تتميز أعراس بعض المناطق في موريتانيا بطقوس غريبة بعض الشيء، عما هو مألوف في المنطقة العربية، حيث ترتدي العروس اللباس الأسود وتغطي وجهها، تعبيرا عن حيائها من كونها كبرت وأصبحت جاهزة للزواج وهي غير راغبة في ذلك، كما تتنافس صديقات العروس على إخفائها عن العريس ومنعها من الذهاب إلى بيته.
هذه العادات الغريبة ما زالت طاغية على احتفالات الموريتانيين بأعراسهم ويحرص الجميع على احترامها.
والباحث في تقاليد الزفاف في موريتانيا سيكون أمام عالم من الأساطير والعادات المختلفة، لكنها تجتمع في هدفها لإعطاء كل ارتباط جديد بين الرجل والمرأة، “هالة” خاصة رغم أن البعض يذهب إلى حد الغلو في ممارس بعض عادات الموروث الشعبي.
ويقول الباحث محمد السالم في حديثه لـ”العربية.نت” إن العادات التي ما زالت تتحكم في المجتمع الموريتاني تبرز بشكل كبير في الاحتفال بالعرس، فهو فرصة لاكتشاف كمّ كبير من القيم والتقاليد التي تؤطر حياة الموريتانيين خاصة تقاليد “السحوة”، وهو الحياء المفروض اجتماعيا في موريتانيا، حيث تفرض هذه التقاليد نفسها على العروسين وتدفعهما إلى التعبير عن خجلهما وحيائهما.
ويضيف السالم “الموريتانيون يحتفلون بالعرس في حفلات عائلية تحفل بالعادات والتقاليد المتوارثة منذ مئات السنين، ويأتي حرصهم على ممارسة هذه العادات لأنها تحافظ على المظهر الاجتماعي للعوائل، والزائر لموريتانيا سيكون حيال عالم آخر من المعتقدات في نظرتها للزواج ولطريقة الاحتفال بالزفاف الأصيل”.
تباهٍ ومبالغة
ويشير المتحدث إلى أن هذه العادات أصبحت اليوم مجالا للتباري والمنافسة بعد أن غلب عليها طابع المبالغة والتباهي لتأكيد المكانة الاجتماعية ومستوى العلاقات التي تملكها الأسرة، ويرى أن الحرص على العادات الحميدة والأصيلة مهم للحفاظ على الخصوصية والقيم الحضارية دون التباهي بالنسب والقبيلة والإسراف في إكرام المدعوين على حساب سعادة واستقرار الزوجين.
ويطغى التقليد الأعمى على احتفالات أغلب الموريتانيين بأعراسهم من حيث اختيار نوع اللباس و”الإكسسوارات” وزينة العروس وأماكن قضاء شهر العسل، وتكاد تكون هذه الظاهرة عامة وسمة السمات التي تميز احتفالات الموريتانيين بأعراسهم.
ويتميز العرس الموريتاني بحفل الزفة “الترواح”، حيث ترتدي العروس “ملحفة” سوداء وعليها شال أبيض وتغطى وجهها استحياءً وتعبيرا منها عن عدم رغبتها في الزواج، بينما يرتدي العريس “دراعة” بيضاء وعليها شال أسود.
وتعطي الفرق الموسيقية المحلية والرقصات الشعبية نكهة خاصة للأعراس في موريتانيا، ويتنافس أقارب العروسان والمدعوون في تقديم “نقطة العرس” إكراما للعروسين وتعبيرا عن حبهم وتقديرهم لهما، وبعد انتهاء الحفل الرسمي وأثناء انتقال العروس إلى بيت زوجها تبدأ عادة “الترواغ” وهي إخفاء العروس عن العريس إلى غاية أن يجدها بعد تعب.