال وبيع البنادق الموجهة لأعمار يافعة”. وذكر موقع “كيد شوتينغز” أن الطلقات النارية تودي بحياة 3 آلاف طفل في السنة وتجرح 14 ألف طفل آخر، “وهذه النسبة السنوية توازي إجمالي عدد الجنود الذين سقطوا في العراق”. فالولايات المتحدة بلد شغوف بالأسلحة التي يوازي عددها الإجمالي عدد السكان البالغ 300 مليون نسمة.