كشفت دراسة قدمتها مؤخراً مؤسسة مهرجانات مراكش في لقاء تواصلي مع الصحافة، عن خطر الاندثار الذي بات يتهدد الفنون الشعبية بالمملكة المغربية، والذي يختزل تاريخ الموروثات الموسيقية والرقص الفلكلوري والأهازيج الغنائية متنوعة اللهجات والتقاليد.
وجاء اللقاء تمهيداً للدورة الخمسين للمهرجان الوطني للفنون الشعبية، الذي ستحتضنه مدينة مراكش الصيف المقبل، وكذا للإعلان عن انضمام هذا المهرجان إلى المنتدى الأوروبي لمهرجانات موسيقى العالم.
إبراهيم المزند، المدير الفني للمهرجان والخبير في الموسيقى الشعبية، يقول في تصريح لـ”العربية.نت”: “إن الفنون الشعبية المغربية تواجه الآن خطر الاندثار، والخلافة لم تعد مضمونة. المخزون الفني يسير نحو الموت”.
وتابع المزند مبرزاً مظاهر الاندثار، بالحديث عن غياب النساء الذي أصبح واضحاً حسبه داخل المجموعات الفنية الفلكلورية، والذي يعود في نظره إلى كون البادية موطن هذه الفنون التي كانت منفتحة، بدأت تعرف حضور القيم المحافظة الآتية إليها من المدن.
وأضاف الخبير في الموسيقى الشعبية، أن صناع الآلات الموسيقية في انقراض متواصل في كل البلاد، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه لم يبق إلا صانع تقليدي واحد لآلة الرباب، رغم أنها تراث قديم مند عدة قرون، مشيراً إلى أن الفراغ الذي أحدثه انقراض صناع آلة الناي بدورهم، أصبح يدفع الفنانين إلى اقتناء هذه الآلات من صنع تركي وعماني.
وأشار المتحدث إلى أن صناع آلات أخرى لم يبق منهم إلا ثلاثة صناع، مبرزاً أن قيم ثقافة العولمة أصبحت تهدد الثقافات والفنون غير المدعمة والمندرجة ضمن التراث اللامادي، والتي قاومت في نظره الزمن بفضل قيم الاحترام والعصرنة وفن التعايش والتشارك التي تتضمنها هذه الفنون في طياتها، مؤكداً “على أننا نحن المغاربة ومواطني العالم سنخسر كل شيء إذا رأيناها تختفي”.
وفي نفس السياق، يقول كريم العشاق، رئيس مؤسسة مهرجانات مراكش، في تصريح لـ”العربية.نت” إن مظاهر وتأثيرات العولمة والتمدن أحدثت تغييراً كبيراً على المجتمع المغربي، وأضعفت الفنون الشعبية إلى حد تهديدها بالاستمرار.
وأكد العشاق ضرورة توعية المواطنين وصناع القرار بالتهديدات التي يتعرض لها هذا التراث، والعمل على رفع مستوى هذه الفنون المؤسسة للثقافة المغربية، باعتبارها أولوية بالنسبة لهوية البلاد.
وأبان العشاق أن هذه الفنون لا تزال تحمل فرصة كبيرة لجعلها رافعة اقتصادية واجتماعية في سياق السياحة الثقافية المستدامة، موضحاً أن مؤسسته وضعت مشروعاً سيتم العمل به على المدى الطويل للمحافظة على هذه الفنون، ومن ضمنها إنشاء مدينة للفنون الشعبية.
وأوضح أن المدينة المعتزم إنشاؤها ستشمل مركزاً للمؤتمرات، ومسرحاً، واستوديوهات تدريب وتسجيل، ومجمعاً فنياً فندقياً، ومركزاً للتوثيق والأرشيف، ومكتبة إعلامية، ومتحفاً رقمياً أو حتى متحفاً مخصصاً للأزياء والآلات.