فرانس برس- تحت خيمة كبيرة بيضاء مغطاة بالغبار، وسط صحراء الزعتري يجلس أكثر من مئة طفل سوري لاجئ على شكل حلقة، وهم ينصتون بصمت إلى توجيهات المخرج المسرحي والممثل السوري نوار بلبل، الذي بدأ منذ نحو ثلاثة أشهر تدريبهم لتقديم عمل مسرحي لشكسبير ينسيهم أحزان بلدهم الذي تمزقه الحرب.
وبدأ هذا الممثل الذي اشتهر بشخصياته المحبوبة في المسلسلات التلفزيونية السورية خصوصا “أبو يوسف الفلسطيني في مسلسل باب الحارة، مشروعه في مخيم الزعتري، شمال الأردن، الذي يأوي أكثر من 120 ألف لاجئ سوري، يساعده بعض المتبرعين من الأصدقاء السوريين.
ويقول بلبل الذي تعرض لمضايقات في سوريا، بسبب خروجه في مظاهرات مناوئة للنظام، حيث حرم من شغل المسرح والتلفزيون والإذاعة في القطاع العام إن: “العرض الذي يجمع الملك لير بهاملت، بعيد كل البعد عن السياسة والثورة فهو عرض لإعادة إنتاج الضحك والفرح عند الأطفال ليعبروا من خلاله عما بداخلهم، هو عرض لإعادة إنتاج الطفولة، وبالتالي إعادة إنتاج الإنسان الذي دمرته الحرب”.
وأوضح بلبل وهو نجل الكاتب المسرحي المعروف فرحان بلبل: “اخترنا شكسبير تحديداً من أجل لفت أنظار الإعلام الغربي”.
وأعرب بلبل عن أسفه لما آلت إليه أوضاع الأطفال في سوريا، قائلاً إن: “الأطفال بهذا العمر يفترض أن تعبأ رؤوسهم بالعلوم والفنون والموسيقى والألعاب، لكنهم وجدوا أنفسهم في لحظة من اللحظات بعيدين كل البعد عن كل هذه الأشياء، بالتالي ظل دماغهم فارغاً ما سهل عملية تعبئته بأمور ومشاكل الحرب من أمور طائفية ومصطلحات الحرب وبالتالي تجنيدهم لشيء آخر”.
“بان كي مون” مدعو للحضور
ويشارك في العمل الذي يتألف من 6 مشاهد نحو 110 أطفال تتراوح أعماهم بين 11 و14 عاماً، أغلبهم من درعا وريف دمشق، وتمت صناعة السيوف والصولجان والتيجان من مخلفات مخيم الزعتري.
ويؤكد بلبل أن العرض سيقدم في 27 مارس الحالي، وتم توجيه دعوة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عبر رسالة موقعة من قبل أكثر من مئة طفل.
من جانبه، يؤكد عمر نويراني، أستاذ الموسيقى الذي كان يعلم الأطفال كيفية إصدار أصوات الآلات الموسيقية بأفواههم وأيديهم وأرجلهم: “نحن في وضع استثنائي لعدم توفر الآلات الموسيقية”.
وأضاف نويراني أن “تجاوب الأطفال رائع فهم فقط بحاجة لمن يمسك بيدهم ويدلهم على الطريق الصحيح”.
وأبدى الطفل مجد العماري الذي يقوم بدور الملك لير سعادته قائلاً: “في البداية كان كل شيء صعباً، لكن ما إن بدأ العمل وبدأت أضحك مع بقية الأصدقاء حتى شعرت بأني عدت إلى بلدي سوريا”.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسف، فإن مستقبل 5,5 مليون طفل سوري بات “معلقاً في الهواء”، منهم نحو مليون طفل يتعرضون للأذى بسبب النزاع الدائر في سوريا منذ نحو ثلاث سنوات، والذي أوقع 140 ألف قتيل وأجبر 2.5 مليون سوري على الفرار من بلادهم و6.5 مليون شخص على النزوح من منازلهم.