تصور أنك مهندس كيميائي مصري، أميركي الجنسية ومقيم منذ 20 سنة بالولايات المتحدة، وجالس على مقعدك في طائرة ركاب أميركية قبل إقلاعها، وفجأة تتحدث مضيفة عبر المايكرو، وتناديك باسمك أنت بالذات، وعلى مسمع من الجميع تقول Mohamed Ahmed, Seat 25-A: I will be watching you وترجمتها المذلة: “محمد أحمد، المقعد 25-A سأراقبك” أو بمصريتك العامية: “أنا حاطة عيني عليك” ولم تقلها مرة، بل 4 مرات، ولما شكوت أمرك لم يعتذروا، بل طردوك من الطائرة، وهو ما حدث تماماً لمحمد أحمد رضوان.
قصته التي بدأت بها صحيفة Charlotte Observer الخميس، انتقلت منها إلى معظم وسائل الإعلام المحلية بالولايات المتحدة، كما والعالمية أمس واليوم الجمعة، مع أن ما حدث كان بديسمبر الماضي، لكنه بقي طي الكتمان حتى تم التعرف إليه قبل 3 أيام فقط، وملخصه طبقاً للصحيفة، كما في موقع نظيرتها “واشنطن بوست” الأميركية، أن رضوان البالغ عمره 40 سنة، كان مسافراً من “تشارلوت” كبرى مدن ولاية كارولينا الشمالية، إلى كبرى مدن ولاية ميشيغان، وهي “ديترويت” الشهيرة بصناعة السيارات.
ما إن جلس على مقعده في الطائرة التابعة لشركة American Airlines حتى نادته مضيفة بالعبارة أعلاه، وكررتها بعد دقيقة، ثم قالتها ثالثة مع تغيير أضافته إليها، وقالت: “محمد أحمد، هذا اسم طويل جداً، المقعد 25-A سأراقبك” وأنهت إذلالها له بنداء رابع وأخير، وبأسلوب ما قل ودل A25 You will be watched ومعناها المقصود: “سنعمل على رصدك وأعيننا عليك”. أما تكرار النداء 4 مرات، فربما كانت غايته لفت انتباه الجالسين قربه من الركاب، ليشاركوا هم أيضاً بمراقبته، مع أن أحداً لم يقل ذلك، لا هو ولا أي وسيلة إعلامية، بل هو تخمين وافتراض، مستند إلى أن نداءها كان علنياً، لا بينها وبينه فقط.
واتهمته بأنه “حساس جداً” ثم تركته وغادرت
النداء الرباعي المذل سبّب صدمة كبيرة للمهندس الكيميائي، وفق ما أخبر به “تشارلوت أوبزرفر” المضيفة أنه شعر بصدمة كاملة، وقال: “أنا أسافر منذ 30 سنة تقريباً، وبحياتي لم أسمع شيئاً مماثلاً قبل الآن” وأكد أن المضيفة لم تقم بتوجيه النداء إلا له وحده، وفقاً لما نقلت عنه محررة الخبر Siddharth Vodnala التي اتصلت بها “العربية.نت” لتحصل منها على رقم هاتفه لتتحدث إليه، لكنها لم تجدها. كما اتصلت بالمحامية “مها سيد” ولم تجدها، فتركت لها رسالة بشأنه في “المجيب الآلي” وهي محامية ممثلة في واشنطن عن “مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية” المعروف في الولايات المتحدة باسم CAIR اختصاراً، وتحدثت إليها “واشنطن بوست” الخميس، فطالبت باجراء تحقيق رسمي حول ما لحق بالراكب من مهانة.
يمضي الخبر، فيذكر أن محمد أحمد رضوان مضى إلى المضيفة ليستفسر منها نداءها المتكرر باسمه، فأخبرته أنها “ستراقب الجميع على الطائرة” ولما سألها لماذا خصته وحده بندائها إذن، انتفضت عليه واتهمته بأنه “حساس جداً” ثم تركته في مكانه وغادرت، وبعدها أقبل نحوه عدد من أفراد الطاقم وتحدثوا إليه، وأخبروه أن المضيفة شعرت بأنها “ليست مرتاحة” (لوجوده) على متن الطائرة، ثم اقتادوه مطروداً إلى خارجها.
رضوان أنهى المقابلة مع الصحيفة بقوله: “شعرت أني غير آمن على نفسي في الطيران مع “اأميركان ايرلاينز” مجدداً” وأخبر أنه أمّن تذكرة فيما بعد كلفته 1500 دولار على طائرة أخرى، وكانت آخر عباراته: “أنا أميركي الجنسية منذ 13 سنة تقريباً، لكني شعرت في تلك اللحظات أن إحساسي بأميركيتي تم انتزاعه مني” كما قال.
الشركة “تنفي التمييز” ولم تنف الواقعة
ووصفت “واشنطن بوست” رضوان بأنه رجل أعمال يقيم بولاية فلوريدا، فيما بقية الخبر هي نفسها تقريباً، ومن دون أن تنشر صورته التي لم تجدها “العربية.نت” بأي وسيلة إعلامية أتت على خبره، سوى في موقع CAIR الذي تحدثت الصحيفة إلى ممثلته المحامية مها سيد، فأخبرت أن “مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية” تقدم بطلب إلى وزارة النقل الأميركية “للتحقيق بالحدث على أنه تمييز” وأنها كتبت إلى قسم حماية المستهلك في دائرة الطيران بالوزارة بأن أفراد طاقم الطائرة طردوا منها رضوان “فقط لأنه مسلم” وفق تعبيرها.
ولم تجب “أميركان ايرلاينز” على اتصال استفساري أجرته “الواشنطن بوست” بها حول ما حدث، وفقا لما ذكرت الصحيفة، إلا أن “العربية.نت” قرأت في نسخة الولايات المتحدة بموقع The Huffington Post المتعدد اللغات، وهو أميركي “أونلاين” وإخباري، أن الشركة “نفت تمييزها له” لكن محاميته تحدثت إلى الموقع وقالت إن “أميركان ايرلاينز” لم تنف في معرض نفيها تمييزه وقائع ما حدث له من إذلال مزدوج على طائرتها.