على الرغم من المعاناة التي تغرق فيها سوريا، يكافح شبابها في الخارج طالبين العلم والمعرفة، كسبل تساعدهم ربما على رفع جانب من مأساتهم. قصة الفتاة العشرينية سارة أبو شعر، لا تشذ عن هذا السياق، فقد شقت طريقها ولا تزال بنجاح.
فسارة التي ألقت خطاب الخريجين في جامعة هارفرد الأميركية العريقة أمام حضور كبير أواخر شهر مايو، خطفت انتباه كل من سمع كلماتها العفوية والقوية في آن معاً.
تلك الصبية العشرينية أخبرت الحضور عن طفولتها في سوريا والخوف الذي كان مهيمناً في ظل سطوة الدولة الأمنية ومخابراتها.
ولعل أطرف ما قالته يوم توجهت لبوش متوعدة إياه أنها ستصبح مكانه. ففي حوار لصحيفة الشرق الأوسط، روت سارة تفاصيل تلك الحادثة. وقالت “حظيت في الكويت بفرصة العيش في فندق، بسبب عمل والدي، وكثيرا ما ارتاد الفندق شخصيات سياسية واقتصادية بارزة. وكنت أحيانا أرافق والدي وأحظى بفرصة التحدث معهم والإصغاء لحديثهم. تمكنت منذ طفولتي من الاطلاع على التاريخ من أشخاص يكتبونه بأنفسهم، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على نفسي، مما ساهم في جعل تطلعاتي كبيرة. فحين كنت في السابعة من العمر، رافقت والدي في استقبال الرئيس الأميركي بوش الأب، حيث بدا رجلاً له أهمية يحيط به كثير من الأشخاص ويحظى بالاهتمام الكبير. فما كان من “النابليون” الذي في داخلي إلا أن شعر بتهديد سيطرة أحدهم على مملكته الخرافية. وعند سؤال الرئيس بوش لي: “ماذا تريدين أن تصبحي حين تكبرين؟”، نظرت إلى القامة الطويلة المنحنية فوقي، وأجبت: “أودّ أن أصبح الرئيس”، فضحك الرئيس وأجاب مازحاً: “سأعطيك صوتي حينها. تجمدت هذه اللحظة في ذاكرتي من خلال صورة تذكارية عائلية معه، حملتها معي في يوم التخرج، حين شاءت الصدف وعلمت بأن الجامعة ستكرمه في يوم تخرجي، اليوم الذي حظيت بلقائه والحديث معه مجددا. فقد كان لهذه الصورة تأثير مهم على نفسي، فقد منحتني الإحساس بمقدرتي أن أقوم أنا أيضا بدور كبير وفعال في هذا العالم.”
عودة إلى الجذور
إلى ذلك، تؤكد الشابة المندفعة أنها ستعود يوماً إلى الشرق لأن وطنها يحتاج إليها وتقول في حديثها للصحيفة:” بسبب الإحساس العميق بالفرصة التي شعرت أنني حظيت بها، لدي شعور قوي يدفعني للعودة إلى الشرق والقيام بشيء يكون فيه تأثيري المضاعف أكبر بكثير. حين كنت أدرس في هارفارد، كان هناك طالب واحد فقط من مصر بكاملها في صفي، أي هو واحد من 80 مليون شخص. مصر تحتاجه والشرق الأوسط يحتاج أشخاصا مثله، فحين يعود إلى وطنه، يرجح لتأثيره أن يكون فائق الأهمية. وتتابع:” يحزنني كثيراً حين ينصحني شرق أوسطيون حين أعود للوطن بأن أبقى بعيدة عن الشرق الأوسط بعد تخرجي في هارفارد؛ “استمري في تحقيق أحلامك الكبيرة في الخارج، فلو عدتِ، أحلامك ستنهار”. لو تبنى كل منا مثل هذه العقلية، فإن كل أولئك الذين تتاح لهم إمكانية إحداث أي تغيير في عالمهم لن يتمكنوا من تكريس ذلك التعليم والفرص التي أتيحت لهم لصالح عالمهم، وتستمر تلك الدوامة إلى اللانهاية.