سي ان ان — إنه ليس من الأنواع التي قد تسمعون عنها في الوسواس القهري إذ لا يعاني المصابون بهذا الوسواس بالنظافة من أجل التخوف من الجراثيم أو من ترتيب الأشياء من حولهم، بل تطاردهم فكرة واحدة تتمحور حول الخوف من الذهاب إلى جهنم.
ما هو الوسواس القهري المرتبط بالدين؟
الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة يشككون بإيمانهم بالرب لدرجة يمكن فيها أن يغسلوا أيديهم مراراً وتكراراً لدرجة الاحمرار، لأنهم قرأوا في كتاب مقدس ما يحث على النظافة، أو قد يعملون على غسل ثيابهم وأحذيتهم بشكل مفرط فيما لو شعروا بأنهم اقتربوا من لحم الخنزير.
ورغم أن العلماء ليس لديهم معرفة واسعة بسبب الإصابة بهذا الوسواس لكنهم رجحوا بأن الجينات والبيئة المحيطة بالشخص يمكنها أن تساعد في ظهور الأعراض.
لكن البروفيسور ورئيس قسم النفس في جامعة شمال كارولينا الأمريكية، جوناثان أبراموفيتز، قال إن الوسواس الديني مرتبط بعدة عوامل قد تأتي من التوتر والقلق وكيفية التعامل مع الشك، مشيراً إلى أن معظم المتدينين لا يعانون من الوسواس القهري، وأضاف بأن هنالك متدينون قد يتجنبون زيارة الكنائس والمساجد والمعابد لأنها تثير قلقهم.
وأضاف أبراموفيتز إن العديد من الحالات التي شهدها كانوا يتعاملون مع القلق المتأتي بشكهم في إيمانهم بالرب، كما قال: “نحن نتعلم أن نؤمن من دون الحصول على إثبات علمي”، وهذا يمكن أن يشكل لبعض الناس مصدراً للقلق.
ما هي نسبة انتشار هذا الوسواس؟
أشارت إحدى الدراسات المنشورة في مجلة “الأعراض المرتبط بالوسواس القهري” عام 1994 إلى أن “ترتفع نسبة الوسواس القهري المرتبط بالدوافع الدينية في الدول التي تعرف بأنها أقل علمانية إذ وصلت إلى 50 في المائة و60 في المائة من نسبة الحالات المرتبطة بالوسواس القهري في السعودية ومصر.”
وقد حاول علماء تحديد عدد الأشخاص المصابين بهذا النوع بالتحديد، إذ تشير الدراسات في تسعينيات القرن الماضي وأوائل القرن العشرين إلى أن نسبة الهوس بالدين يشكل خمسة في المائة و33 في المائة من حالات الوسواس القهري.
وهنالك نسبة قليلة من المصابين بالمرض من غير المتدينين ولكن خوفهم مستمد من الاختفاء بالموت أو الخوف من إهانة الآخرين قد تشكل عبئاً عليهم.
كيف يمكن العيش مع الوسواس القهري المرتبط بالدين؟
يعمل روبرت والترز، بعد أن كان قسيساً لوثرياً بتقديم الدعم للمصابين بهذا الوسواس الذي عانى منه هو نفسه، من خلال شبكة على الإنترنت باسم “The Scrupe Group”، التي تحوي ألف عضو معظمها مسيحيون من عدة طوائف ويهود ومسلم ويهودي، وفقاً لقوله.
وتهدف هذه الشبكة إلى تقديم الدعم والمشورة للأشخاص لكي يتعلموا بأن يثقوا بحكمهم لتطوير حس لدى الإنسان لتكوين ضميره الخاص به، غير مرتبط بأن يشعروا بالذنب وفقاً للآراء التي يمليها عليهم الآخرون.”
وقد أكد والترز بأن “التعامل مع الوسواس الديني لا يعني أبداً ترك الدين، بل التخلي عن فكرة تحمل المسؤولية الفردية عن الكوارث التي تصيب العالم “، مشيراً إلى أن التعاليم الدينية تستخدم للعلاج من هذا الوسواس.
وفي فترة العلاج يتم الخوض في شكوك المصابين بهذا الوسواس بدفعهم لمواجهة هذه المخاوف، فبعض الطوائف اليهودية، على سبيل المثال، لديها قوانين صارمة حول الفصل بين الحليب واللحم، البعض يقدس هذه الفكرة لدرجة أنهم يملكون ثلاجتين واحدة لوضع الحليب والأخرى للحوم، أما المصابين بالوسواس الديني يمكنهم حتى أن لا يقتربوا من ثلاجة الحليب عند حملهم لأي نوع من اللحوم.
ويقول أبراموفيتز إن العلاج قد يتمثل بتشجيع المريض على حمل اللحم بجانب الثلاجة، وفي الوقت نفسه لا يخالف أياً من القوانين اليهودية.