كنت واحداً من 40 ألفا اشترى كل منهم تذكرة يانصيب بمبلغ 100 يورو، أي تقريبا 137 دولارا، ليكون الريع لصالح مدينة صور اللبنانية، المصنفة من “اليونيسكو” كتراث عالمي.
اشتريت تذكرتين، ورحت أتخيل نفسي وقد ربحت ما يسيل له اللعاب، وهي لوحة لبيكاسو رسمها في 1914 وثمنها مليون دولار على أقل تعديل، إلا أن روليت الدنيا دارت وتوقفت عجلاتها أمام أميركي ربحها وحده، فمبروك لشاب عمره 25 سنة وهبطت عليه أكبر هدية لمناسبة عيدي الميلاد ورأس السنة.
الأميركي الذي تعبت “العربية.نت” لتحصل على رقم هاتفه، وبقيت تتصل به لأكثر من ساعتين لتتحدث إليه، اسمه جيفري غونانو، وصورته وجدناها في موقع “غوغل بلس” التواصلي، وفيه أمطرت الدنيا عليه بالتهاني من عارفيه وما شابه، مع معلومات وردت عنه قليلة ولا تلبي أي فضول، فهو يعمل بشركة تبيع أجهزة مكافحة الحرائق، ويقيم في منطقة “ويكسفورد” بولاية بنسلفانيا، ولا شيء غير ذلك.
أما لوحة “الرجل بقبعة” أو L’Homme au gibus بالفرنسية، فقام أوليفيه بيكاسو، حفيد الرسام الإسباني العالمي بابلو بيكاسو، بجولة عالمية لبيعها بيانصيب عالمي نجح فيه ونظمته في فرنسا “دار سوثبيز” للمزاد الشهيرة، فطرحت 50 ألف تذكرة عبر موقعها بالإنترنت، ليتم تخصيص قيمتها لصالح “الجمعية الدولية للمحافظة على مدينة صور في لبنان” المصنفة من مؤسسة اليونيسكو كتراث عالمي.
فوزه باللوحة يفرض عليه اقتراض ربع مليون دولار
ولم تتمكن “سوثبيز” إلا من بيع 40 ألف تذكرة، قيمتها 5 ملاين و500 ألف دولار، وهي ما سيتم تخصيصه لتمويل مشروعين: إقامة مركز في صور لتعليم الشباب والنساء والمعاقين بعض المهن اليدوية التقليدية، والثاني إقامة معهد خاص بالتاريخ الفينيقي في بيروت، وكله بفضل صحافية فرنسية ومقدمة برامج تلفزيونية اسمها بيري كوشان، وأصلها لبناني، وسعت منذ البداية لإقناع حفيد بيكاسو بتخصيص اللوحة المعتبرة إحدى أشهر الأعمال التكعيبية لجده الفنان الراحل.
وجرت القرعة ليلة أمس الأربعاء في صالة مزادات “سوثبيز” بباريس، وتكهربت أعصابنا في لندن انتظارا للنتيجة، ثم جاءنا الخبر: الجنرال حظ كان حليفا في معركة التنافس بين 40 ألف حالم باللوحة لمطفئ النيران جيفري غونانو، الأميركي الذي يبدو أنه أقفل خطين هاتفيين باسمه في ولاية بنسلفانيا، لكثرة ما اتصل به، “العربية.نت” وغيرها من أصدقائه والفضوليين.
ربما أراد الانفراد بنفسه بعيدا عن أي إزعاج للتفكير في كيف سيتصرف باللوحة وقيمتها المليونية في بلاد قرأت “العربية.نت” أن مصلحة الضرائب فيها تتقاضى 25% من قيمة أي جائزة غير مالية يفوز بها أحدهم، وعليه أن يدفعها مسبقا، لأنه لو تسلمها قبل الدفع فقد يغادر البلاد ولا يعود، لذلك فأول ما سيفعله إطفائي الحرائق الشاب هو الاقتراض ربع مليون دولار من البنك.