غادرت الأم الأوزبكية إلى بلادها، أمس، بعدما قضت وقتاً أطول مع ابنها الذي عثرت عليه بمساعدة شرطة دبي، أخيراً، بعد 18 عاماً من اختفائه رضيعاً، وهو في سن ثلاثة أشهر.
وقالت الأم لـ«الإمارات اليوم» قبيل مغادرتها الدولة، إنها قضت أسعد لحظات حياتها مع ابنها خلال عشاء دعاها إليه، أول من أمس، بحضور صديقته الأوروبية، مؤكدة أن هذا منحها شعوراً عميقاً بالراحة، لأن الجلسة التي استمرت ثلاث ساعات كانت ودية، وشعرت بأنه جعلها أقرب إلى حياته الشخصية. وكان اللقاء الأخير بين الأم وابنها شهد عناقاً دافئاً، إذ أحضرت له دمية عبارة عن «دبدوب» اشترته له وهو رضيع، واحتفظت به 18 عاماً لتعطيه له حين تعثر عليه مجدداً.
وأكد مدير إدارة حماية المرأة والطفل المقدم خالد لوتاه، الذي أشرف على عملية التواصل، أن تطورا لافتا حدث في علاقة الأم بابنها في اللحظات الأخيرة، إذ بدا الشاب أقل جفاء، وبات يتقبل نسبياً أن المرأة هي أمه البيولوجية التي منحته الحياة، بعدما بدا متحاملاً عليها في البداية بسبب ادعاء والده أنها تخلت عنه مقابل أسهم بملايين الدولارات.
وقال إن الأم أصرت على القدوم إلى القيادة العامة لشرطة دبي قبل سفرها مباشرة، حيث قابلت مدير الإدارة العامة لحقوق الإنسان العقيد محمد المر، وأكدت أن ما فعلته شرطة دبي معها لا يمكن أن تنساه، وتمنت لو قبلت رؤوس كل من ساعدها في تحقيق حلم كاد يبدو لها بعيد المنال.
وأضاف أن سعادته شخصياً لا توصف لأن الإدارة كانت سبباً في لمّ شمل أم بابنها الذي لم تره منذ كان عمره ثلاثة أشهر، ونجحت في التقريب بينهما. كما أن دبي كانت هي نقطة الالتقاء في قصة أقرب إلى الخيال، ينتمي أطرافها إلى أكثر من دولة.
وتوقع أن «يزول الجفاء من جانب الابن قريباً، لأنه ظهر في الساعات الأخيرة بحالة مختلفة كلياً عن الحال التي ظهر عليها في البداية، إذ بدا مهتماً بالاطمئنان على أن أمه تقيم في مكان لائق، وحرص على قيام سائقه بتوصيلها وإحضارها، وقضيا معاً وقتاً جيداً خلال عشائهما الأخير، كما تعامل معها بطريقة جيدة، ومرونة تامة، على العكس مما بدا عليه في جلستهما الأولى».
وأكد لوتاه أن «موقف الشاب طبيعي، ويثير الشفقة عليه، لكنه سيتجاوز ذلك، لأن الواضح أنه إنسان ذكي»، مشيراً إلى أن الاخير أخبره بأن حياته انقلبت رأساً على عقب منذ ظهور أمه.
وكانت القصة بدأت حين تزوج رجل أعمال هندي بالأم الأوزبكية وهي في سن 17 عاماً، ثم انتقل معها للعيش في كينيا، حيث كان يمتلك ملهى ليلياً. وبعد ولادة ابنها بثلاثة أشهر أخذه الأب منها بحيلة واختفى، لتظل 18 عاماً تبحث عنه بلا جدوى، مستعينة بالانتربول الدولي.
وحدث خلال الأشهر الأخيرة تطور في القصة، إذ قرأت الأم خبراً في صحيفة هندية يفيد بسجن الأب على ذمة قضايا مالية في بلاده. وتابعت التعليقات التي كتبها قراء تحت الخبر، فقرأت لأحدهم أن الرجل لديه ابنة وابن اسمه مركب، فأدركت أن هذا هو ابنها، وأن والده غير اسمه إلى اسم آخر حتى يُفشل محاولاتها في التوصل إليه.
وغيرت الأم خطط البحث بعد ذلك، فأرسلت رسائل عبر الانترنت، وتحديداً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، تطلب فيها من صاحب الاسم والعنوان التواصل معها، إلى أن وصلت إليه عبر صديقة له، ثم أرسلت إليه تخبره تدريجياً بالحقيقة، لكنه لم يصدقها.
وعندما حذفها من قائمة أصدقائه، واصلت الأم رحلة البحث حتى علمت أنه كان يدرس في أميركا، وفضل الانتقال إلى دبي، حيث يدرس في إحدى جامعاتها، فحضرت إلى دبي على الفور، ووصلت إليه من خلال الإدارة العامة لحقوق الإنسان.
وأكدت الأم لـ«الإمارات اليوم»، أنها لا تريد شيئاً آخر، فقد حققت لها شرطة دبي حلماً ظلّ يراودها طوال 18 عاماً، وقالت إنها تتفهم المشاعر السلبية التي تسيطر على ابنها بسبب ظهورها المفاجئ في حياته، مشيرة إلى أنها لن تشكل ضغطا نفسيا عليه، وستدعه ينظم حياته بالشكل الذي يريده، ويكفيها علمه بأنها أمه الحقيقية، والساعات القليلة التي قضتها معه.