بقلم / رشــا أبو شــال
———————
المطلقات تودعن أزواجهن بالغناء والزغاريد
احتفالات لطلاق النساء الموريتانيات
حين تزور موريتانيا وتسمع أصوات الاحتفال ترتفع من أحد المنازل، وقد تسمع صوت ثلاث طلقات نارية في الهواء، فلا تعتقد أن الأمر يتعلق بحفل زفاف أو وليمة.
الأمر سيفاجئك لأن مثل هذه الاحتفالات ترافق عادة الطلاق.. أجل الطلاق يحتفل به في موريتانيا خاصة في القرى والأرياف، وإن كانت هذه العادة “بدأت تختفي” حسب رأي البعض.
منذ مئات السنين عرف المجتمع الحساني (ساكنة الحيز الجغرافي الممتد من وادي درعا جنوبي المغرب إلى حدود أزواد في الشمال المالي) ظاهرة احتفال المرأة بالطلاق مع تسجيل اختلافات من منطقة إلى أخرى.
وفي موريتانيا التي انتشرت فيها هذه العادة بقوة، تستقبل أسرة المرأة المطلقة ابنتها بالزغاريد وعبارات التشجيع والثناء على ما تتمتع به من جمال، في حين يرون في الرجل الذي طلقها “تعيس حظ” وهم يرددون أهازيج وأغان شعبية تتنبأ للمطلقة برجل أكثر وسامة ومالا ومكانة اجتماعية.
يقول رئيس الجمعية الموريتانية لعلم الاجتماع سيدي محمد ولد الجيد إن بعض هذه المظاهر “بدأت تختفي وتنحسر في المدن”، لكنه يؤكد أنها “ما تزال موجودة في الأرياف التي تحافظ على عادات وتقاليد المجتمع الموريتاني القديم”.
وحول أسباب احتفال النساء الموريتانيات بالطلاق، يرى ولد الجيد أنه ليس احتفالا بدافع الفرح وإنما نوع من “الإشهار والدعاية للمرأة المطلقة بأنها جاهزة لتجربة زواج جديدة”.
ويعتقد أمين الآداب الشعبية في اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين الدوه ولد بنيوكْ أن الاحتفال بالطلاق هو “نوع من الطب النفسي غير المباشر للمرأة حتى لا تتأثر بتخلي زوجها عنها”.
ويضيف في حديث معنا أن الأسر الموريتانية تقيم تلك الاحتفالات “ليحس الرجال بأن المرأة تطلقت حتى تزداد فرصها في الزواج ويعلم أكبر عدد ممكن من الرجال أنها مستعدة لزواج جديد”.نكاية في الزوج
يقول المثل الشعبي الموريتاني (زين سعد اشباب تخلات سالم والراجل ما مات) ومعنى هذا المثل بأن المرأة التي تتطلق دون سن الـ40 سعيدة الحظ.
وبعد الطلاق، تحرص النساء الموريتانيات على إقامة مأدبة عشاء أو غداء على شرف صديقاتهن والظهور أمامهن بمظهر المرأة القوية السعيدة بانتهاء علاقتها برجل تعتبر أنه لم يكن جديرا بالزواج منها.
ويرى الباحث في علم الاجتماع محفوظ ولد سيداتي في هذه المظاهر “محاولة من المرأة المطلقة لتغيظ زوجها السابق حتى يتخذ قرارا بمراجعتها مرة أخرى”.
ويضيف في حديث معنا ايضا أن “هذا يجعل الزوج السابق يشعر بالضغط حين يراها تحتفل ويرى الرجال يبدون الرغبة في الزواج بها بعد انقضاء عدتها، فيجعله ذلك يقرر العودة إليها حتى لا يراها زوجة لأحد الجيران أو المعارف”.
وبعد انقضاء فترة العدة مباشرة، تخرج المطلقة في أبهى حللها وقد تزينت وفاحت منها رائحة العطر وضمخت الحناء يديها ورجليها.
يفسر ولد الجيد ذلك بأنه “تعبير من المرأة وأسرتها عن جاهزيتها النفسية للدخول في تجربة زواج جديدة”.
ويقول مثل شعبي موريتاني إن قيمة المرأة بعدد زيجاتها، أي أن الرجل الموريتاني يحب أن يتزوج المرأة المطلقة على عكس نظرائه في بقية المجتمعات العربية.
ويرجع ولد بنيوك ذلك إلى أن “الرجال يريدون امرأة ناضجة وعاقلة وذات تجربة في شؤون البيت قادرة على إدارة المنزل”.
وتشير إحصائيات منظمات مدنية إلى أن نسبة الطلاق تصل 44 في المئة من الزيجات، في وقت ترفض فيه الغالبية العظمى من النساء متابعة أزواجهن من أجل الحصول على حقوق النفقة وغيرها من المستحقات التي تنص عليها مدونة الأسرة.
وتعتبر المرأة الموريتانية أنه من غير اللائق بها التوجه إلى المحكمة لمطالبة مستحقات من رجل تخلى عنها، وينظر أهلها إلى ذلك بأنه “سلوك مرفوض” في كثير من الحالات.
تختلف العادات والتقاليد المتبعة بين الدول العربية والمسلمة، وسوف نتناول في الموضوع العادات والتقاليد المعمول بها في دولة موريتانيا التي تقف في الشمال الأفريقي وتدين بالدين الإسلامي.
عادة ما تتم مراسم الزواج باتفاق العائلتين، وبحضور كبار رجالات تلك العائلات وكبار رجالات القبائل بالمنطقة, ويكتفون بكتابة نصوص عقد الزواج “عرفيا “، ومن ثم يعملون علي تصديقه في وقت لاحق من قبل المصالح ا لإدارية.
وعادة لا يحضر العريس ولا العروس مراسم عقد الزواج، وإنما ينوب عنهم وكلاء من أهلهما,
و تتضمن عقود الزواج الموريتانية غالبا علي شرط مهم, يشترط على الزوج ألا يتزوج للمرة الثانية ومعظم العقود تتضمن شرط “لا زوجة سابقة ولا لاحقة” وإن كان هذا لا يعني خلو الكثير من حالات التعدد الناجحة في موريتانيا.
وإذا حدث وتزوج الزوج مستقبلا؛ فإن للزوجة الحق في عملية الطلاق بصورة آلية.
وعادة ما يكتب في عقد الزواج شرط ينص على قوله تعالى: “فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ”سورة البقرة.
تختلف زفة العروس من منطقة لأخرى, ففي المدن والمناطق الحضرية عادة ما تزف العروسة في رتل من السيارات الفخمة التي تطلق مزاميرها فرحا بهذه المناسبة، وتسير في بطء حتى تلفت الأنظار, بينما ما زالت العروسة في الأرياف والبوادي تزف علي ظهور الجمال، ويلتف حولها الفتيات سيرا على أقدامهن ويسمي هذا الموكب باسم “التراوح” , عادة ما تحاول صديقات العروسة على إخفائها من العريس, ويحاول العريس إيجادها بالتعاون مع العديد من أصدقائه المقربين وهذه العادة من العادات المرحة والمحببة لديهم.
عادة يحاول العريس تقديم مهرا محترما يليق بمقام العروس وعائلتها، وبحسب العادات المتبعة لدى الموريتانيين فإن أهل العروسة عادة ما يردون إليه معظم ذلك المهر، ويكتفون بأخذ ربع دينار فقط من الذهب, تحليلا لعملية المهر المنصوص عليها شرعا.
وتقوم بعض العائلات المترفة بتقديم بعض الألبسة التقليدية والخراف لأهل العريس، وهذه العادة تسمى بعادة “الواجب أو القص” و على الرغم من شظف العيش ما زالت بعض العائلات تصر على أداء هذا العادة.
ترتدي العروسة الموريتانية لباسا يغلب عليه اللون الأسود وعادة ما تخفي وجهها بوضع ملحفة سوداء مزينة بشال أبيض تعبيرا عن خجلها وعدم رغبتها في الزواج ,
تخضب يديها بالحناء وترتدي كل حليها الذهبية , أما العريس فيرتدي دراعة بيضاء وهي عبارة عن جلباب واسع ويطوق عنقه بشال أسود.
من العادات الطريفة التي تمارس إبان عملية الزواج, عملية ما يسمي الحوصة أو الطليسة وهي أن تقوم إحدي النساء بنزع حلية من الحلي التي تتزين بها العروس، ويطلبن من العريس مبلغا ماليا محترما حتى يعمل علي فك حجز تلك الحلية, وإذا لم يدفع العريس المبلغ المطلوب لا يرجعن إليه تلك الحلية.
ونجد أيضا عادة أخرى تسمي بعادة “نقطة العرس”, عادة ما يتقدم أحد المقربين للعريس، ويعلن عن مبلغ مالي محترم كتبرع للعريس في يوم زفافه، وهذا يعد في حالة التحفيز لأهل العريس وأصدقائه للإعلان عما يتم التبرع به من مبالغ كبيرة؛ مما يعد نوعا من التفاخر والتباهي بين الرجال في تلك القبيلة.