في الوقت الذي تصدرت فيه أغنية “بربس” للمخرج ماجد العيسى مؤشرات محرك البحث الشهير “غوغل” كأكثر أغنية بحث عنها السعوديون في العام 2016، جاءت الصدمة التي لم تكن متوقعة أن موسيقى هذه الأغنية تم نسخها بالكامل من أغنية ” Travis Porter – Bring It Back” التي طرحها فريق “الهيب الهوب” الأميركي في 2011، في حين يرى البعض أنه من غير اللائق إطلاق مسمى أغنية سعودية على “بربس” كونها مجرد لوحة راقصة بموسيقى وألحان غربية مستوردة وأن إضافة إيقاع شعبي وعبارات “اصقع”، “كمل” و”شربك” لا يعطيها الأحقية بوصفها أغنية محلية، وأن الوصول للعالمية إن كان حقاً مشروعاً لفريق استوديوهات 8IES”” فإنه يستوجب أولاً أن يصل المبدع بفنه وموروثه ورؤيته الموسيقية الخاصة به التي يقدم من خلالها شخصيته وهويته الفنية إلى الآخر، بحيث لا يعيد الصانع الموسيقي المحلي للغرب بضاعته نفسها بعد السطو عليها (دون الإشارة إلى الاقتباس أو مصدر الأغنية الأساسي)، كذلك فإن صناعة “الريمكس” بين الموسيقى الغربية والشرقية لا يعفي من الإشارة إلى مصدر هذه الألوان سواء كانت من الموروث أو مقتبسة من فنانين آخرين.
وفي سياق ذلك أجرينا اتصالاً هاتفياً بالمخرج ماجد العيسى الذي رد على التساؤلات التي طرحناها عليه بإجابة مقتضبة مكتفياً بقوله: “النقد ظاهرة إيجابية، ونرحب به، وأي عمل ينتقد معنى ذلك أنه تحت الأضواء”، موضحاً أن أعمالهم الغنائية القادمة ستكون ذات طابع موسيقي خاص به وفريق عمله.
بعيداً عن السطو
من جانب آخر فإن تنفيذ أغنية “بربس” إذا ما تعاملنا معه كحالة فنية مجردة من أي أحكام مسبقة أو اعتبارات لاحقة، فإننا سنجد أنه على مستوى الحركة والإخراج كانت “بربس” أكثر أعمال المخرج ماجد العيسى تطوراً وذلك ساهم في تحقيقها لأرقام متابعة كبيرة لم يتوقعها القائمون على العمل الذين يملكون اندفاع الشباب، و الكاميرا القلقة الشغوفة بالتجديد واتضح ذلك في كليب “هواجيس” – أكثر أعمال العيسى انفتاحاً- كونه يعبّر عن قضية اجتماعية، ولكنهم لازالوا يفتقدون لصانع الكلمات والموسيقى الخاصة بهم، وتشعر معهم في أحيان بأنهم لازالوا في إطار التجريب وفي حيرة من أمرهم أهي الرقصة أم الأغنية التي ستأخذنا إلى الآخر، ولم تكن في “هواجيس” هذه أو تلك بل وصلوا بالفكرة وثيمة الكليب الرئيسية.
أما بالنسبة لوصول “بربس” ورقصتها إلى الناس فإنه يترك باب التساؤلات موارباً حول هذه الأغنية التي لم تتجاوز مدتها (2:33) دقيقة، وكيف أنها استطاعت بالأرقام فضح مزاج الشارع، وبينت مدى تقبله للأفكار الجديدة ذات الطابع الرمزي حتى لو كانت صادمة له فالمتلقي سيعاني مع هذا النوع من الأعمال لأول وهلة من انطباع البدايات الذي يأتي مصحوباً بوخزة استنكار داخلية متكررة يعقبها انفعال نحو العمل، أو إدمان بعد تقبل الحواس للفكرة واستساغتها، وما بين “الشيلات” و”بربس” تأتي الأرقام لتكشف عن شريحة من المستمعين مرنة وسريعة الاندماج أياً كانت الألوان، حيث شاهد “بربس” على يوتيوب إلى الآن حوالي (40) مليون شخص أعطوا صناع الأغنية المحلية استفتاء مجانيا قد يبدد مخاوف مسبقة لديهم من الذهاب إلى أماكن أبعد في مشروع تحديث الأغنية بهوية خاصة جديدة، مع الأخذ في الاعتبار أن ذلك لا يروق لفئة “السمّيعة” الذين يمثلون طيف المعارضة بالأغنية في كل زمان ومكان، كما لم يرق لنا غض الطرف عن سرقة “بربس”، المفارقة الطريفة أن الأغنية الأصلية المغمورة لم يصل عدد متابعيها إلى 17 مليون رغم طرحها قبل حوالي 6 أعوام.