تتساقط #الأمطار الغزيرة على مناطق واسعة من العالم العربي، في هذه الأيام التي تفتتح فصل #الشتاء. إلا أن المطر الذي نضطر لوصفه بالشديد أو الغزير، يمتلك اسماً مميزاً في #اللغة_العربية، دون أن نضطر لإضافة كلمة، مثلما أن للمطر ذاته، عشرات الأسماء التي قد يكون غاب بعضها عن ذاكرة البعض، إلا أنها لا زالت مستقرة في أمهات العربية.
وأخفّ المطر وأضعفه هو (الطل) ثم (الرذاذ) ثم (البغش) ثم (الدّثّ). بحسب الثعالبي، عبد الملك بن محمد بن إسماعيل، والمتوفى سنة 429 للهجرة، والذي رتّب في (فقه اللغة) أكثر من 30 اسماً بالتوالي، للمطر، عند العرب، هي: الحياء (إذا أحيا الأرض بعد موتها) و(الغيث) (إذا جاء بعد المحل) وإذا دام مع سكون فهو (الديمة) و(الضرب) و(الهطل) و(الهتلان) (المطر الضعيف) و(القطقط) و(الرهمة) و(الغبية) و(الحشكة) و(الحفشة) و(الذهاب).
وإذا كان المطر مستمراً فهو (الودق) ويكون (الوابل) إذا كان ضخم القطر شديد الوقع، وإن تبعّق بالماء، صار اسمه (البعاق)، وإن روى كل شيء صار اسمه (الجود)، وإن كان عاماً صار(الجدا) واسمه (العين) إذا دام أياماً، و(المرثعن) اسمه إذا كان مسترسلا، وإن كثر قطره فهو (الغدق)، وإن كان كثيرا فهو (العزّ)، و(السحيفة) إن كان كثير الصوب، وإن جرف ما مرّ به فهو (السحيتة)، وعندما يقشر وجه الأرض يصير اسمه (الساحية)، وإن أثّر في الأرض من قوة وقعه يسمى (الحريصة)، أما إذا أصاب أرضا هناك وترك أرضا هنا فاسمه (النُّفضة)، وإن كان الإمطار آتيا بعد إمطار متزامن يصبح اسمه (الرصدة)، ويكون اسمه (الولي) إذا جاء بعد مطر معهود كالوسمي، وإن تكرر سقوطه فهو (الرجع)، ويصبح (اليعلول) إذا تتابع الرجع، و(الشآبيب) اسم المطر لو جاء على دفعات.
أغرب اسم يمكن تخيّله للمطر: جارّ الضبع!
وتسمّي العرب المطر بأسماء غريبة علينا، الآن، فيما كانت في أصلها، بالغة الوصف والتحديد الدقيق للمدلول الذي تحمله. ويقول ابن دريد، محمد بن الحسن الأزدي، والمتوفى سنة 321 للهجرة، في (جمهرة اللغة)، إن أشدّ “ما يوصف به المطر” هو في القول: “أصابنا مطرٌ جارّ الضبع”.
ويؤكد (لسان العرب) ما ورد في الجمهرة: “جارّ الضبع أشدّ ما يكون من المطر”. وينقل استعمالاً تناقلته العرب في هذا السياق: “أصابتنا السماءُ بجار الضبع”. ويشرح اللسان سرّ تسمية العرب للمطر بجارّ الضبع فيقول: “جارّ الضبع، أشد ما يكون من المطر، كأنه لا يترك شيئا إلا أسالَه وجرَّه”. وينقل: “جاءنا، جارّ الضبع!”. ويوضح ابن سيّده، علي بن إسماعيل، والمتوفى سنة 458 للهجرة، في (المحكم) أن إطلاق اسم (جارّ الضبع) على المطر الشديد، سببه أن المطر يتسبب بسيل يخرج الضباع من وجرها! فيقول: “جارّ الضبع، المطر الشديد” ثم ينقل: “وقيل إن جارّ الضبع، هو أشدّ ما يكون من المطر، كأنه لا يدع شيئاً إلا وجرَّه”.
ويقال: غيثٌ جارّ الضبع، أي أنه غزير إلى درجة دخوله إلى وِجار الضبع، وإخراجها منها.
ومن الأسماء الغريبة للمطر عند العرب، نجد (العدر) وهي تعني الجرأة إضافة إلى أنها تعني المطر الشديد. وبتلازم معنى الجرأة والمطر الشديد، يمكن تخيّل ما هي نوعية هذا المطر الذي سمّته العرب بالعدر.
ومن الأسماء التي غابت في بطون الأمّهات، للمطر، هو القاحف، ويسمى المطر بذلك، إذا جاء بغتةً فيقتحف كل شيء. يؤكد القاموس المحيط، ومعه لسان العرب وتاج العروس.
الشتاءُ كلّه ربيع عند العرب
ومن أسماء المطر عند العرب، المحوة! ويسمى المطر بالمحوة لأنه يمحو الجدب: “إذا تغطى وجهها (الأرض) بالماء حتى كأنها محيت). ورد في محكم ابن سيّده المورد مقولة: “الشتاء كله ربيعٌ عند العرب والمطر عندهم ربيع متى جاء”. ويتفق معه في (محوته) غالب جميع الأمهات.
والمطر يصبح اسمه (الدهن) إذا اقتصر هطله على وجه الأرض، فدهنها.
ومن الأسماء اللطيفة الغريبة التي أطلقتها العرب على المطر، نجد (الخدر). ويرد في المحكم أن العرب أطلقت الخدر على المطر، لأنه (يخدر الناس في بيوتهم).
وكانت العرب تسمّي المطر الأول، بالعهد. يقول الأزهري، محمد بن أحمد بن الأزهر، المتوفى سنة 370 للهجرة، في تهذيبه الذي فتَن ابن منظور، صاحب اللسان.
ومن أسماء المطر، الهكُّ. والمطر الشديد هو الهكّ عند العرب. والمهكوك تقال لمن يتمجّن في كلامه، وتقال لفاسد العقل، واشتق من الأصل لفظ (الهكهكة) وهي كثرة الجماع. فبدمج كل هذه الاستعمالات للكلمة – الهكّ – يمكن تخيل ما يكون عليه المطر عندما أطلقت عليه العرب هذا الاسم.
وتسمي العرب المطر الساكن، بالرّهو. وتسمّي المطر الشديد أحياناً بالهفن، وهي قليلة الاستعمال إلى درجة أهملها فيها كثير من اللغويين، إلا أن (تاج العروس) أثبتها.
عامٌ أرمل وعام جاحد: مطره قليل!
ومن غريب أسماء المطر، القاعف والقعف، والبغي (دفعنا بغي السماء عنا) ينقل موضحاً، ابن سيده. والماعون المطر. والحميم المطرُ الذي يأتي بعد أن يشتد حرّ الأرض. وابن السكيت، يعقوب بن إسحاق، المتوفى سنة 244 للهجرة، يقول إن الهطف هو المطر الغزير.
ويوضح في مؤلفه الشهير (إصلاح المنطق) أن العرب قالت: (عام أرمل) إذا كان قليل المطر، ويكون العام جاحداً، إذا كان قليل المطر، بقول ابن فارس، أحمد بن فارس، المتوفى سنة 395 للهجرة، والذي يضيف محدداً المعنيين الأساسيين اللذين يشتملهما لفظ المطر في العربية، الأول المطر الذي هو الغيث، والثاني المطر الذي يعني نوعاً من (العَدْو). أي أن كلمة المطر في العربية، بحسب ابن فارس، تختزن معنى الماء الساقط من السماء، ومعنى الحركة والمشي، في آن واحد معاً.
ويعطي ابن فارس مثالا: “تَمطَّر الرجلُ في الأرض، إذا ذَهَب!”. وكذلك فإن المتمطّر، فهو الراكب فرسه يجري به!
والشعفةُ، هي اسم القطرة الواحدة، من المطر.
وبالنظر إلى الفيضانات التي ضربت أكثر من منطقة عربية، أخيراً، بسبب غزارة الأمطار، فإن أكثر اسم عربي قديم يناسب المطر الذي سقط عليها هو: جارّ الضبع!
المطر خير لكن الدول العربيه مُهيئه لمطر سحابتين فقط